بعد غلق مخيماتهم .. آلاف النازحين العراقيين يعيشون أوضاعا صعبة
يعيش الآلاف من النازحين العراقيين أوضاع إنسانية صعبة في محافظات الموصل والأنبار وصلاح الدين منذ نهاية أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢٠، إثر إغلاق ١٥مخيما كانت تأويهم بقرار من وزارة الهجرة والمهجرين.
واتخذت العديد من العائلات النازحة بعد إغلاق المخيمات من هياكل المباني داخل المدن وفي أطرافها مأوى لها، فيما نصب عدد آخر منها الخيم قرب منازلها المدمرة وتعيش عائلات أخرى داخل أبنية المدارس.
أبو عباس، اسم مستعار لنازح من الموصل، كان يعيش حتى بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي في مخيم حمام العليل، لكنه اضطر إلى الخروج منه بعد إغلاق السلطات المخيم.
يقول أبو عباس وهو رب اسرة تتكون من سبعة أفراد، "أبلغونا أن المخيم سيغلق وعلينا أن نتركه، طلبنا منهم البقاء لأننا لا نمتلك أي مكان نأوي إليه خاصة أن بيوتنا مدمرة، لكن دون جدوى لذلك تركنا المخيم خلال مهلة الأسبوع التي حددوها لنا".
وكان مخيم حمام العليل أحد أكبر مخيمات النازحين في العراق وأنشأ مطلع عام ٢٠١٧، خلال معارك تحرير مدينة الموصل في ناحية حمام العليل جنوب شرق المدينة واحتضن ٢٠ ألف خيمة.
وعلى الرغم من كونه نازحا من مدينة الموصل الا أن أبو عباس لم يعد إليها وأختار الاستقرار في ناحية حمام العليل.
ويوضح في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "لم أعد للموصل لأن منزلي مدمر بالكامل والأوضاع المعيشية فيها صعبة، لذلك قررت أن استقر في حمام العليل حيث أسكن مع عائلتي في هيكل بيت غير مكتمل، وأسعى من خلال العمل بأجور يومية كعامل من أجل توفير لقمة العيش للعائلة فالحكومة أخرجتنا من المخيمات ولم تقدم لنا أي مساعدات مالية أو غذائية".
ولم تكن مخيمات جنوب الموصل الوحيدة التي أغلقتها الحكومة العراقية بل شمل الإغلاق مخيمات محافظتي الأنبار وصلاح الدين أيضا.
خليف علي، نازح آخر كان يعيش في مخيم المدينة السياحية في مدينة الحبانية بالأنبار (غرب العراق)، ترك المخيم نهاية سبتمبر/ أيلول ٢٠٢٠ وعاد إلى مدينته القائم.
يروي كشف عليّ أنه تعرض والنازحون الآخرون إلى ضغوطات عديدة فضلا عن طلب مباشر من إدارة المخيم منهم بترك المخيم والعودة إلى مناطقهم.
وتابع "أغلق المخيم وأجبرنا على الخروج منه، وعندما عدنا إلى مناطقنا انصدمنا بأوضاعها الصعبة وانعدام فرص العمل والخدمات فيها فضلا عن الدمار الذي لحق بها"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "اضطررت إلى تأجير هيكل منزل صغير جدا لا يستوعب افراد عائلتي لكن لا أملك حاليا حلا أفضل من هذا، فهناك عائلات كثيرة تعيش في العراء وسط انخفاض درجات الحرارة وحلول موسم الأمطار ونقص الغذاء والوقود".
واعتبر عمر الفرحان، رئيس المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، أن عودة النازحين إلى مناطقهم "صعبة" وسط وجود عقبات كبيرة وجسيمة.
ويوضح في حديث لموقعنا "منازلهم مدمرة، والألغام الأرضية تنتشر في المزارع، وتفرض الحكومة والميليشيات القيود على حرية الحركة".
ويشدد الفرحان على أن "ما أقدمت عليه الحكومة العراقية من إعادة النازحين قسرا تعد انتهاكا لحقوق النازحين، وقد تعرض النازحون إلى ابتزاز وتحرش واعتقال تعسفي من قبل الأجهزة الحكومية والميليشيات، فيما تعرض عدد منهم للاغتيال من قبل مجهولين في ظل انعدام كامل للأمن وسطوة الميليشيات".
ويشير رئيس المركز العراقي إلى أن سيارات تابعة للميليشيات اعترضت نازحي مخيم الجدعة جنوب الموصل عند عودتهم وأهانتهم ووجهت لهم الشتائم، كما رفضت ميليشيات أخرى دخول النازحين إلى مناطقهم وأجبرتهم على المبيت في العراء رغم أن غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن.
من جانبه، أكدت وزيرة الهجرة والمهجرين، إيفان فائق جابرو، خلال لقائها مستشار الأمن الوطني قاسم الاعرجي، في ٢٤ تشرين الثاني/ نوفمبر، على أن وزارتها ماضية في استكمال غلق ستة مخيمات أخرى حتى نهاية العام الحالي.
وقالت جابرو في بيان نشر على موقع الوزارة إن "الوزارة أغلقت ١٥ مخيم خلال شهر واحد فقط في فترة قياسية لم تحدث سابقا وهذا يعود جراء التعاون الكبير والتواصل مع مستشارية الأمن الوطني والقوات الأمنية".
وأشار البيان إلى وجود تنسيق عال المستوى مع المنظمات الدولية من أجل ترميم منازل بعض العائلات النازحة ودفع بدلات إيجار لهم لحين تهيئة منازلهم.
ورغم إشارة الوزيرة إلى وجود تنسيق مع المنظمات الدولية إلا أن مكتب نائبة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق شدد في بيان له على أن "قرار إغلاق مخيمات النازحين اتخذ بشكل مستقل عن الأمم المتحدة، التي لا تشارك في القرارات الحكومية المتعلقة بوضع مخيمات النازحين".
وأكد البيان على أن "الأمم المتحدة تتابع التطورات عن كثب، وهي على أتصال مستمر مع الحكومة العراقية بشأن التخطيط لإيجاد حلول دائمة وطويلة الأجل لجميع النازحين الضعفاء في العراق".
ويوضح محمد سليم، رئيس منظمة حباء للتنمية والإغاثة الإنسانية أنه كان ينبغي على الحكومة الأخذ بنظر الاعتبار معالجة مجموعة من المشكلات قبل إغلاق هذه المخيمات.
وأضاف "كان من الضروري حل المشكلات الأمنية للنازحين في مناطقهم ومعالجة مشكلة السكن لأنهم لم يعودوا يمتلكون بيوتا بسبب الدمار التي لحق بها خلال المعارك، والعديد منهم لا يمتلكون أوراق ثبوتية حيث فقدوها خلال نزوحهم وهذا يعرضهم للاعتقال لأنهم لا يمتلكون أوراق تثبت أنهم مواطنون، والمشكلة الأخرى التي تواجههم هي عدم امتلاكهم مصدر مالي لتوفير قوتهم اليومي فأوضاعهم المعيشية صعبة جدا، وكان لا بد من إعادة تأهيلهم ومعالجتهم نفسيا وحل مشكلاتهم قبل إعادتهم".