الطبيبة نغم نوزات أثناء تسلمها الجائزة من ممثلين عن السفارتين الفرنسية والألمانية
الطبيبة نغم نوزات أثناء تسلمها الجائزة من ممثلين عن السفارتين الفرنسية والألمانية

تسعى الناشطة والطبيبة الأيزيدية نغم نوزات التي نالت الجائزة الفرنسية الألمانية لحقوق الإنسان وسيادة القانون لعام ٢٠٢٠، الأحد، لتكثيف جهودها بشكل أكبر من أجل إيصال صوت الناجيات الأيزيديات للعالم والضغط على كافة الأطراف للأخذ قضيتهن بشكل جدي.

وحصدت نوزات الجائزة عن دورها في رعاية الناجيات الأيزيديات بشكل مستمر منذ عام ٢٠١٤، وقدمها لها كل من السفير الفرنسي برونو أوبير والألماني أولي ديل، ضمن مراسم مراسم خاصة.

وهذه الجائزة، ليست الأولى التي تنالها نوزات، إذ حازت على لقب "المرأة الشجاعة"، من وزارة الخارجية الأميركية في ٣٠ مارس ٢٠١٦، لجهودها في مساعدة ضحايا جرائم داعش، وإيصال صوت النساء والناجيات الأيزيديات إلى العالم.

"خيبة أمل"

في مقابلة خاصة مع "ارفع صوتك"، تشير الطبيبة والناشطة نغم نوزات إلى تأثير شهور الحجر الصحي والإغلاق بسبب انتشار كوفيد-19 داخل العراق، على عملها مع الناجيات الأيزيديات.

وتوضح "خفنا كثيراً على الناجيات من الإصابة بالمرض، خاصة أنني أعمل في المستشفى، إذ خشيت أن أكون حاملة لفيروس كورونا وأتسبب في نقل العدوى لهن ثم للمخيمات، عن طريقي احتكاكي بهن".

وبالنسبة للدعم الاقتصادي، تقول نوزات  إنه "غير موجود أساساً"، مضيفةً "لم نحصل على أي تمويل للمشاريع التي قدمناها لمساعدة الناجيات اقتصاديا".

"نشعر بخيبة أمل" تقول نوزات في إجابتها على سؤال "ارفع صوتك" حول مشاعرها اليوم بمرور ست سنوات من العمل مع الناجيات، وتقديم العلاج النفسي والجسدي لهن.

وتعلّل الأمر بأن "شيئاً لم يتغير منذ عام 2014" مضيفةً  "أنا كطبيبة عملت قدر استطاعتي في خدمة الناجيات، لكن بشكل عام لم نتمكن من توفير كل احتياجاتهن، فمشاكلهن ليست نفسية فقط، ولكن الاقتصادية صعبة جداً، والعديد منهن يعشن في مخيمات بائسة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة".

"كما أن عائلات العديد من الناجيات لا تزال مفقودة منذ سنوات، على الرغم من تحرير مناطق واسعة في العراق وسوريا" تقول نوزات.

وتؤكد "لا توجد برامج طويلة الأمد لتأهيلهن بشكل أكبر، وليس لهن معيل، خصوصاً أن بعضهن يعشن مع أقاربهن من الدرجة الثالثة والرابعة، وهم أيضاً يعانون الفقر".

قصص ناجيات لا تُنسى

تمثل الجائزة "حافزاً كبيراً لمواصلة الجهود في الدفاع عن حقوق الناجيات والنساء والاستمرار من أجل تحرير المرأة من أن تكون ضحية للحروب" حسبما تقول نوزات لـ"ارفع صوتك".

وتشير إلى أنها "كامرأة" تواجه عديد التحديات أثناء عملها، مردفةً "في مجتمعاتنا الشرقية لطالما ينظر إلى المرأة نظرة دونية وهذا عائق كبير"

والكثير من قصص الناجيات لا تزال "مزروعة في داخلها ولم تتمكن ذاكرتها من مغادرتها" على حد تعبير نوزات، متابعةً "كنت أبكي مع نفسي عند عودتي من العمل خاصة بعد سماع قصص فتيات صغار لم تتجاوز أعمارهن عشرة أعوام، تعرضن للاغتصاب من قبل مسلحين مسنّين في داعش، وكانت الصدمة ترافقني عدة أيام".

تتابع نوزات "من القصص المؤثرة جداً، لامرأة لم يكن مرّ على زواجها على زواجها ثلاثة أعوام، التنظيم ذبح زوجها امام ثلاث سنوات، قتل عناصر التنظيم زوجها أمام عينيها، ثم اغتُصبت وتم بيعها عدة مرّات".

"وحاولت في إحدى المرات الهروب مع صديقتها لكنهما اختطفتا مجدداً، ليذبح أفراد من داعش صديقتها أمام عينيها فوراً وكادوا يذبحوها لكن توقفوا عن ذلك في اللحظة الأخيرة" تكمل نوزات القصة.

ومن قصص الناجيات الأخريات، تذكر نوزات شهادة فتاة أكدت أنه تم "تعريتها ومختطفات أخريات بحضور عناصر من داعش وزوجاتهم، ثم تصويرهن عاريات" مشيرةً إلى أن "زوجات مسلحي التنظيم كنّ الأكثر قسوة وظلماً من المسلحين أنفسهم، وكنّ يعذبن الأيزيديات شتى أنواع التعذيب، في مقدمتها الحرق والضرب المبرح عدا عن استعبادهن".

أما القصة الثالثة، فكانت لامرأة لديها خمسة أطفال، قتل ثلاثة منهم بالسّم على يد عنصر من داعش كان يحتجزهم جميعاً، بحجة أن الأطفال "أزعجوه ومنعوه من النوم" وفق ما تقول نوزات.

وعن مواقف صعبة تمر بها أثناء الاستماع لقصص الناجيات، تقول نوزات "كطبيبة وإنسانة كنت أعجز عن النطق بالكلمات التي يمكن أن أصبّر بها الناجية؛ لأنني كنت أتألم من الداخل... ما الحل الذي يمكن أن يقدم لشخص مر بهذه المأساة؟!".

"مجروحة من الداخل"

وفي سياق الخدمات والمساعدات التي تقدمها الحكومة العراقية للناجيات، تقول الطبيبة نوزات، إن "الخدمات الصحية في العراق ضئيلة عموماً، وليست بالمستوى المطلوب، وهو ما ينطبق على ملف الناجيات، رغم أن حكومة إقليم كردستان فتحت مركزاً لعلاجهن ومكتباً لإنقاذ المخطوفات في محافظة دهوك، لكنه غير كافٍ".

وتضيف "هناك عدد من الناجيات في سنجار والمناطق القريبة منها حاليا بحاجة إلى مركز لدعم وعلاج الناجيات، ونحتاج إلى دعم أكبر من قبل الحكومة الاتحادية  وحكومة كردستان، أما الخدمات التي قدمتها الحكومة المركزية فتتمثل بفتح المقابر الجماعية".

وعن أهم احتياجات الناجيات اليوم، تؤكد نوزات "الشعور بالأمان والاطمئنان، والدعم الطبي والنفسي والاقتصادي".

"وتشعر الناجيات اليوم أنهن وحيدات، لأن غالبية عائلاتهن وأقاربهن ما زالوا مفقودين، كما أن مسلحي داعش لم يُحاسبوا على ما اقترفوه من جرائم وإبادة جماعية ضد أبناء الديانة الأيزيدية" تقول نوزات.

وتتابع "صحيح أن عدداً من عناصر التنظيم تمت محاكمته بحسب المادة (٤) إرهاب، ولكن ليس عن ارتكابهم الجرائم ضد الأيزيديين، بالتالي يجب أن يُنظر بجديّة لهذا الموضوع".

ما هي العوائق التي تقف في طريق اعادة دمج الناجيات ومعالجتهم؟تقول نوزات "هناك عوائق اجتماعية ونفسية ودينية، صحيح أن الناجيات مرحب بهن في المجتمع الأيزيدي، لكن رغم ذلك تبقى الناجية مجروحة في داخلها كامرأة تعرضت للإهانة وجرحت في كرامتها ولن تنسى هذا الموضوع بسهولة".

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".