نازحون ولاجئون

جائحة كورونا تفاقم الاضطرابات النفسية للمهاجرين

28 ديسمبر 2020

أدى وباء كورونا إلى تفاقم الاضطرابات النفسية التي لوحظت لدى المهاجرين الشباب بسبب رحلة الهجرة الشاقة في كثير من الأحيان، وذلك بسبب زيادة العزلة، وفق ما قالت باحثتان في علم الاجتماع خلال مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية.

في أوروبا، غالبا ما يكون الوضع الاجتماعي والإداري للمهاجرين متفاوتا، فبعضهم أكمل دراسته والبعض الآخر لم يكملها.

من ناحية أخرى، يتمتع هؤلاء المهاجرون بسمة مشتركة تتمثل في كونهم صغارا في السن إذ بلغ متوسط العمر 29,2 عاما في 2019 وفقا لـ"أوروتسات".

كما أنهم في وضع محفوف بالأخطار وفق باتريسيا لونكل الأستاذة في علم الاجتماع بكلية الدراسات المتقدمة في الصحة العامة في رين (غرب فرنسا).

وتقود هذه الباحثة مع أليسيا لوفيبور، عالمة الاجتماع ومديرة الدراسات في الكلية، مشروع بحث حول صحة المهاجرين الشباب قدمتاه على موقع "ذي كونفرسيشن".

الصحة العقلية للمهاجرين أصلا على المحك: 38 في المئة منهم يعانون اضطرابات نفسية (اكتئاب وأفكار الانتحارية، وغيرها) وفقا لمركز بريمو ليفي للبحوث.

وقالت لونكل "لقد مروا بتجارب صادمة أثناء رحلة الهجرة وهم معرضون لأمراض عقلية ونفسية-جسدية".

وتعتبر متلازمة أوليس المتمثلة بالإجهاد المزمن الناجم عن التعرض لأحداث مسببة للقلق على مدى فترة طويلة، واحدة من الأمراض الأكثر شيوعا.

وأوضحت لونكل مشيرة إلى وجود عقبات لدعمهم بسبب نقص المساحة والتدريب اللازم للمهنيين "قد تكون السلوكيات خطيرة جدا، وقد يواجهون نوبات قلق أو هلوسة ناتجة عن الضغط المرتبط بعدم اليقين".
ومنذ بداية الأزمة الصحية، ازداد الشعور بانعدام الأمن بين المهاجرين.
وفي بعض الأحيان، لم يكن يتوافر الغذاء لهم كما ازدادت عزلتهم بشكل حاد.
مساعدة غير رسمية
وقالت أليسيا لوفيبور "لقد وضعنا الناس في أمان لكنهم وجدوا أنفسهم متروكين لتدبير أمورهم بأنفسهم.
واضطرت العديد من الجمعيات الصغيرة لتعليق نشاطها كما تفاقم شعور المهاجرين بالعزلة والتشرد أكثر".
كذلك، توقفت كل المساعدات غير الرسمية مثل ورش العمل وتقديم الألعاب والوجبات الخفيفة التي تنظمها جمعيات لمساعدة المهاجرين.
وتابعت الباحثة "لم يعد هناك دفء بشري من حولهم بحيث يعتمد التفاعل البشري بشكل أساسي على المتطوعين، وقد تدهورت صحتهم العقلية بشكل أكبر".
وفي فرنسا "تهتم الدولة بوضعهم الإداري، لكنهم موجودون فقط بوضعهم كمهاجرين وليس كأشخاص ضعفاء وفقراء للغاية" وفق الباحثة.
وفي شباط/ فبراير، اعتبرت الأكاديمية الوطنية الفرنسية للطب الوضع الصحي للمهاجرين "مقلقا" مستشهدة بمعاناتهم اضطرابات عقلية "بمعدل ست مرات أكثر من السكان العاديين".
وأرجعت ذلك خصوصا إلى عدم استقرار ظروف السكن والنظافة، إضافة إلى التأخر في حصولهم على الحقوق.
ومن بين الظروف الأكثر خطورة، أشارت الباحثتان خصوصا إلى مراكز الاحتجاز الإداري التي بقي بعضها مفتوحا خلال فترات الإغلاق التي فرضت لمكافحة كوفيد-19 رغم استحالة إعادة المحتجزين فيها إلى بلدانهم الأصلية.
وقالت لوفيبور "تعتبر الدولة أن هذه المراكز محطة قبل الترحيل نحو وجهة أخرى. لذا، لم يكن هناك اهتمام بمعاناة المحتجزين. العام الماضي، أدان المراقب العام لمراكز الاحتجاز صعوبة حصول المحتجزين على الرعاية خصوصا النفسية".
ولفتت إلى أن احتجاز الأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية يفاقم حالتهم.
 

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".