نازحون ولاجئون

العراق: لاجئون سوريون بلا عمل ومساعدات إنسانية منذ شهور

دلشاد حسين
14 يناير 2021

يعاني أكثر من 73 عائلة سورية لاجئة من أوضاع صعبة، لغياب المساعدات الإنسانية والخدمات في محافظة الأنبار غرب العراق، بعد إغلاق الحكومة العراقية مخيمات النازحين في المحافظة نهاية 2020. 

وبدأت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية منذ نهاية سبتمبر الماضي بإغلاق مخيمات النازحين في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك.

وشملت الحملة إغلاق 15 مخيما، ولم يتبق سوى المخيمات الواقعة في إقليم كردستان شمالاً، الذي يضم غالبية مخيمات النازحين واللاجئين في البلاد. 

يقول شريف نومان، وهو لاجئ سوري يعيش في العراق مع عائلته منذ سنة 2012، إنه لا يملك الآن سوى "مبلغ قليل من المال لتوفير القوت اليومي"، لأنه فقد عمله كنجار في بناء البيوت منذ أكثر من ثلاثة أشهر، إثر إغلاق المخيمات في الأنبار، حيث كان يعمل في المناطق المحيطة بالمخيم. 

ويناشد نومان الجهات المختصة عبر موقع "ارفع صوتك" بقوله "نحن أكثر من 73 عائلة سورية لاجئة من بلدة البو كمال، نعيش حاليا في حي الفرات بقضاء القائم التابع لمحافظة الأنبار، ونعاني من أوضاع معيشية وإنسانية صعبة لأننا محرومون من المساعدات الإنسانية التي تقدمها الحكومة العراقية والمنظمات الدولية للنازحين واللاجئين، لعدم امتلاكنا أوراق الإقامة ورمز وزارة الهجرة والمهجرين العراقية". 

ويشير الى أن قائم مقامية القائم وزع عليهم وجبة واحدة من مادة النفط الأبيض المستخدمة للتدفئة بأسعار حكومية، وعند تقديم الطلب للحصول على الوجبة الثانية أبلغهم صاحب محطة الوقود أن ذلك غير ممكن. 

وباستثناء العائلات المتواجدة في الأنبار، تعيش غالبية اللاجئين السوريين في كردستان العراق.

وحسب إحصائية صادرة في ديسمبر الماضي عن مركز التنسيق المشترك للأزمات التابع لوزارة داخلية كردستان، يبلغ عدد اللاجئين السوريين في الإقليم 238170 لاجئاً، يعيش غالبيتهم في المدن والبلدات، فيما يتوزع الباقون على عدد من المخيمات. 

خضر النعيمي لاجئ سوري آخر في قضاء القائم، ينتظر الحصول على عمل كي يوفر القوت اليومي لعائلته المكونة من عشرة افراد. 

ويوضح النعيمي لموقع "ارفع صوتك" أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها وعائلته منذ إغلاق المخيمات، تدفعه إلى التفكير بالعودة إلى سوريا.

يقول "أنا مهندس كهرباء لكنني لم أحصل على العمل حتى الآن، ونعتمد حاليا على أحد أبنائي، وهو عامل بناء بأجر يومي قليل جداً، لا يوفر لنا ما نحتاجه من طعام يومي، فأضطر أحياناً لطلب المساعدة من الأصدقاء". 

يطالب النعيمي وغيره من اللاجئين السوريين في القائم الحصول على أوراق الإقامة الرسمية كلاجئين في العراق، كي يتمكنوا من الحركة والتنقل بحرية، والحصول على العمل والخدمات الصحية والتعليم.

ويؤكد "لم ندخل العراق بطريقة غير قانونية، دخلنا كلاجئين بعد تدهور الأوضاع في سوريا وأسماؤنا مسجلة لدى الأمم المتحدة، ودققت فرق الأمن الوطني العراقية بأسمائنا،  فلماذا لا يمنحوننا الإقامة؟". 

بدوره، يشدد مدير فرع وزارة الهجرة والمهجرين في محافظة الأنبار، مصطفى حامد سرحان، على أن اللاجئين السوريين في القائم لم يراجعوا دوائر وزارة الهجرة والمهجرين في المحافظة للتسجيل رسميا. 

ويقول سرحان لموقع "ارفع صوتك": "ستسجل بياناتهم وتثبت لدينا فور مراجعتهم لمكتبنا في قضاء القائم، وهذا مطلوب منهم كي يشملوا بالمشاريع التي تخطط الوزارة تنفيذها للسوريين، وكي نتمكن من تزويدهم بالمساعدات والخدمات اللازمة كلاجئين ونوجه المنظمات الإنسانية لزيارتهم". 

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".