نازحون ولاجئون

في فرنسا .. مهاجرون ينامون في الجليد من أجل فرصة بريطانيا

10 فبراير 2021

أخذت الوحول في مخيمات المهاجرين في كاليه شمال فرنسا تتجمد في الطقس الجليدي، لكن البعض يفضل رغم ذلك النوم فيها بدلا من الاستفادة من أماكن تؤمنها الدولة، لعدم تفويت فرصة الانتقال إلى بريطانيا.

ويقول المسؤول لوي لو فران الذي يمثل الدولة في دائرة با دو كاليه خلال زيارته الثلاثاء لعنبرين قامت السلطات باستئجارهما موقتا في منطقة كاليه الصناعية لإيواء 300 مهاجر في جو دافىء "أتمنى ألّا يبقى ولا مهاجر واحد في العراء هذه الليلة".

وتقسم المساحات لاستيعاب 6 إلى 12 سريرا مفروشة بأكياس للنوم.

ويقوم مهاجرون رجال فقط، لأنه تم اتخاذ ترتيبات أخرى للأسر والقاصرين، بغسل ملابسهم في المراحيض أو يجففونها أمام مصدر حرارة. ووضعها على طاولة حساء في أكياس.

وفي الأمسيات الماضية استخدم 200 سرير من أصل 300 متوفرة وفقا لناتالي شوميت مديرة قسم التعاضد الاجتماعي.

وتؤكد انه تم استقبال 450 شخصا "خارج كاليه" حتى في دائرة لواز الأقرب إلى باريس حيث يتوفر 600 سرير.

وتسمح هذه المراكز بالبقاء خلال النهار في جو دافئ لكن العديد من المهاجرين يعتبرونها بعيدة جدا.

ست طبقات من الملابس

ويقول مهاجر مصري مبتسما وهو يدل إلى عناصر الأمن "الأمور جيدة هنا. الناس لطفاء".

ويشكو آخر قائلا "لكن بعد الظهر يصبح الطقس باردا جدا" كاشفا عن الطبقات الست من الملابس التي يرتديها.

ولا يتوقع ان ترتفع درجة الحرارة الأربعاء فوق الصفر في كاليه.

وعندما يغادر المهاجرون العنابر في الساعة التاسعة صباحا تكون درجة الحرارة 5 تحت الصفر.

ويقول المسؤول لوي لو فران "نلجأ إلى منطق تأمين الأماكن الدافئة ليلا ونهارا. الخطر كبير خصوصا ليلا مع تدني درجات الحرارة أكثر، لأنك قد لا تستيقظ إذا نمت في خيمة".

ويضيف "إذا اضطررنا لإبقائهم في مراكز طيلة النهار سنقوم بذلك".

ويتابع "في الصباح نقترح عليهم نقلهم إلى مراكز استقبال خارج كاليه".

وخلال النهار تعمل جمعيات تكلفها الدولة مهمة زيارة المخيمات على إقناع المهاجرين بالتوجه إلى مراكز الاستقبال.

والثلاثاء شوهد ناشط من جمعية "اوداس" يتحدث بالعربية محاولًا إقناع رجل ممد في خيمة تحت جسر في وسط المدينة بالتوجه إلى مركز استقبال، فيما نصبت عدة قرب المياه تمامًا بما يشكل خطرًا على المهاجرين.

وتقول جولي بيابوا من "اوداس"، "هناك الكثير من العوامل التي لا يمكننا السيطرة عليها كمحاولات العبور والمهربين والضغوط والعديد من الأمور التي تدفع بالكثيرين لرفض الانتقال إلى مراكز الاستقبال".

ومع تمديد مواعيد الدوريات لتفقد المهاجرين حتى العاشرة مساء (21,00 ت غ) تطالب جمعيات بأن تستمر طوال الليل إذ ينام مهاجرون في العراء وثيابهم مبللة بعد غرق مركبهم.

جحيم

ويقول سوداني "نشعل النار ونطهو. هناك اكتظاظ وصراخ وأخاف من أن يسرق أحدهم أموالي".

ويضيف بابالادي الصومالي وعمره 31 عامًا "ليس لدينا ثقة ونحن هنا لنحاول العبور إلى بريطانيا. لا نريد إضاعة الوقت".

ويقر باننا "نعيش جحيما" وهو يدل إلى المكان الذي ينام فيه مع عدد من الأشخاص. فصنبور الماء مسدود واضطر إلى تمزيق خيمته لأنها تجمدت ولم يتمكن من الخروج منها.

ويقول يان مانزي أحد مؤسسي جمعية "يوتوبيا 56"، "يحاولون اقناعنا من خلال حملة منسقة بترتيبات يرفضها المهاجرون لأنهم سيصبحون بعيدين جغرافيا".

ويضيف أن مراكز الاستقبال "مخصصة للراغبين بطلب اللجوء لكن بالنسبة إلى الذين سجلوا أصلا في بلد أوروبي آخر أو الذين يريدون التوجه إلى بريطانيا فهذه ليست حلولا"، مطالبًا بمراكز "استقبال على مدار الساعة دون فحص إداري" قرب مكان تواجدهم.

وتؤكد نتالي شوميت أن "الاستقبال في المراكز غير مشروط. إلى أن يستقر الطقس".

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".