نازحون ولاجئون

حرمان الفتيات من التعليم في سوريا.. "ظاهرة ريفية" كبرت مع الحرب

محمد ناموس
30 مارس 2021

أدت الحرب في سوريا إلى حصول عدد كبير من حالات التسرب الدراسي للفتيات من مدارسهن نتيجة النزوح، وانعدام الأمن الذي أسهم بشكل كبير بتخوّف الأهالي من إرسال أولادهم إلى المدارس. 

ويعتقد الكثير من أهالي الفتيات أن "المكان الطبيعي لهن هو المنزل، وعليهن تعلم تدبير شؤونهن قبل الزواج".

ويرون أنه من الأفضل، إيقاف تعليم الفتاة وتزويجها مبكراً، مشيرين إلى ما تسببت به الحرب، بينما تعبر الفتيات عن المعاناة التي تتسبب بها الأفكار السائدة بهذا الخصوص. 

ويرى محمود الخولي وهو أحد اللاجئين السوريين في تركيا، أنه "لا ضرورة لتعليم ابنته، . يجب عليها أن تتعلم عمل المنزل، في النهاية الفتاة ستصبح ست بيت، وزوجها هو من يعمل، هكذا تعلمنا وهذا هو الصحيح". 

وأجبر محمود ابنتيه على ترك دراستهن والتفرغ لمساعدة أمهما، ويرى أن ذلك هو الأفضل لهما، مشيراً إلى أن "اللجوء والحرب أجبرته على ذلك أكثر من السابق، خوفاً من اختلاف اللغة في بلد مختلف عليه وعلى عائلته". 

من جانبها، رأت سوسن مدوّر، وهي لاجئة سورية في تركيا، أن الشهادات "لا تفيد الفتيات على عكس الذكور، الذين يمكن أن يستفيدوا من شهاداتهم التعليمية".

وتشير إلى أن "معظم الوظائف التي تحصل عليها الفتيات تكون بسبب شكلها ولباسها وليس بسبب دراستها".

كما أن سوسن "غير متمكنة ماديا لتحمّل أعباء تعلّم بناتها، مثل آلاف اللاجئين غيرها" وفق تعبيرها.

 

"الاختلاط مشكلة" 

يعتبر المجتمع السوري مجتمعاً محافظا على العادات والتقاليد الاجتماعية، وتتمثل إحدى صور هذه المحافظة في فصل الشباب عن الفتيات في المراحل المتقدمة من الدراسة في عدد كبير من المدن والبلدات السورية.

ومع تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا، لجأ العديد من السكان إلى مناطق منفتحة نسبيًا تنتشر فيها المدارس المختلطة. 

فيما قرر بعض الأهالي وقف بناتهم عن إتمام تعليمهن، رفضا للاختلاط، و"حماية لهن" من التحرش، كما يقولون.

 

الوضع المادي

في مدن الشمال السوري، حيث انعدام الأمن في بعض مناطقها، اضطر الأهالي لإيقاف تعليم أبنائهم وبالأخص بناتهن، بسبب الأوضاع المادية المزرية والوضع الاقتصادي، وبسبب الحواجز الأمنية المنتشرة بشكل كبير أيضاً في مناطق النظام والمعارضة. 

يقول أبو أحمد لـ"ارفع صوتك": "لا أستطيع تحمّل نفقات تعليم أطفالي، لا أستطيع تعليمهم جميعاً".

"بقي طفل واحد من أطفالي الخمسة في المدرسة، بينما ثلاث فتيات لا أعتقد أنه من الضرورة استكمال تعليمهن، خاصة في ظل هذه الأوضاع الأمنية والأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها جميع السوريين" يتابع أبو أحمد.

من جهتها، تقول أم علي "نفتقد الخصوصية في المخيمات، ونفتقد الكثير من الأمور الأساسية الأخرى للمعيشة، كيف يمكننا تعليم أبنائنا في ظل هذا الوضع".

"أفضّل تزويج بناتي على تعليمهن" هذا ما تقوله أم علي.

بينما تقول الأخصائية النفسية نائلة مهنا، إن الزواج في سن مبكر وعدم تعليم الفتيات "ممارسة مستمرة منذ وقت طويل في سوريا، خصوصا بين سكان الأرياف، وهذه ظاهرة ارتفعت بسبب الحرب في سوريا". 

وتؤكد لـ"ارفع صوتك" على "أهمية تعليم الفتيات، لأنه يساعدهن على تعليم أطفال المستقبل، وتنشئة جيل متعلّم، في حين أن الأب يبقى خارج المنزل معظم وقته ولا يتفرغ لتعليم أطفاله كما تفعل الأم في المجتمعات العربية". 

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".