حرمان الفتيات من التعليم في سوريا.. "ظاهرة ريفية" كبرت مع الحرب
أدت الحرب في سوريا إلى حصول عدد كبير من حالات التسرب الدراسي للفتيات من مدارسهن نتيجة النزوح، وانعدام الأمن الذي أسهم بشكل كبير بتخوّف الأهالي من إرسال أولادهم إلى المدارس.
ويعتقد الكثير من أهالي الفتيات أن "المكان الطبيعي لهن هو المنزل، وعليهن تعلم تدبير شؤونهن قبل الزواج".
ويرون أنه من الأفضل، إيقاف تعليم الفتاة وتزويجها مبكراً، مشيرين إلى ما تسببت به الحرب، بينما تعبر الفتيات عن المعاناة التي تتسبب بها الأفكار السائدة بهذا الخصوص.
ويرى محمود الخولي وهو أحد اللاجئين السوريين في تركيا، أنه "لا ضرورة لتعليم ابنته، . يجب عليها أن تتعلم عمل المنزل، في النهاية الفتاة ستصبح ست بيت، وزوجها هو من يعمل، هكذا تعلمنا وهذا هو الصحيح".
وأجبر محمود ابنتيه على ترك دراستهن والتفرغ لمساعدة أمهما، ويرى أن ذلك هو الأفضل لهما، مشيراً إلى أن "اللجوء والحرب أجبرته على ذلك أكثر من السابق، خوفاً من اختلاف اللغة في بلد مختلف عليه وعلى عائلته".
من جانبها، رأت سوسن مدوّر، وهي لاجئة سورية في تركيا، أن الشهادات "لا تفيد الفتيات على عكس الذكور، الذين يمكن أن يستفيدوا من شهاداتهم التعليمية".
وتشير إلى أن "معظم الوظائف التي تحصل عليها الفتيات تكون بسبب شكلها ولباسها وليس بسبب دراستها".
كما أن سوسن "غير متمكنة ماديا لتحمّل أعباء تعلّم بناتها، مثل آلاف اللاجئين غيرها" وفق تعبيرها.
"الاختلاط مشكلة"
يعتبر المجتمع السوري مجتمعاً محافظا على العادات والتقاليد الاجتماعية، وتتمثل إحدى صور هذه المحافظة في فصل الشباب عن الفتيات في المراحل المتقدمة من الدراسة في عدد كبير من المدن والبلدات السورية.
ومع تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا، لجأ العديد من السكان إلى مناطق منفتحة نسبيًا تنتشر فيها المدارس المختلطة.
فيما قرر بعض الأهالي وقف بناتهم عن إتمام تعليمهن، رفضا للاختلاط، و"حماية لهن" من التحرش، كما يقولون.
الوضع المادي
في مدن الشمال السوري، حيث انعدام الأمن في بعض مناطقها، اضطر الأهالي لإيقاف تعليم أبنائهم وبالأخص بناتهن، بسبب الأوضاع المادية المزرية والوضع الاقتصادي، وبسبب الحواجز الأمنية المنتشرة بشكل كبير أيضاً في مناطق النظام والمعارضة.
يقول أبو أحمد لـ"ارفع صوتك": "لا أستطيع تحمّل نفقات تعليم أطفالي، لا أستطيع تعليمهم جميعاً".
"بقي طفل واحد من أطفالي الخمسة في المدرسة، بينما ثلاث فتيات لا أعتقد أنه من الضرورة استكمال تعليمهن، خاصة في ظل هذه الأوضاع الأمنية والأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها جميع السوريين" يتابع أبو أحمد.
من جهتها، تقول أم علي "نفتقد الخصوصية في المخيمات، ونفتقد الكثير من الأمور الأساسية الأخرى للمعيشة، كيف يمكننا تعليم أبنائنا في ظل هذا الوضع".
"أفضّل تزويج بناتي على تعليمهن" هذا ما تقوله أم علي.
بينما تقول الأخصائية النفسية نائلة مهنا، إن الزواج في سن مبكر وعدم تعليم الفتيات "ممارسة مستمرة منذ وقت طويل في سوريا، خصوصا بين سكان الأرياف، وهذه ظاهرة ارتفعت بسبب الحرب في سوريا".
وتؤكد لـ"ارفع صوتك" على "أهمية تعليم الفتيات، لأنه يساعدهن على تعليم أطفال المستقبل، وتنشئة جيل متعلّم، في حين أن الأب يبقى خارج المنزل معظم وقته ولا يتفرغ لتعليم أطفاله كما تفعل الأم في المجتمعات العربية".