نازحون ولاجئون

نازح من جرف الصخر: ما زلنا خارج خطط الحكومة لإعادة النازحين إلى مدنهم

دلشاد حسين
19 يوليو 2021

ينتظر عمار الجنابي، وهو نازح من ناحية جرف الصخر التابعة لمحافظة بابل جنوب بغداد، العودة إلى أرضه وممارسة عمله في الزراعة مجددا لينهي رحلة النزوح التي أجبرته على العمل بأجر يومي لتوفير قوت عائلته.

ورغم شروع وزارة الهجرة والمهجرين بتنفيذ قرارها لإغلاق مخيمات النازحين في العراق وإعادة النازحين إلى مناطقهم منذ نهاية العام الماضي، إلا أن إعادة نازحي جرف الصخر ما زالت خارج خطط الوزارة.

وأكدت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جبرو في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية في نهاية مايو الماضي أن "تعذر العودة إلى جرف الصخر يعود لأسباب أمنية في الغالب".

ويقول عمار الجنابي لموقع (ارفع صوتك)، "بعد أن كنت صاحب أرض وحقول وقطعان ماشية تحولت بسبب الظروف الأمنية والنزوح منذ ٧ سنوات إلى عامل بأجر يومي بالكاد أوفر الحاجات اليومية لعائلتي".

ويضيف الجناب، "أوضاعنا صعبة جدا لأننا أبعدنا عن منازلنا وأرضنا بملابسنا فقط وتركنا ما نملك لتستولي عليها المليشيات".

ويلفت الجنابي إلى إن "العالم كله يتحدث عن جرف الصخر لكن لا توجد أي خطوة فعلية لإعادة سكانه النازحين"، مضيفا "ما زلنا خارج الخطط التي وضعتها الحكومة لإعادة النازحين وهذا يفقدنا الأمل بالعودة لكننا متمسكون بالعودة إلى أرضنا في يوم من الأيام".

وتسيطر مليشيات موالية لإيران وفي مقدمتها "كتائب حزب الله العراق" على ناحية جرف الصخر منذ تحرير الناحية من تنظيم داعش في أكتوبر ٢٠١٤.

وعقب التحرير أغلقت المليشيات الناحية بالكامل، وأنشأت هذه المليشيات العديد من المعسكرات ومخازن الأسلحة ومصانع تجميع الطائرات المسيرة والصواريخ وصناعتها داخل هذه الناحية إلى جانب السجون السرية، وفق تقارير صحفية.

ويقول مسؤول سابق رفيع المستوى في ناحية جرف الصخر لموقع (ارفع صوتك)، مفضلا عدم ذكر اسمه إن الناحية "منطقة عسكرية حاليا لا يستطيع أي شخص سواء كان رئيس الوزراء أو أي مسؤول في الحكومة العراقية أو سياسي دخولها، فيكف باستطاعة المواطن البسيط العودة إلى الناحية".

ويتابع المسؤول أن أوضاع نازحي جرف الصخر البالغ عددهم ١٢٠ ألف نسمة مأساوية تطغي عليها الفقر والعوز ويتوزعون ما بين كردستان ومدن ومناطق العراق الأخرى، داعيا المجتمع الدولي إلى النظر في قضية جرف الصخر كونها قضية إنسانية بحتة.

وعما إذا كانت إعادة نازحي جرف الصخر ضمن خطط وزارة الهجرة يوضح علي عباس جهانگير، المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين لموقع (ارفع صوتك)، "أي منطقة تتوفر فيها بيئة ملائمة للعودة على المستويات الخدمية والأمنية والاجتماعية تتعامل معها الوزارة بإيجابية وتسهل عملية العودة اليها وفي حالة عدم توفر أحد هذه الامور والتحديات لا يمكن إعادة أي عائلة اليها لأن حرصنا الاول والأخير هي على سلامة العائلات العائدة".

ويؤكد جهانگير على أن عودة النازحين الى مناطقهم مستمرة، لكنها متذبذبة من فترة الى أخرى بسبب جائحة كورونا والوضع الاقتصادي وتأهيل المناطق، كاشفا "بلغت أعداد العائلات العائدة إلى مناطقها منذ بداية انطلاقة عملية العودة وحتى الآن ٥٧٥ ألف عائلة نازحة، فيما يبلغ عدد العائلات المتبقية حتى الآن نحو ٣٠٠ ألف عائلة، يتوزعون ما بين المخيمات المتبقية والمدن في إقليم كردستان ومدن العراق الأخرى وخارج البلاد".

ويشير جهانگير إلى أن وجود أعداد أخرى عادت لكنها لم تسجل العودة حتى الآن.

وبحسب إحصائيات وزارة الهجرة لم يتبق من مخيمات النازحين في العراق سوى ٢٦ مخيما في إقليم كردستان ومخيمين آخرين يقع أحدهما في الموصل والثاني في عامرية الفلوجة.

وتؤكد الوزارة أنها تنتظر تأهيل الدور السكنية في المناطق والمدن المحررة كي تبدأ عملية إعادة العائلات النازحة المتبقية.

بينما تشير إحصائيات مركز التنسيق المشترك للأزمات في إقليم كردستان إلى أن الاقليم يحتضن ٦٦٥ ألف و٥٠٥ نازحا يعيش غالبيتهم خارج المخيمات في مدن الاقليم موزعين ما بين محافظات أربيل ودهوك والسليمانية.

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".