نازحون ولاجئون

عراقيون على حدود بيلاروسيا.. ضرب وصعق وتجويع ومساعدات "سرية"

11 نوفمبر 2021

الحرة / ترجمات - دبي

لا يزال آلاف المهاجرين، معظمهم من العراقيين الأكراد، يحتشدون منذ أيام طويلة في أجواء جليدية عند الحدود بين بولندا وبيلاروسيا على أبواب الاتحاد الأوروبي، وذلك في وقت تقول فيه منظمة إنسانية إن عناصرها يعملون في الخفاء من أجل مساعدة أولئك الذين تقطعت بهم السبل ويعانون نقصا في الغذاء والدواء.
 
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد رصدت في تقرير خاص بعض معالم سوء المعاملة "القاسية والمروعة" التي تعرض لها بعض المهاجرين العراقيين في بيلاروسيا، ومنهم، هاجير، البالغ من العمر 37 عاما، والذي قال في اتصال مرئي إن تعرضه لضرب المبرح عندما جرى إعادته إلى ليتوانيا بعد تمكنه من دخول بيلاروسيا.
 
وأشار إلى شرطة ليتوانيا استدعت فرقا من قوات الكوماندوز الذين، اصطحبوه مع مجموعة من زملائه إلى مكان بعيد عن الأعين قبل أن يعتدوا عليهم بالضرب المبرح بالعصي الغليظة والأسواط البلاستيكية والصواعق الكهربائية، مما ترك على أجسادهم كدمات وعلامات اعتداء واضحة للعيان.

وتابع هاجير حديثه باللغة الكردية: "أخبرونا بأنه ليس لنا أي حق بالقدوم إلى بلادهم، لأننا نجعلها قذرة بحسب كلامهم".

وأردف: "عناصر قوات الكوماندوز كانوا يرتدون ملابس سوداء وأقنعة تخفي وجوههم، وقد سلبونا هواتفهم قبل أن يحذرونا من العودة مرة أخرى للحدود قائلين بأن صورنا أصبحت مطبوعة في ذاكرتهم وبالتالي فإن العقاب في المرة القادمة سوف يكون أشد وقعا".

"حتى لو كان الثمن حياتي"

وأشار هاجير، الذي رفض ذكر اسمه كاملا، خوفا من تعرضه للمساءلة في بيلاروسيا وليتوانيا، إلى أنه عاد إلى بيلاروسيا مرة أخرى، وذهب إلى نزل متواضع للغاية يتقاضى في اليوم 100 دولار من أي مهاجر غير شرعي يقيم فيه، نظير عدم الإبلاغ عنه.

وأوضح أنه كان خائفا من عبور الحدود مرة أخرى، ولكنه اضطر لفعل ذلك خاصة وأنه أنفق 6 آلاف دولار خلال رحلته عبر الحدود من تركيا إلى بيلاروسيا، ومؤكدا أنه لا يستطيع العودة إلى إقليم كردستان العراق لأن حياته معرضة للخطر جراء خلافات عائلية وقبلية هناك.

ولفت إلى أنه أب مطلق، ويحلم بالوصول إلى بريطانيا للعمل هناك وإرسال بعض المال لإعالة والدته المريضة وابنه البالغ من العمر 14 عاما، مضيفا: "سأعبر إلى أوروبا حتى لو كان الثمن حياتي".

أما سيروان، فهو صحفي ذهب إلى بيلاروسيا، حيث اعترضه ضباط الشرطة هناك وضربوه أثناء ترحيله.

وقال لصحيفة "نيويورك تايمز": "كانوا يضربوني حتى وأنا أصعد درج الطائرة، انتقاما مني لأني كنت أبث تقارير حية عن أوضاع المهاجرين هناك".

وأوضح سيروان، 29 سنة، أنه كان قد قرر مغادرة كردستان عقب تلقيه تهديدات بسبب عمله الإعلامي هناك، وأنه كان يخطط لتقديم طلب لجوء في بيلاروسيا، مردفا: "ولكن بدلاً من الإنصات إلى قصتي وظروفي، عمدت السلطات إلى ترحيلي إلى سوريا، حيث احتجزتني الشرطة هناك 4 أيام قبل السماح لي بالعودة إلى العراق".

وتابع: "بيلاروسيا وبولندا وليتوانيا يتلاعبون بالمهاجرين هناك، والسلطات تتسلى بنقلهم من مكان إلى آخر ناهيك عن ضربهم وسرقة أموالهم وهواتفهم".

"المساعدة في الخفاء"

من جانب آخر، قال نشطاء في منظمة إنسانية بولندية تعنى بشؤون اللاجئين والمهاجرين إنهم يضطرون إلى العمل بالسر وبشكل خفي في غابات بلادهم على الحدود مع بيلاروسيا لمساعدة أناس ضعفاء تقطعت بهم السبل وباتوا مهددون بالموت بسبب البرد والجوع والمرض، وفقا لما ذكرت صحيفة "الغارديان".

وقال أحد المتطوعين في منظمة "غروبا غرانيكا" إنهم عثروا مؤخرا على على مجموعة من 15 شخصًا، جميعهم من الأكراد العراقيين، في غابات ناريوكا بعد أن تمكنوا من عبور الحدود من بيلاروسيا إلى بولندا.

وأشار ذلك المتطوع في اتصال مع صحيفة "الغارديان" إلى أنه كان بين المجموعة امرأة مريضة بالكاد تستطيع المشي، فيما كان لدى البعض الآخر علامات مبكرة تدل على انخفاض حرارة الجسم، لافتا إلى أنه في حال وصول الشرطة البولندية قبل الأطباء، فأنه فمن المرجح أن يعيدوا المهاجرين إلى بيلاروسيا وسط مخاوف من أن تتدهور حالتهم الصحية".

وكان 8 أشخاص على الأقل قد لقيوا مصرعهم منذ بداية الأزمة الإنسانية والسياسية مع بيلاروسيا، المتهمة بالتعمد في إثارة أزمة لاجئين جديدة في أوروبا من خلال تنظيم حركة الأشخاص من الشرق الأوسط إلى مينسك ووعدهم بالمرور الآمن إلى الاتحاد الأوروبي، انتقاما للعقوبات التي فرضتها بروكسل على نظامها.

وقد أوضح المتطوع الشاب في حديثه أنه يعمل حاليا ضمن مجموعة تتألف من 40 شخصا مقسمين على 8 فرق تسعى إلى تقديم بعض الملابس الدافئة والأحذية، بالإضافة إلى شيء من الطعام والدواء إلى أولئك المهاجرين.

وقالت آنا شمييليوسكا، منسقة مركز مساعدة للأجانب في المنظمة، إن العمل في تلك المنطقة الحدودية أمر صعب للغاية خاصة بعض تصنيفها "منطقة عسكرية" ينتشر فيها آلاف العناصر من رجال الشرطة وحرس الحدود.

وتابعت: "يمكن لشرطة الحدود أن تكون عدوانية للغاية معنا رغم أننا لا نفعل أي شيء غير قانوني لكنهم يجعلوننا نشعر كما لو كنا كذلك".

وأضافت: "ينبغي أن تكون مساعدة الناس أمرا طبيعيا وبديهيا، ولكن في حالتنا أضحى بمثابة نشاط سري، وهنا أستطيع القول ليس كل ما هو قانوني أخلاقي" في إشارة إلى القوانين التي فرضتها السلطات البولندية في تلك المنطقة.

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".