نقلت إلى القرية في المرحلة الأولى 60 عائلة.
نقلت إلى القرية في المرحلة الأولى 60 عائلة.

قرية نموذجية للمكفوفين افتتحت الأسبوع الماضي في منطقة سرمدا في الشمال السوري، ونقل إليها مكفوفون من مخيمات النزوح وعائلاتهم.

تتميز قرية نور بأنها "الوحيدة في العالم" التي تجمع المكفوفين، كما يقول المشرفون عليها، إذ خصصت لهم خدمات ومرافق لتسهيل حياتهم، بداية من تصميم الطرق والأرصفة، إلى الكتابة على جدران المنازل والأماكن العامة بطريقة برايل (نظام كتابة بحروف ناتئة يمكن تحسسها باللمس)، كي يتمكن الكفيف من التعرف على طريقه منزله والوصول إليه بسهولة في حال خروجه للتسوق أو للحديقة أو الجامع، ولترشده إلى هذه الأماكن في رحلة الذهاب والعودة.

ولا يختلف الأمر في المنزل، إذ ترشد أحرف برايل المكفوفين إلى الغرف.

تضم القرية حديقة عامة ومسجدا وسوق مركزيا، إضافة إلى 180 منزلا مجهزا بالكامل.

وتحتوي القرية على مدرسة خاصة بالمكفوفين، بالإضافة إلى فريق خبير بالمكفوفين وكادر أمني لحراسة القرية وحمايتها.

القرية متكاملة تحتوي أيضا على حديقة عامة ومسجد وسوق مركزي، إضافة إلى 180 منزلا مجهزا بالكامل بشبكة مياه وصرف صحي وألواح طاقة شمسية.

نقلت في المرحلة الأولى إلى القرية 60 عائلة، ويجري حاليا التجهيز للمرحلة الثانية لاستكمال نقل المكفوفين وعائلاتهم من مخيمات النزوح إلى القرية التي بنيت بتمويل من جمعية "بصائر" الخيرية في الكويت وبتنفيذ من جمعية الضياء الإنسانية.

 

فرحة لا توصف

 

محمد سميع مدير جمعية "الضياء" المنفذة والمشرفة على مشروع قرية نور تحدث لارفع صوتك عن المشروع، وقال إن فرحة المستفيدين الذين انتقلوا هذا الأسبوع إلى منازلهم من الخيام لا توصف، بعد معاناة طويلة مع البرد والحر والطرق الوعرة.

وقال سميع إن فئة النازحين المكفوفين من الفئات التي لم تلق الرعاية المناسبة ولم يلتفت إليها أحد، وتعاني من فقدان كافة أنواع الخدمات الخاصة بها، كالتعليم والخدمات الطبية والخدمات المجتمعية وهي غير متوفرة في أي مخيم من مخيمات النزوح داخل سوريا، مما دفع إدارة الجمعية للعمل على هذا المشروع.

وأضاف سميع: "بالنسبة لفكرة جمعهم في مكان واحد، هدفنا من خلالها تنمية مواهب المكفوفين الخاصة، وليسهل علينا تقديم الخدمات لهم في مكان واحد، لأن انتشارهم في عدد كبير من مدن النزوح، يجعل تأمين كافة مستلزماتهم ورعايتهم أمرا مستحيلا، ولذلك رأينا أنه من الأنسب جمعهم في مكان واحد".

تضم محافظة إدلب أكثر من 3000 كفيف بينهم 2000 كفيف بشكل كامل وألف كفيف بشكل جزئي.

وعن كيفية اختيار المستفيدين، قال سميع أن هناك معايير موجودة للاختيار وضبط العمل عن طريق عدد من الجمعيات التي تمتلك بيانات كاملة للعائلات. فهناك عائلات لديها شخص أو شخصان أو ثلاثة من المكفوفين، وهم موجودون في المخيمات. وبالتالي هم أولى من غيرهم لنقلهم لمشروع القرية السكنية.

وأشار سميع إلى أن القرية ليست للمكفوفين فقط، وإنما لهم ولذويهم أيضا. "لدينا فريق خبير بالمكفوفين وكادر أمني لحراسة القرية لحمايتها، ونستضيف ذوي المكفوف لأنهم الأصل في رعاية المكفوف".

أما خدمات القرية بحسب سميع، فتبدأ بالرعاية وتقديم مكان السكن والحماية، وصولا لكافة الخدمات الخاصة. فالمدرسة مخصصة للمكفوفين، والمسجد أيضاً، والملاعب والحدائق، وهناك مطعم خاص بهم أيضا ضمن المدرس. وتوجد كذلك أماكن للعمل، يمكن للمكفوف أن يمارس مهنته فيها، بالإضافة لوجود مركز إعلامي متخصص بنقل أخبار ومعاناة هؤلاء الأشخاص وأخبارهم للعالم.

وأوضح سميع إلى أن عدد المستفيدين حاليا وصل إلى 60 عائلة، تم تسليمهم منازلهم ضمن احتفال رسمي وتم إعطاؤهم عقدا يسمى عقد انتفاع لكل مكفوف وعائلته.

ووصف سميع الفرحة التي بدت على وجوه هذه العائلات بأنها لا يمكن وصفها وتصديقها، "هذا شيء لمسناه خلال تسليمهم البيوت. منهم من بكى، ومنهم من دعا لعملنا بحرقة شديدة، إذ خرجوا من مخيماتهم غير المخدّمة في الصيف والشتاء إلى منازل تليق بهم وتناسبهم في جميع الأحوال الجوية، ووضعنا في كل منزل طرق خاصة ضمن البلاط تدله على طريقة حركته داخل المنزل، بالإضافة لعمل هذه الطرق داخل المدينة نفسها، مما ولّد لديهم انطباعاً جميلاً جداً وسهل حياتهم".

ودعا سميع كافة المنظمات الدولية والمحلية للنظر في حال المكفوفين، مشيراً إلى وجود عدد كبير ضمنهم من المبدعين والموهوبين، يجب استثمارهم وتسليط الضوء عليهم والاستفادة من قدراتهم وإبداعهم.

أما عن المرحلة الثانية من المشروع، فأوضح مدير جمعية الضياء إلى أنهم سيقومون بفرز البيانات الموجودة لديهم، وجمع الحالات ونقلها من المخيمات إلى الوحدة السكنية الجديدة المستقبلية.

وتضم محافظة إدلب أكثر من 3000 كفيف بينهم 2000 كفيف بشكل كامل وألف كفيف بشكل جزئي يتوزعون في مخيمات ومناطق مدينة إدلب، ويعانون من نقص الخدمات التعليمية والتنموية ويجدون صعوبة كبيرة في التنقل داخل شوارع ومخيمات الشمال السوري، لوعورة الطرق وغياب مواصلات عامة مخصصة لنقل المكفوفين أو خدمات خاصة بهم.

مواضيع ذات صلة:

Palestinians gather to receive food cooked by a charity kitchen, in Khan Younis
حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية- تعبيرية

حذر تقرير جديد نشرته الأمم المتحدة، الخميس، من تفاقم أزمة الجوع العالمية، حيث يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأشار التقرير إلى أن الصراعات، والتغيرات المناخية، قد أدت إلى زيادة حادة في أعداد الجوعى، خاصة في مناطق مثل السودان وقطاع غزة.

وعقب نشر التقرير، تحدث ثلاثة مسؤولين أمميين، عبر الفيديو، إلى صحفيين في نيويورك، حيث قدموا إحاطة عن التحديث نصف السنوي للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 والذي يغطي الفترة حتى نهاية أغسطس 2024.

وأكد المسؤولون الأمميون الحاجة الماسة إلى زيادة التمويل الإنساني والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات الغذائية، مثل الصراعات والتغيرات المناخية، وذلك لمنع تفاقم الوضع وتجنب حدوث مجاعات أوسع نطاقا.

وفي بداية الإحاطة قدم، ماكسيمو توريرو، كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لمحة عامة عن النتائج الرئيسية للتقرير.

ويُظهر التقرير أن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستوى كارثيا من انعدام الأمن الغذائي تضاعف من 705 آلاف شخص في 5 دول وأقاليم في عام 2023 إلى 1.9 مليون في 4 دول أو أقاليم في عام 2024. وهذا هو أعلى رقم يسجله التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، ويعود ذلك في الغالب إلى الصراع في قطاع غزة والسودان، وفقا لتوريرو.

ويشار إلى أن التصنيف المتكامل للأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى "الأزمة" أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي الكارثة أو المجاعة.

وقال توريرو إن اشتداد وتيرة الصراعات في غزة والسودان وأيضا الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية يزيد من عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 18 دولة مقارنة بعام 2023.

مجاعة مستمرة في مخيم زمزم

في السودان، قال توريرو إن المجاعة مستمرة في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر المقبل. ونبه إلى أن العديد من المناطق الأخرى في جميع أنحاء السودان معرضة أيضا لخطر المجاعة بسبب استمرار العنف ومحدودية المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصراع يستمر في التسبب بتدهور سريع للأمن الغذائي في السودان، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 26% من الأشخاص سيواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتم تصنيف حوالي 25.6 مليون شخص على أنهم يعانون من مستوى أزمة أو أسوأ.

وألقى الصراع في السودان بظلاله على الأمن الغذائي في البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان، وفقا لتوريرو.

أزمة الغذاء في غزة الأكثر شدة في التاريخ

أما بشأن الوضع في غزة، يقول توريرو إن أزمة الغذاء لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.

وقد اشتدت حدة الأزمة، حيث عانى نصف السكان من المجاعة خلال الفترة بين مارس وأبريل، ارتفاعا من ربع السكان خلال الفترة من ديسمبر 2023 إلى فبراير 2024.

وتشير التوقعات إلى انخفاض هذه النسبة إلى 22% من السكان - أي حوالي 495 ألف شخص، خلال الفترة بين يونيو وسبتمبر 2024، ولا تشير الأدلة المتاحة إلى المجاعة على الرغم من أن خطرها لا يزال قائما.

جانب إيجابي

على الصعيد الإيجابي، قال توريرو إن تحسن موسم الحصاد والاستقرار الاقتصادي أديا إلى تحسن في الأمن الغذائي في 16 دولة.

ومن بين هذه الدول الـ 16 شهدت 5 دول - هي أفغانستان وكينيا والكونغو الديمقراطية وغواتيمالا ولبنان - انخفاضا في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بمقدار مليون شخص على الأقل، منذ بلوغ الذروة في عام 2023، لكن جميع هذه الدول لا تزال في وضع الأزمة.

ما المطلوب؟

فيما يتعلق بالإجراءات المطلوبة لتحسين وضع الأمني الغذائي، تطرق، عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، إلى أمرين قال إنهما مطلوبان بشدة وهما الوصول إلى الأشخاص المحتاجين والتمويل المستدام.

وأضاف: "لا يكفي أن يكون لديك واحد من هذين الأمرين. أي إذا توفر الوصول وحده فهذا لا يكفي، وإذا توفر المال وحده فهو لا يكفي أيضا. أنت بحاجة إلى الاثنين معا (...) ولذلك نسعى إلى التأكد من وجود وصول وتمويل مستدامين حتى نتمكن من مساعدة الأشخاص المحتاجين سواء في غزة أو في السودان أو في أي مكان آخر".

وتحدث حسين عن مشكلة أخرى وهي "الإجهاد في مجال التمويل"- في إشارة إلى الإجهاد الذي أصاب الجهات المانحة. وشدد في هذا السياق على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي سواء تعلق ذلك بالمناخ أو بالصراع، "لأنه ما لم نعالج الأسباب الجذرية، فلا ينبغي لنا أن نتوقع انخفاضا في الاحتياجات".

الهزال يفتك بالأطفال في مناطق الأزمات

الدكتور فيكتور أغوايو، مدير التغذية ونمو الطفل في منظمة اليونيسف تحدث في إحاطته عن الهزال بوصفه الشكل الأكثر تهديدا للحياة من أشكال سوء التغذية لدى الأطفال. وقال إن الهزال يظل مرتفعا جدا بين الأطفال الذين يعيشون في بلدان تعاني من أزمات غذائية.

ويعود ذلك، وفقا للمسؤول الأممي، إلى عدم قدرة الأسر على الوصول إلى الأطعمة المغذية لأطفالها أو تحمل تكلفة تلك الأطعمة، فضلا عن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي.

وقال أغوايو إن التقرير العالمي يسلط الضوء على زيادة مقلقة في هزال الأطفال، مع مستويات حرجة في 8 دول هي الكاميرون وتشاد وجيبوتي وهايتي والسودان وسوريا وأوغندا واليمن.

أكثر من 50 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد

وقال مدير التغذية ونمو الطفل في اليونيسف إنه زار غزة الأسبوع الماضي ورأى بنفسه كيف انعكست شهور من الحرب والقيود الشديدة المفروضة على الاستجابة الإنسانية، وأدت إلى انهيار أنظمة الغذاء والصحة والحماية، مع عواقب كارثية على تغذية الأطفال.

ووصف النظام الغذائي للأطفال الصغار بأنه "رديء للغاية"، حيث لا يتناول أكثر من 90 في المئة منهم سوى نوعين من الطعام، يوميا، في أفضل الأحوال، وأضاف: "ونحن نقدر أن أكثر من 50 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى علاج منقذ للحياة الآن".

ومضى قائلا: "التقيت أثناء وجودي في غزة بأطباء وممرضات وعاملين في مجال التغذية ينفذون البرامج التي ندعمها... واستمعت إلى نضالات الأمهات والآباء في سبيل إطعام أطفالهم. وما من شك لدي في أن خطر المجاعة وأزمة التغذية الشديدة واسعة النطاق في غزة حقيقي".

حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار

أغوايو قال إن هناك سبيلا واحدا لمنع ذلك الخطر وأضاف: "نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، على الفور، ومع وقف إطلاق النار، يجب توفير وصول إنساني مستدام وواسع النطاق إلى قطاع غزة بأكمله. وقف إطلاق النار والاستجابة الإنسانية غير المقيدة وحدهما الكفيلان بتمكين الأسر من الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك التغذية المتخصصة للأطفال الصغار، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل، وخدمات الصحة والمياه والصرف الصحي لجميع السكان".

في السودان، يتأثر أكثر من 25 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي - بمن فيهم ما يقرب من 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وتستمر هذه الأرقام في الارتفاع بسبب النزوح الجماعي، والوصول الإنساني المحدود، وتعطل خدمات الصحة والتغذية، وفقا لأغوايو.

ودعا المسؤول في منظمة اليونيسف إلى استجابة إنسانية غير مقيدة وواسعة النطاق للوقاية المبكرة والكشف عن وعلاج سوء التغذية الحاد بين الأطفال الأكثر ضعفا، وخاصة لمن تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وأمهاتهم، والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب هذه الأزمات المتصاعدة المتعددة.