قرية نموذجية للمكفوفين افتتحت الأسبوع الماضي في منطقة سرمدا في الشمال السوري، ونقل إليها مكفوفون من مخيمات النزوح وعائلاتهم.
تتميز قرية نور بأنها "الوحيدة في العالم" التي تجمع المكفوفين، كما يقول المشرفون عليها، إذ خصصت لهم خدمات ومرافق لتسهيل حياتهم، بداية من تصميم الطرق والأرصفة، إلى الكتابة على جدران المنازل والأماكن العامة بطريقة برايل (نظام كتابة بحروف ناتئة يمكن تحسسها باللمس)، كي يتمكن الكفيف من التعرف على طريقه منزله والوصول إليه بسهولة في حال خروجه للتسوق أو للحديقة أو الجامع، ولترشده إلى هذه الأماكن في رحلة الذهاب والعودة.
ولا يختلف الأمر في المنزل، إذ ترشد أحرف برايل المكفوفين إلى الغرف.
وتحتوي القرية على مدرسة خاصة بالمكفوفين، بالإضافة إلى فريق خبير بالمكفوفين وكادر أمني لحراسة القرية وحمايتها.
القرية متكاملة تحتوي أيضا على حديقة عامة ومسجد وسوق مركزي، إضافة إلى 180 منزلا مجهزا بالكامل بشبكة مياه وصرف صحي وألواح طاقة شمسية.
نقلت في المرحلة الأولى إلى القرية 60 عائلة، ويجري حاليا التجهيز للمرحلة الثانية لاستكمال نقل المكفوفين وعائلاتهم من مخيمات النزوح إلى القرية التي بنيت بتمويل من جمعية "بصائر" الخيرية في الكويت وبتنفيذ من جمعية الضياء الإنسانية.
فرحة لا توصف
محمد سميع مدير جمعية "الضياء" المنفذة والمشرفة على مشروع قرية نور تحدث لارفع صوتك عن المشروع، وقال إن فرحة المستفيدين الذين انتقلوا هذا الأسبوع إلى منازلهم من الخيام لا توصف، بعد معاناة طويلة مع البرد والحر والطرق الوعرة.
وقال سميع إن فئة النازحين المكفوفين من الفئات التي لم تلق الرعاية المناسبة ولم يلتفت إليها أحد، وتعاني من فقدان كافة أنواع الخدمات الخاصة بها، كالتعليم والخدمات الطبية والخدمات المجتمعية وهي غير متوفرة في أي مخيم من مخيمات النزوح داخل سوريا، مما دفع إدارة الجمعية للعمل على هذا المشروع.
وأضاف سميع: "بالنسبة لفكرة جمعهم في مكان واحد، هدفنا من خلالها تنمية مواهب المكفوفين الخاصة، وليسهل علينا تقديم الخدمات لهم في مكان واحد، لأن انتشارهم في عدد كبير من مدن النزوح، يجعل تأمين كافة مستلزماتهم ورعايتهم أمرا مستحيلا، ولذلك رأينا أنه من الأنسب جمعهم في مكان واحد".
وعن كيفية اختيار المستفيدين، قال سميع أن هناك معايير موجودة للاختيار وضبط العمل عن طريق عدد من الجمعيات التي تمتلك بيانات كاملة للعائلات. فهناك عائلات لديها شخص أو شخصان أو ثلاثة من المكفوفين، وهم موجودون في المخيمات. وبالتالي هم أولى من غيرهم لنقلهم لمشروع القرية السكنية.
وأشار سميع إلى أن القرية ليست للمكفوفين فقط، وإنما لهم ولذويهم أيضا. "لدينا فريق خبير بالمكفوفين وكادر أمني لحراسة القرية لحمايتها، ونستضيف ذوي المكفوف لأنهم الأصل في رعاية المكفوف".
أما خدمات القرية بحسب سميع، فتبدأ بالرعاية وتقديم مكان السكن والحماية، وصولا لكافة الخدمات الخاصة. فالمدرسة مخصصة للمكفوفين، والمسجد أيضاً، والملاعب والحدائق، وهناك مطعم خاص بهم أيضا ضمن المدرس. وتوجد كذلك أماكن للعمل، يمكن للمكفوف أن يمارس مهنته فيها، بالإضافة لوجود مركز إعلامي متخصص بنقل أخبار ومعاناة هؤلاء الأشخاص وأخبارهم للعالم.
وأوضح سميع إلى أن عدد المستفيدين حاليا وصل إلى 60 عائلة، تم تسليمهم منازلهم ضمن احتفال رسمي وتم إعطاؤهم عقدا يسمى عقد انتفاع لكل مكفوف وعائلته.
جانب من بناء قرية نور السكنية للمكفوفين والتي يتم تنفيذها بدعم من جمعية بصائر الخيرية ،والهدف من بناء هذه القرية هو تسهيل الحياة اليومية على المكفوفين وذلك من خلال تجهيز القرية بسبل عيش بما يتناسب معهم.#جمعيةالضياءالإنسانية#جمعيةبصائرالخيرية pic.twitter.com/pLAQUWL6h3
— جمعية الضياء الإنسانية (@aldiaahumanity1) January 6, 2022
ووصف سميع الفرحة التي بدت على وجوه هذه العائلات بأنها لا يمكن وصفها وتصديقها، "هذا شيء لمسناه خلال تسليمهم البيوت. منهم من بكى، ومنهم من دعا لعملنا بحرقة شديدة، إذ خرجوا من مخيماتهم غير المخدّمة في الصيف والشتاء إلى منازل تليق بهم وتناسبهم في جميع الأحوال الجوية، ووضعنا في كل منزل طرق خاصة ضمن البلاط تدله على طريقة حركته داخل المنزل، بالإضافة لعمل هذه الطرق داخل المدينة نفسها، مما ولّد لديهم انطباعاً جميلاً جداً وسهل حياتهم".
ودعا سميع كافة المنظمات الدولية والمحلية للنظر في حال المكفوفين، مشيراً إلى وجود عدد كبير ضمنهم من المبدعين والموهوبين، يجب استثمارهم وتسليط الضوء عليهم والاستفادة من قدراتهم وإبداعهم.
صور من توزيع السلال الغذائية على أهلنا في قرية نور السكنية للمكفوفين.#جمعية_الضياء_الإنسانية #جمعية_بصائر_الخيرية #قرية_نور_السكنية_للمكفوفين pic.twitter.com/DU8JtTWxjB
— جمعية الضياء الإنسانية (@aldiaahumanity1) April 9, 2022
أما عن المرحلة الثانية من المشروع، فأوضح مدير جمعية الضياء إلى أنهم سيقومون بفرز البيانات الموجودة لديهم، وجمع الحالات ونقلها من المخيمات إلى الوحدة السكنية الجديدة المستقبلية.
وتضم محافظة إدلب أكثر من 3000 كفيف بينهم 2000 كفيف بشكل كامل وألف كفيف بشكل جزئي يتوزعون في مخيمات ومناطق مدينة إدلب، ويعانون من نقص الخدمات التعليمية والتنموية ويجدون صعوبة كبيرة في التنقل داخل شوارع ومخيمات الشمال السوري، لوعورة الطرق وغياب مواصلات عامة مخصصة لنقل المكفوفين أو خدمات خاصة بهم.