يعيش في تركيا قرابة 5 مليون سوريّ، أكثر من ثلاثة ملايين منهم يقيمون في تركيا بصفة لجوء مؤقت.
يعيش في تركيا قرابة 5 مليون سوريّ، أكثر من ثلاثة ملايين منهم يقيمون في تركيا بصفة لجوء مؤقت.

اعتاد السوريون في تركيا مع اقتراب عيد الفطر التوجه إلى سوريا للاحتفال بالعيد مع عائلاتهم وأقاربهم.

وتسمح تركيا للسوريين المقيمين تحت بند الحماية المؤقتة (اللاجئون) بالانتقال إلى الشمال السوري خلال فترة الأعياد، وتفتح المعابر الحدودية السورية مع تركيا وتنظم عمليات التسجيل لقضاء إجازات الأعياد بشكل قانوني.

لكن، هذا العام، وبعد افتتاح عملية التسجيل وقيام الآلاف بتثبيت حجزهم عبر معبري باب السلامة والراعي، تفاجأ السوريون بقرار الحكومة التركية إلغاء إجازة العيد، في موقف أثار الكثير من الجدل.

وصرحت رئيسة اللجنة السورية ـ التركية إيناس النجار لوسائل إعلام محلية أن السلطات التركية أبلغت اللجنة بإلغاء إجازات العيد إلى سوريا، وأضافت أنهم سيقومون بتوضيح كافة الإجراءات في حال صدورها.

 وبدوره، أعلن معبر باب السلامة وقف التسجيل حتى إشعار آخر.

وأعلن معبر جرابلس الحدودي البري في وقت سابق إيقاف التسجيل لفئة معينة من السوريين الذين يرغبون بالحصول على إجازة العيد في سوريا.

 

تصريحات تركية رافضة

 

يأتي القرار بعد العديد من التصريحات من الأحزاب التركية، التي أطلقت تزامنا مع فتح باب التسجيل، والتي تنتقد السماح للسوريين المشمولين بالحماية الموقتة بالخروج من تركيا للاحتفال والعودة لاحقا، وسط تصاعد "خطاب تحريضي" ضد اللاجئين من قبل أحزاب وشخصيات معارضة تركية.

وتعتبر المعارضة التركية قضاء آلاف السوريين أيام العيد في بلدهم كل سنة دليلا على أنهم يستطيعون البقاء هناك بشكل دائم دون عوائق.

وفي السياق ذاته، صرح رئيس حزب الحركة القومية دولت باهتشلي، في اجتماع لحزبه، أن طالبي اللجوء الذين يزورون بلادهم خلال العيد يجب ألا يعودوا إلى تركيا، بحسب ما نقلته صحيفة حرييت التركية، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل.

وأكد وزير الداخلية سليمان صويلو عزم بلاده فرض قيود على السماح للسوريين من حملة هوية الحماية المؤقتة (الكيملك)، فيما يتعلق بزيارة العيد. وقال الوزير صويلو في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول إن تركيا تدرس تقييد السماح للاجئين السوريين المقيمين في تركيا بالتوجه إلى بلادهم من أجل قضاء عطلة العيد.

وأضاف: "الخطة التركية الجديدة من الممكن أن تتمثل بتعهدات وبوضع شروط قاسية على الراغبين بالزيارة في الأعياد المقبلة"، مؤكدا أن الأمر ما زال قيد الدراسة حتى اليوم والهدف منه تقليص أعداد الزائرين بشكل كبير.

وفي تصريح آخر حول الجدل الكبير الحاصل بعد تصريحات رئيس حزب الحركة القومية "دولت باهتشلي" بشأن منح اللاجئين السوريين إجازة في العيد للذهاب إلى سوريا والعودة منها، ذكر صويلو في تصريح لقناة ان تي في يوم الجمعة: "أعطينا الولاة أمراً بإيقاف منح إجازات العيد. فالعطلة غير مسموح بها في هذا الوقت للاجئين، لكن يمكنهم الذهاب إلى المنطقة الآمنة والبقاء هناك بشكل دائم".

وأشار وزير الداخلية إلى أنه في السابق تم منح اللاجئين السوريين حق الذهاب والعودة في عطلتي العيد للزيارة، لكن ما يقرب من 60 بالمئة منهم بقوا في سوريا ولم يعودوا، وحالياً لن يُسمح لأولئك الذين يريدون الذهاب والعودة لقضاء العطلة.

 

قلق وصدمة

 

يونس علي، اللاجئ السوري المقيم في إسطنبول، أبدى في حديثه لارفع صوتك قلقه من القرار السريع والمفاجئ، حيث كان يحضر للذهاب إلى سوريا للقاء أقاربه، لكنه عدل عن القرار.

ويتخوف علي أن يفقد قيمة الحجز، خاصة أنه اضطر لدفع 500 ليرة تركية لأحد السماسرة ليقوم بتثبيت الحجز له على المنصة، بسبب الضغط الحاصل على روابط التسجيل وتوقف الموقع عن العمل.

أما أم فراس، اللاجئة السورية المقيمة في غازي عنتاب، فانتقلت مع أولادها إلى الداخل السوري قبل صدور القرار، على أن يتبعها زوجها بعد وقت قصير لقضاء الإجازة مع العائلة.

فوجئت أم فراس بالقرار بعد وصولها إلى إدلب، وقالت لارفع صوتك أنها تتخوف من عدم السماح لها بالعودة.

 تقول أم فراس: "تغيرت فرحتنا من لقاء الأهل والأقارب إلى خوف من تشتت العائلة".

وتأمل أم فراس أن تقوم تركيا بالتراجع عن القرار أو تعديله بما يسمح لمن غادر بالعودة.

من جهته، أشار حسام اللاجئ السوري المقيم في غازي عنتاب إلى أن هذا القرار انتخابي بامتياز. فجميع الأحزاب التركية تستثمر في السوريين لأجل مصالحها الانتخابية، وأن الحزب الحاكم رأى أن إجازة العيد تستفز شريحة كبيرة من الأتراك وتستغلها المعارضة فقام بإلغائها لكسب الناخبين.

وأكد حسام أنه لم يحجز لإجازة العيد في سوريا. فمن الخطأ أن تكون لاجئا وتحت الحماية "وتظل طالع نازل"، بحسب تعبيره.

 

رفض وتأييد

 

أثار القرار صدمة الكثير لدى السوريين. وانعكس الجدل على مواقع التواصل بين مؤيد ومعارض.

واعتبر البعض أن زيارة العيد حق للسوريين، ونصح آخرون الراغبين بقضائها داخل البلاد بالتمهل، فيما وجد البعض عدم مشروعية هذه الزيارة قانونيا.

ونشر أحمد علي العمر، وهو كاتب سوري مقيم في إسطنبول، على صفحته على فيسبوك محتجا علر القرار التركي: "هنيئا لملايين الإخوة الأتراك في ألمانيا، لا أحد يطعن بهم حين يأتون إلى تركيا الآمنة في العيد لزيارة أقاربهم الأحياء والأموات. لا يستفزون أحدًا بعناق دامع، لا يثيرون سخطَ أحدٍ بممارسة حقّ لا يُسلَب في القوانين إلا من سجين".

أما رئيس تجمع المحامين السوريين غزوان قرنفل، الذي يقيم في تركيا هو الآخر، فاعتبر أن الزيارة ليست حقا قانونيا لمن هم تحت الحماية، فكل قوانين اللجوء والحماية لا تتيح للاجئ الفار من بلده بسبب الحرب أو الاضطهاد أن يعود لنفس هذا البلد مقيما أو زائرا، طالما هو لاجئ أو حاصل على الحماية، ويترتب على مخالفة ذلك إلغاء اللجوء أو الحماية عنه.

وأضاف قرنفل: "لا تعتبر إجازة الحكومة التركية لهؤلاء بتلك الزيارة إلغاء للموجبات القانونية المقررة بقوانين اللجوء والحماية والتي ستأتي لحظة ويتم توظيفها ضد كل من ذهب في تلك الزيارات ويتم إسقاط الحماية عنه".

مايزال الجدل محتدما بين السوريين كالعادة وهذه المرة بشأن ماتسمى زيارة العيد إلى سوريا . بداية أتفهم مشاعر عشرات الالآف...

Posted by ‎غزوان قرنفل‎ on Wednesday, April 20, 2022

أما الصحفي السوري عمار الرفاعي، المقيم في إسطنبول، فقال في منشور له على فيسبوك، "علينا أن ندرك أن قمَّة الاستفزاز للمجتمع التركي هو ما يُسمى عندنا بإجازات العيد التي نقضيها ويقضيها أهلنا اللاجئون السوريون في الشمال السوري لأيام ثم يعودون".

علينا أن ندرك أن قمَّة الاستفزاز للمجتمع التركي هو ما يُسمى عندنا بإجازات العيد التي نقضيها ويقضيها أهلنا اللاجئون...

Posted by ‎عمار سارية الرفاعي‎ on Tuesday, April 19, 2022

وأضاف الرفاعي: "لا ينبغي أن نعتب على الإخوة الأتراك انتقادَهم لنا وفهمَهم الخاطئ في هذه الجزئية. فهُم يحوِّلون نظرتهم لنا من "لاجئين" إلى "سائحين أو مقيمين" بمجرَّد ذهابِنا وإيابنا بين تركيا وسوريا".

وفي منشور آخر قال الرفاعي إن "هناك دعاية رائجة تروجُ بقوة بين صفوف الأتراك الذين نجتمع بهم كل يوم، حيث يزعم المعارضون منهم أن بقاء السوريين هنا بات ثقيلاً عليهم، وأننا "مقيمون مغتربون" ولسنا لاجئين مظلومين كما نزعم (برأيهم)".

ويعيش في تركيا قرابة 5 مليون سوريّ، أكثر من ثلاثة ملايين منهم يقيمون في تركيا بصفة لجوء مؤقت.

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".