نازحون ولاجئون

هموم كبيرة وفرح صغير.. العيد بين اللاجئين السوريين في تركيا

محمد ناموس
04 مايو 2022

يمر عيد الفطر على السوريين اللاجئين في تركيا، مختلفاً هذا العام، نتيجة  الضغوط التي يواجهونها، من تصاعد خطاب الكراهية، والتدقيق على العناوين والتنقل، والخوف من الترحيل.

أضف إلى ذلك، التضخم الاقتصادي الذي أدى تلقائيا لارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، مع انخفاض قيمة الأجور التي يتقاضاها العاملون منهم، كما منعت السلطات التركية إجازة العيد عن السوريين.

يقول هشام، الذي لجأ من دمشق ويقيم حالياً في غازي عنتاب جنوب تركيا: "دائما نحاول أن نبحث عما يفرحنا ويفرح أولادنا، لكن الأمور جرت بعكس ما خططنا له".

وكان يرغب بزيارة سوريا في إجازة العيد كما جرت العادة، لكنه لم يستطع بسبب القرار المفاجئ للحكومة التركية بإلغاء إجازة العيد للسوريين هذا العام.

يضيف هشام لـ"ارفع صوتك": "أبنائي كبروا وهم لا يعرفون أعمامهم إلا بالصور، ولا يعرفون جدهم وجدتهم".

ويشير إلى التحقيق الذي نشر حول مجزرة حي التضامن، وكيف "نغّص عليهم فرحتهم بالعيد، وزاد همومهم"، وفق تعبيره.

 

وفي غازي عنتاب أيضاً، يعيش محمود، الذي لجأ من مدينة حماة، ويقول إنه يتمنى العودة لسوريا، كي يشعر بالعيد بين أهله وأقاربه، إلا أن الحرب باعدت بينه وبينهم، ليصبح كل منهم في دولة مختلفة.

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "حتى القبور لا يمكننا زيارتها، ففي العيد غصّة.. لهذا السبب نحاول التعويض بأن نُفرح أطفالنا عبر شراء الملابس الجديدة والخروج للتنزه في الحدائق العامة".

نبقى في غازي عنتاب، لنلتقي محمد اليوسف، وهو لاجئ من مدينة بنش بريف إدلب، ويؤكد أن "الكثير من السوريين لم يعيشوا بهجة العيد سواء في الداخل أو الخارج، فمن هم في الداخل متغربون ومن هم في الخارج غربتهم أكبر".

ويقارن بين العيد في سوريا والعيد في تركيا، قائلاً "لا يوجد راحة نفسية هنا، لا شيء يشبه الأيام الماضية.. كنا نلتقي في المساجد عند صلاة العيد، أما هنا لا لقاءات بالأهل والأصدقاء، كما أن صلاة العيد باللغة التركية".

وفي مدينة أورفة، يعيش يوسف مشاعر مشابهة. يقول لـ"ارفع صوتك": "أشعر بالضيق الشديد، إذ كنت أرغب بقضاء العيد مع أهلي في سوريا، لكن قرار منع إجازات العيد حال دون ذلك".

لم يلتق بعائلته منذ سنتين، لذا كان آملاً أن يراهم هذا العام، ويعرّفهم بطفله المولود حديثاً.

وفي أروفة أيضاً، نلتقي اللاجئ أنور من مدينة الباب، وهو شاب أعزب، يشتد به الحنين إلى سوريا في العيد.

يقول لـ"ارفع صوتك": "لم أشعر بفرح العيد، بل بحنين إلى الأيام السابقة في سوريا، حيث اجتماع العائلة والأقارب.. هنا فرحة العيد مفقودة كوني وحيداً، ولم ألتقِ بوالدي ووالدتي منذ ثلاث سنوات، ولكني تمكنت من إسعادهم عبر إرسال مبلغ من المال لهم قبل العيد، فالعيد بالنسبة لي أن اجتمع بهم مجددا ولا عيد من دونهم".

 

"مرّ ثقيلاً"

"أكثر ما افتقدته هذا العيد، هو صلاة العيدوالخطبة التي ترافقها، ولكن باللغة العربية، فهنا نسمعها بالتركية"، يقول أبو أكرم اللاجئ في إسطنبول.

ويضيف بحسرة "مرّ العيد ثقيلا عليّ.. ليس لدي أقارب لأزورهم وأعايدهم"، مستدركاً "العيد الآن هو مكالمات الفيديو بين وأقاربي وعائلتي المنقسمة بين سوريا وألمانيا".

وفي إسطنبول أيضاً، يقيم اللاجئ عدنان، الذي اعتبر بأن "لا عيد للسوريين في تركيا هذا العام" لأن الوضع المادي "لا يتحمل مصاريف زائدة".

ويوضح أن راتبه يكفيه فقط لدفع الفواتير والإيجارات ومستلزمات الغذاء الضرورية، أما الحلوى والخروج للتنزه والزيارات والهدايا، فهي خارج الحسابات، بالتالي فإن لا فرق برأيه بين أيام العيد والأيام الأخرى.

أم ريان لم ترغب بتحضير الحلوى هذا العيد، بسبب ذهاب عائلة ابنها إلى سوريا، إذ كان من المقرر لحاقها بهم مع زوجها وابنها، لكن قرار منع الإجازات أوقفها، بينما بقي ابنها وعائلته في جرابلس.

تقول لـ"ارفع صوتك": "أخاف ألا يتمكن من العودة وأن ترفض الدولة التركية إعادة من خرج، وأن تتفرق العائلة من جديد".

 

القليل من الفرح..

رغم فراق الأحبّة والضغوطات المالية وشبح اليأس الذي خيّم على الكثير من السوريين هذا العيد، إلا أن أسماء الكيالي اللاجئة في غازي عنتاب، قررت صنع كعك العيد بالتمر والجوز.

"من حسن حظي أن معظم عائلتي وعائلة زوجي موجودة هنا، أما من هم في ولايات أخرى، فنحتفل بالتهنئة معهم عبر الهاتف"، تقول أسماء التي تعيش مع زوجها وأبنائها الأربعة.

وتؤكد: "هذه أيام مباركة.. علينا أن نفرح ونحتفل ونُسعد من حولنا".

وإلى العاصمة أنقرة، حيث يعيش يوسف الدروبي اللاجئ من مدينة حمص، يحاول هو أيضاً اقتناص فرحة العيد رغم كل شيء.

يبيّن لـ"ارفع صوتك": "اشتريت الحلوى والملابس للأطفال كي أفرحهم. وفي أول يوم خرجنا إلى صلاة العيد، ثم زرنا عائلة أخي الأكبر، وبعدها خرجنا سويا للترفيه عن الأطفال، وفي المساء زارنا أخي نفسه لمعايدتنا".

"هذه هي عائلتنا الصغيرة وعلينا أن نتأقلم ولا نيأس"، يقول يوسف.

وفي اليوم الثاني والثالث للعيد، تخرج عائلته وتلتقي بالأصدقاء، وهم ثلاثة فقط، يزورون المنتزهات أو يقصدون أحد المقاهي القريبة.  

محمد ناموس

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".