هموم كبيرة وفرح صغير.. العيد بين اللاجئين السوريين في تركيا
يمر عيد الفطر على السوريين اللاجئين في تركيا، مختلفاً هذا العام، نتيجة الضغوط التي يواجهونها، من تصاعد خطاب الكراهية، والتدقيق على العناوين والتنقل، والخوف من الترحيل.
أضف إلى ذلك، التضخم الاقتصادي الذي أدى تلقائيا لارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة، مع انخفاض قيمة الأجور التي يتقاضاها العاملون منهم، كما منعت السلطات التركية إجازة العيد عن السوريين.
يقول هشام، الذي لجأ من دمشق ويقيم حالياً في غازي عنتاب جنوب تركيا: "دائما نحاول أن نبحث عما يفرحنا ويفرح أولادنا، لكن الأمور جرت بعكس ما خططنا له".
وكان يرغب بزيارة سوريا في إجازة العيد كما جرت العادة، لكنه لم يستطع بسبب القرار المفاجئ للحكومة التركية بإلغاء إجازة العيد للسوريين هذا العام.
يضيف هشام لـ"ارفع صوتك": "أبنائي كبروا وهم لا يعرفون أعمامهم إلا بالصور، ولا يعرفون جدهم وجدتهم".
ويشير إلى التحقيق الذي نشر حول مجزرة حي التضامن، وكيف "نغّص عليهم فرحتهم بالعيد، وزاد همومهم"، وفق تعبيره.
وفي غازي عنتاب أيضاً، يعيش محمود، الذي لجأ من مدينة حماة، ويقول إنه يتمنى العودة لسوريا، كي يشعر بالعيد بين أهله وأقاربه، إلا أن الحرب باعدت بينه وبينهم، ليصبح كل منهم في دولة مختلفة.
ويضيف لـ"ارفع صوتك": "حتى القبور لا يمكننا زيارتها، ففي العيد غصّة.. لهذا السبب نحاول التعويض بأن نُفرح أطفالنا عبر شراء الملابس الجديدة والخروج للتنزه في الحدائق العامة".
نبقى في غازي عنتاب، لنلتقي محمد اليوسف، وهو لاجئ من مدينة بنش بريف إدلب، ويؤكد أن "الكثير من السوريين لم يعيشوا بهجة العيد سواء في الداخل أو الخارج، فمن هم في الداخل متغربون ومن هم في الخارج غربتهم أكبر".
ويقارن بين العيد في سوريا والعيد في تركيا، قائلاً "لا يوجد راحة نفسية هنا، لا شيء يشبه الأيام الماضية.. كنا نلتقي في المساجد عند صلاة العيد، أما هنا لا لقاءات بالأهل والأصدقاء، كما أن صلاة العيد باللغة التركية".
وفي مدينة أورفة، يعيش يوسف مشاعر مشابهة. يقول لـ"ارفع صوتك": "أشعر بالضيق الشديد، إذ كنت أرغب بقضاء العيد مع أهلي في سوريا، لكن قرار منع إجازات العيد حال دون ذلك".
لم يلتق بعائلته منذ سنتين، لذا كان آملاً أن يراهم هذا العام، ويعرّفهم بطفله المولود حديثاً.
وفي أروفة أيضاً، نلتقي اللاجئ أنور من مدينة الباب، وهو شاب أعزب، يشتد به الحنين إلى سوريا في العيد.
يقول لـ"ارفع صوتك": "لم أشعر بفرح العيد، بل بحنين إلى الأيام السابقة في سوريا، حيث اجتماع العائلة والأقارب.. هنا فرحة العيد مفقودة كوني وحيداً، ولم ألتقِ بوالدي ووالدتي منذ ثلاث سنوات، ولكني تمكنت من إسعادهم عبر إرسال مبلغ من المال لهم قبل العيد، فالعيد بالنسبة لي أن اجتمع بهم مجددا ولا عيد من دونهم".
"مرّ ثقيلاً"
"أكثر ما افتقدته هذا العيد، هو صلاة العيدوالخطبة التي ترافقها، ولكن باللغة العربية، فهنا نسمعها بالتركية"، يقول أبو أكرم اللاجئ في إسطنبول.
ويضيف بحسرة "مرّ العيد ثقيلا عليّ.. ليس لدي أقارب لأزورهم وأعايدهم"، مستدركاً "العيد الآن هو مكالمات الفيديو بين وأقاربي وعائلتي المنقسمة بين سوريا وألمانيا".
وفي إسطنبول أيضاً، يقيم اللاجئ عدنان، الذي اعتبر بأن "لا عيد للسوريين في تركيا هذا العام" لأن الوضع المادي "لا يتحمل مصاريف زائدة".
ويوضح أن راتبه يكفيه فقط لدفع الفواتير والإيجارات ومستلزمات الغذاء الضرورية، أما الحلوى والخروج للتنزه والزيارات والهدايا، فهي خارج الحسابات، بالتالي فإن لا فرق برأيه بين أيام العيد والأيام الأخرى.
أم ريان لم ترغب بتحضير الحلوى هذا العيد، بسبب ذهاب عائلة ابنها إلى سوريا، إذ كان من المقرر لحاقها بهم مع زوجها وابنها، لكن قرار منع الإجازات أوقفها، بينما بقي ابنها وعائلته في جرابلس.
تقول لـ"ارفع صوتك": "أخاف ألا يتمكن من العودة وأن ترفض الدولة التركية إعادة من خرج، وأن تتفرق العائلة من جديد".
القليل من الفرح..
رغم فراق الأحبّة والضغوطات المالية وشبح اليأس الذي خيّم على الكثير من السوريين هذا العيد، إلا أن أسماء الكيالي اللاجئة في غازي عنتاب، قررت صنع كعك العيد بالتمر والجوز.
"من حسن حظي أن معظم عائلتي وعائلة زوجي موجودة هنا، أما من هم في ولايات أخرى، فنحتفل بالتهنئة معهم عبر الهاتف"، تقول أسماء التي تعيش مع زوجها وأبنائها الأربعة.
وتؤكد: "هذه أيام مباركة.. علينا أن نفرح ونحتفل ونُسعد من حولنا".
وإلى العاصمة أنقرة، حيث يعيش يوسف الدروبي اللاجئ من مدينة حمص، يحاول هو أيضاً اقتناص فرحة العيد رغم كل شيء.
يبيّن لـ"ارفع صوتك": "اشتريت الحلوى والملابس للأطفال كي أفرحهم. وفي أول يوم خرجنا إلى صلاة العيد، ثم زرنا عائلة أخي الأكبر، وبعدها خرجنا سويا للترفيه عن الأطفال، وفي المساء زارنا أخي نفسه لمعايدتنا".
"هذه هي عائلتنا الصغيرة وعلينا أن نتأقلم ولا نيأس"، يقول يوسف.
وفي اليوم الثاني والثالث للعيد، تخرج عائلته وتلتقي بالأصدقاء، وهم ثلاثة فقط، يزورون المنتزهات أو يقصدون أحد المقاهي القريبة.