نازحون ولاجئون

الخيمة ستصبح بيتاً من طوب.. نازحون أيزيديون بين "نعم" و"لا"

دلشاد حسين
03 يونيو 2022

أعلنت دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق، موافقة الإدارة على طلبها وطلب النازحين الأيزيديين، بتحويل خيمهم إلى أبنية من الطوب الإسمنتي، تجنباً للحرائق.

وشهدت مخيمات النازحين العام الماضي وقوع عدة حرائق، كان أبرزها الذي اندلع في مخيم شاريا خلال شهر يونيو، وأسفر عن احتراق نحو 400 خيمة وإصابة 25 نازحا.

ورغم خطورة الخيم على حياة النازحين صيفا وشتاءً، إلا أن النازح حمدي شناگالي، من سنجار، يرفض تبديل الخيم.

يقول حمدي لـ"ارفع صوتك": "لا أؤيد تحويل الخيم لمبان، لأن هذا القرار دليل على أن النازحين باقون في المخيمات وتصعب عودتهم إلى مناطقهم".

ويشير إلى أن النازحين المتزوجين الجدد هم "الأكثر استفادة من هذا القرار إذا تم تنفيذه، لأنهم لا يمتلكون أي بيوت أو أراض في مناطقهم، بالتالي فإن الحصول على مبان بدل الخيم يصب في مصلحتهم".

خالدة نازحة من سنجار أيضاً، لكنها تختلف في الرأي مع حمدي، إذ تقول: "القرار مناسب ومهم جدا لنا، لأن نزوحنا لم ينتهِ بعد وما زالت سنجار والبلدات التابعة لها غير مستقرة وتشهد صراعات".

"لذلك، فإن عودتنا في الوقت الحالي شبه مستحيلة والعيش في ظل هذه الخيم المهترئة صعب، حيث تزيد معاناتنا، كما أنها خطرة من كافة النواحي على حياتنا وحياة أطفالنا" تتابع خالدة.

وتتمنى بدء التنفيذ "بأسرع وقت قبل أن ترتفع درجات الحرارة أكثر مما هي عليه الآن".

وتحتضن محافظة دهوك 20 مخيما، 15 منها خاصة بالنازحين الأيزيديين، والمتبقية لللاجئين السوريين.

وتؤكد دائرة الهجرة والمهجرين في المحافظة أن 10 مخيمات من مخيمات النازحين تتكون من خيم، أما البقية فتنقسم بين كرفانات ومبان.

إيجابيات وسلبيات

في السياق نفسه، يقول الناشط الأيزيدي حسين باعدري، إن القرار ورغم جوانبه الإيجابية يتضمن جوانب سلبية أيضا.

ويوضح لـ"ارفع صوتك": "تتمثل الإيجابيات في كونه أفضل حل لتفادي الحرائق وتوفير المأوى الآمن من كافة الجوانب للنازحين، خاصة حمايتهم من درجات الحرارة صيفاً وانخفاضها شتاءً".

"أما السلبيات، فتتمثل بإبعاد النازحين عن العودة إلى مناطقهم، بالتالي ستتعرض مناطقهم لتغييرات ديمغرافية"، يتابع باعدري.

ويدعو السلطات إلى تهيئة الأوضاع في مناطق النازحين ودعمهم وتشجيعهم للعودة إليها وإعادة بناء بيوتهم وقراهم والحفاظ على تواجدهم فيها. 

وحسب مدير دائرة الهجرة والمهجرين ومكتب الاستجابة للأزمات في محافظة دهوك، ديان جعفر، من المقرر أن يبدأ النازحون بالبناء قبل منتصف يونيو الجاري.

ويقول جعفر لـ"ارفع صوتك": "بحثنا المشروع مع المحافِظ ومع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومؤسسة بارزاني الخيرية، المشرفتين على إدارة المخيمات، وما زالت الاجتماعات بيننا مستمرة حول الجانب الفني للمشروع، من أجل الخروج بآلية وخريطة موحدة يتبعها جميع النازحين في البناء داخل المخيمات، وعدم تجاوز مساحة خيمهم أثناء البناء".

ويشير إلى أن النازحين قبل بدء البناء سيوقعون تعهدا خطيا بعدم التجاوز وعدم المطالبة بأي نوع من التعويضات أثناء عودتهم إلى مناطقهم، لأن الأراضي التي سيبنون عليها هياكلهم هي ملك لمزارعي المنطقة التي تقع فيها مخيماتهم، وحكومة الإقليم هي التي تدفع إيجار هذه الأراضي لأصحابها منذ بدء النزوح عام 2014.

ووفق إحصاءات دائرة الهجرة والمهجرين، يوجد في دهوك نحو 535 ألف نازح ولاجئ، 330 ألف بينهم غالبيتهم من سنجار وأطرافها.

وشهدت سنجار مطلع مايو الماضي اشتباكات بين وحدات حماية سنجار المنضوية ضمن الحشد الشعبي والجيش العراقي، وأسفرت هذه الاشتباكات وبحسب دائرة الهجرة والمهجرين في دهوك عن نزوح ما يقارب 1711عائلة أيزيدية إلى دهوك. 

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".