أحد الأعمال الفنية المعروضة في المتحف الدنماركي- أسوشيتد برس
أحد الأعمال الفنية المعروضة في المتحف الدنماركي- أسوشيتد برس

افتتحت ملكة الدنمارك مارغريت الثانية ونائب المستشار الألماني روبرت هابيك متحفا جديدا، السبت، يحكي قصة أجيال اللاجئين الذين شكلوا المجتمع الدنماركي.

تبدأ قصة المتحف، بالألمان الذين فرّوا من التقدم السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية.

وتم إنشاء "Flugt - Refugee Museum of Denmark" في موقع مخيم Oksboel جنوب غرب الدنمارك، الذي كان يؤوي ما يصل إلى 100،000 لاجئ من ألمانيا في سنوات ما بعد الحرب.

وكانت الدنمارك ملاذا للاجئين في الماضي. لكنها سعت في السنوات الأخيرة إلى وضع قيود صارمة على عدد طالبي اللجوء الذين ستقبلهم.

يحكي Flugt - الذي يعني "الهروب" باللغة الدنماركية، أيضا قصة المهاجرين من إيران ولبنان والمجر وفيتنام وأماكن أخرى ممن فروا من أوطانهم ووجدوا مأوى في الدولة الإسكندنافية.

ويروي المهاجرون قصصهم بكلماتهم الخاصة على شاشات فيديو كبيرة.

من بينهم الفلسطينية سوسن غريب، التي تقول في أحد هذه الفيديوهات إنها "فلسطينية عديمة الجنسية ولدت في مخيم للاجئين في لبنان وعاشت هناك حتى هربت ووصلت إلى الدنمارك عام 1985".

بدوره، يوضح أمين المتحف كلاوس كجيلد جنسن، أن الهدف من المتحف "تحويل الأرقام إلى أشخاص ونقل القضايا والعواطف العالمية تماما والعديد من الفروق الدقيقة المرتبطة بكونك شخصا هاربا".

وتم تصميم المتحف من قبل المهندس المعماري الدنماركي البارز Bjarke Ingels، ويتكون من مبنى حديث منحن من الخشب والزجاج يربط بين ملحقين من الطوب القديم كانا مباني مستشفى في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وقال إنجلز إن المتحف الجديد أصبح أكثر أهمية لأن الدنمارك قبلت مؤخراً اللاجئين الفارين من الحرب الروسية في أوكرانيا، على الرغم من أن المتحف لا يتناولهم على وجه التحديد.

وخارج المتحف، يوجد مسار يرشد الزائرين عبر اللوحات التي تصف مصير الألمان الذين لجأوا إلى المعسكر المسمى Oksboellejren بين عامي 1945 و1949.

استقر معظمهم في نهاية المطاف في ألمانيا الغربية، لكن المقبرة في الموقع أصبحت مكان الراحة الأخيرة لمن مات هناك. 

وكانت الدنمارك ملاذاً للاجئين في الماضي.

ومن بين سكان الدنمارك البالغ عددهم 5.8 مليون نسمة هناك أكثر من 650 ألف مهاجر، في حين تم إدراج 208 ألف شخص في إحصاءات الدولة على أنهم من نسل المهاجرين.

ومع ذلك سعت الدولة في السنوات الأخيرة مع الهجرة واسعة النطاق التي شكلت مصدر قلق للدول الغربية، إلى وضع قيود على عدد الوافدين الجدد الذين تقبلهم، ما تسبب لها في انتقادات دولية للطريقة التي حاولت بها ثني المهاجرين عن محاولة الاستقرار هناك.

رضوان برتاوي وزوجته سميرة. الصورة من فيسبوك
"خوف وقلق دائم".. عائلة سورية تواجه خطر الترحيل من الدنمارك
وتعرضت الدنمارك لانتقادات على خلفية حرمانها لاجئين سوريين من تصاريح إقامة لاعتبار الوضع "آمناً" في دمشق، في مسار قالت الأمم المتحدة إنّه يفتقر إلى المبرر، علماً بأن قرار الدنمارك الأول من نوعه لدولة في الاتحاد الأوروبي.

 

واستقبلت الدنمار جزءا صغيرا من أكثر من مليون شخص وصلوا من أفريقيا والشرق الأوسط في أزمة الهجرة في عام 2015.

وتقدم أكثر من 11500 شخص بطلبات لجوء فيها، بينما قدم 1.1 مليون في ألمانيا و 163 ألفا في السويد.

ورأى الكثير من المهاجري في الدنمارك نقطة عبور بسبب الموقف الدنماركي المتشدد.

وفي عام 2016، صدر قانون يسمح للسلطات بمصادرة المجوهرات والأصول الأخرى من اللاجئين للمساعدة في تمويل مساكنهم وغيرها من الخدمات.

في الممارسة العملية لم يتم تنفيذ القرار سوى عدد قليل من المرات. كما ألغت الدنمارك تصاريح الإقامة لبعض اللاجئين السوريين بإعلانها أن أجزاء من سوريا "آمنة"، وعبثت بفكرة فتح مخيمات لطالبي اللجوء في رواندا.

ولا تزال الدنمارك بلا اتفاق بشأن إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا. ومع ذلك اضطرت بريطانيا التي كانت لديها خطط مماثلة إلى إجهاض أول رحلة مخطط لها لطالبي اللجوء بعد تدخل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أشارت إلى "خطر حقيقي بحدوث ضرر لا رجعة فيه".

ووفقا للإحصاءات الرسمية، طلب 2717 شخصًا اللجوء في الدنمارك منذ بداية العام الجاري 2022.

 

صور من المتحف- المصدر: وكالات

 

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".