المياه المتوفرة غير كافية، وقسم كبير منها مالح، إضافة لمعاناة السكان من الحرارة الشديدة- ارفع صوتك
رالمياه المتوفرة غير كافية، وقسم كبير منها مالح، إضافة لمعاناة السكان من الحرارة الشديدة- ارفع صوتك

"كأننا في سجن وسط الصحراء القاحلة بين العواصف الرملية والشمس الحارقة، ننتظر الموت عطشا أو جوعا أو مرضا"، يقول الرجل الستيني أبو يوسف، شارحا معاناة يومية يعيشها أهالي مخيم الركبان للاجئين السوريين، التي زادت فصولها مع النقص الكبير في مياه الشرب.

وأدى خفض منظمة "عالم أفضل" التابعة للأمم المتحدة كمية المياه التي تقوم بضخها إلى أقل من النصف هذا الصيف، إلى تضاعف معاناة سكان المخيم الواقع في منطقة صحراوية بمحافظة المفرق في أقصى الشمال الشرقي للمملكة الأردنية، في مثلث حدودي بينها وسوريا والعراق.

ويعيش فيه قرابة 7500 لاجئ، يفتقدون لأدنى مقومات الحياة من مياه وغذاء وأدوية ومستلزمات الطبية، بالإضافة إلى الحرارة الشديدة التي تزامنت مع نقص إمدادات المياه.

يصف رئيس المجلس المحلي في مخيم الركبان محمد درباس الخالدي في حديثه لـ"ارفع صوتك" الوضع في المخيم بأنه، "من سيء إلى أسوء"، لافتا إلى أن سبب أزمه المياه "شركة (عالم أفضل) الممولة من اليونيسيف، وقامت بتخفيض كمية المياه التي تضخ للمخيم، حتى أصبحت دون الحاجة اليومية".

"كانت كمية المياه التي تصلنا تقدّر بـ 700 متر مكعّب يوميًا، لكنها انخفضت إلى 200 متر مكعب منذ ثلاثة أشهر"، يضيف الخالدي.

ويوضح: "راسلنا المسؤول عن الشركة عدة مرات، لمعرفة سبب تخفيض المياه، وهو يعزو السبب حيناً إلى الغبار، رغم أن الغبار يأتي كل أسبوع وكل عشرة أيام أو كل شهر، وهو يأتي عادة في فصل الربيع أو في بداية الصيف، وأحيانا يتهرب من الإجابة، وأحيانا أخرى يقول إن هناك أعطالاً في الخراطيم، لذا، وبكل صراحة، ما زال السبب مجهول لدينا ولا يوجد عذر مقنع من قبل الشركة".

ويقول الخالدي إن فريق "الاستجابة الطارئة" يعمل على التخفيف من حدة الأزمة، إذ يتم تزويد المخيم بـ80 مترا مكعبا من المياه يوميا من آبار البادية المتواجدة في المنطقة".

ويتابع: "أصبح سكان المخيم يستعملون مياه الأردن فقط للشرب، أما هذه المياه المنقولة بالصهاريج من آبار البادية فهي للاستعمال المنزلي لأن فيها نسبة ملوحة عالية، إلا أنها تُشرب أحياناً".

ويؤكد الخالدي أن هذه الكمية التي يقوم فريق الاستجابة الطارئة بضخها في المخيم غير كافية، ولكنها خففت من معاناة الناس.

 

"كتلة ملتهبة"

تقول اللاجئة السورية في المخيم، أم يوسف المطر (70 عاماً)، إنها أتت إليه بعد تهجيرها من مدينة الرقة، إثر سيطرة تنظيم داعش، مضيفةً "الوضع مأساوي، والحرارة شديدة جدا، فنحن نعيش  في كتلة ملتهبة وسط الصحراء، ونعاني من انخفاض نسبة المياه بشكل كبير".

"كما نعاني العطش والجوع والإهمال والنقص في احتياجاتنا الرئيسية، ولا تصلنا المساعدات، ونضطر لشراء حاجياتنا المهربة من مناطق النظام بعشرات أضعاف سعرها، كذلك تنتشر الأفاعي والعقارب في محيط المخيم، وتفتقد المراكز الطبية الموجودة للأمصال المضادة لسموم لدغات العقارب والأفاعي"، تبيّن أم يوسف لـ"ارفع صوتك".

وتستدرك القول "رغم هذه المعاناة، يبقى همنا الأول حالياً هو توفير المياه الصالحة للشرب والاستعمال داخل الخيام". 

وتتابع: "اليوم مع بدء ضخ المياه من قبل فريق الاستجابة، ينقل الأطفال المياه التي تؤمنها الصهاريج بالغالونات إلى الخيم، وننتظر بالدور للحصول على المياه المتوفرة، التي يتم سحبها من الآبار المالحة الموجودة في الحماد السوري وتبعد حوالي 40 كيلومتراً عن المخيم، وهي غير صالحة للشرب والطبخ لكنها تحل مشكلة الاستحمام والاستخدام المنزلي".

وتضامنا مع معاناة أهالي الركبان أطلق ناشطون ومنظمات محلية حملات دعم لأهالي المخيم بعنوان "أنقذوا مخيم الركبان".

كما نظم الأهالي في مناطق الشمال السوري وقفات احتجاجية تضامنا مع سكان المخيم، مطالبين بنقلهم إلى مخيمات الشمال السوري.

ومؤخرا أصدر أهالي مخيم الركبان بيانا موجها للأمين العام للأمم المتحدة، حصل "ارفع صوتك" على نسخة منه، يناشدون فيه ضم المخيم للمخيمات التي تشرف عليها الأمم المتحدة، واعتباره منطقة منكوبة إنسانياً.

كما دعوا حكومة الأردن لنقل المخيم إلى الأراضي الأردنية أو العمل على فك الحصار المفروض عليه من جهتها، وفي حال عدم الموافقة طالب الأهالي في بيانهم نقلهم إلى الشمال السوري بالتنسيق مع الحكومة التركية.

ويعود تاريخ إقامة مخيم الركبان إلى أواخر عام 2015، وهو مخيم عشوائي يضم السوريين الذين فروا من الرقة ودير الزور وريف حمص الشرقي بعد سيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة شرقي البلاد.

وكان عدد اللاجئين فيه نحو مئة ألف لاجئ، ثم تناقص تدريجيا خلال سنوات، نتيجة الظروف المأساوية، وغادره عشرات الآلاف من ساكنيه.

نسخة عن بيان سكان مخيم الركبان- ارفع صوتك

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".