صورة أرشيفية لعناصر من الشرطة المجرية- فرانس برس
صورة أرشيفية لعناصر من الشرطة المجرية- فرانس برس

لا يزال فوج "صيادي الحدود" يستقطب المزيد من الشباب والفتيات في المجر، فهو يوفر لهم دخلا ماديا جيدا في بلد يعاني ضائقة اقتصادية، وقد يشبع رغباتهم المتشددة في ملاحقة واضطهاد طالبي اللجوء والمهاجرين الذي يحاولون عبور بلادهم للوصول إلى أوروبا الغربية.

ولكي يصبح المرء "صيادا" في ذلك الفوج، فما عليه سوى توقيع عقد مع الشرطة، وعقب قبوله سوف يرتدي زيا عسكريا أرزق اللون مع قبعة خضراء، وفي آخر في الشهر تداعب أنامله راتبا نقديا يعادل 920 دولار أميركي، وهو مبلغ كبير في تلك الدولة الشيوعية السابقة.

وبحسب صحيفة "التايمز" البريطانية، فقد تقدم مؤخرا أكثر من 2000 مجري للانضمام إلى "صيادي الحدود"، ووقع أكثر من 800 بالفعل عقودًا مع الشرطة بعد إطلاق حملة تجنيد تستهدف المدنيين في جميع أنحاء البلاد.

وتسعى السلطات المجرية إلى تجنيد ما يصل إلى 4000 في ذلك الفوج الذي يحظى بدعم رئيس الوزراء اليميني، فيكتور أوربان، وتأييد العديد من المشاهير والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي مثل رئيس الاتحاد المجري لكرة الماء، أتيلا فاري، والذي يعد أحد أهم الأبطال الأولمبيين السابقين في البلاد.

وكان أوربان قد أعلن خلال الشهر الماضي خلال كلمة له بافتتاح تدريبات الفوج أن "الأمن بلاد يبدأ من حراسة الحدود بفضل صائدي الحدود".

 

"تحقيق الأحلام"

من جانبها، لطالما أرادت كلوديا ناغي، البالغة من العمر 20 عامًا، أن تصبح ضابطة شرطة ، لكن عندما أضحت أماً لطفلين عقب زواجها اضطرت إلى التخلي عن حلمها قبل أن تسنح الفرصة من جديد لتحي آمالها عبر التطوع بفوج الصائدين.

وتوضح كلوديا أن والدتها سوف تعتني بطفليها أثناء وجودها بالخدمة، مضيف’: "بعد بضعة أعوام من المطاردات عند الحدود فإن خطتي القادمة أن أكون ضابطة شرطة محترفة".

ولا تنكر كلوديا أن الراتب الكبير والثابت كان أحد العوامل المغرية لقبولها بالانضمام إلى "صيادي الحدود".

ويخضع المتدربون لدورة مكثفة مدتها أربعة أسابيع تنقسم بين محاضرات نظرية ودروس عملية تشمل تعلم كيفية إطلاق النار ومراقبة الحدود، وتتبع مسارات المهاجرين واحتجاز الوافدين وإجراء عمليات البحث، والقيام بالاعتقالات ومنع الدخول غير القانوني.

وبعد التخرج، سوف يجري تجهيز "الصيادين" بالمسدسات والهراوات وبخاخات رذاذ الفلفل والأصفاد ونظارات الرؤية الليلية، وذلك قبل أن يلتحقوا بالخدمة إلى جانب عدد كبير من عناصر الشرطة وحرس الحدود.

وتنشر المجر العديد من الدوريات على الحدود مع صربيا  وكرواتيا، حيث يحرسون سياجًا طويلًا من الأسلاك الشائكة المكهربة.

و زعمت الحكومة المجرية في يوليو أنها ألقت القبض في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي على حوالي 157 ألف شخص كانوا يحاولون عبور الحدود بشكل غير شرعي.

وحذرت منظمات الإغاثة وحقوق الإنسان من أن المهاجرين يتعرضون بشكل متزايد "لأعمال عنف مقلقة" ترتكبها السلطات المجرية، ففي الشهر الماضي، تعرض شاب مغربي للضرب المبرح على أيدي شرطة الحدود كما حلقوا شعر قاصر صغير  قبل إعادته إلى صربيا.

وقالت "منظمة أطباء بلا حدود" إن فريقها على الأرض يعالج عددًا متزايدًا من المهاجرين الذين أبلغوا عن تعرضهم للإيذاء والضرب والدهس من قبل مسؤولي الحدود.

وقالت أندجيلا مارسيتيك، إحدى طبيبات المنظمة في صربيا: "إن اتساق وانتظام العنف الذي نتعامل معه على الحدود بين المجر وصربيا عشوائي".

وأردفت: "كل أسبوع نرى العديد من المرضى، بمن فيهم بعض الأطفال، يعانون كدمات شديدة وجروحا عميقة وكسورا في الأطراف وجمجمة الرأس".

ومنذ يناير من العام الماضي، عالجت المجموعة 423 مريضًا يعانون من إصابات ناجمة عن أعمال عنف على الحدود المجرية الصربية، لكن السلطات في بودابست تنفي هذه المزاعم وتصر على أن صيادي الحدود لديهم هدف واحد فقط، وهو حراسة وحماية الحدود.

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".