يمضي لبنان قدماً في تنفيذ خطّة لإعادة اللاجئين السورين إلى بلادهم، رغم المناشدات والمخاوف التي أصدرتها منظمات دولية وحقوقية تحذّر فيها من المصير "المجهول" الذي ينتظر العائدين.
وكانت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أعلنت في يوليو الماضي عن خطّة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، بواقع 15 ألف لاجئ شهرياً.
وبعد أكثر من شهرين على إقرار الخطّة أعلن الرئيس اللبناني، ميشيل عون، عن تطبيقها. وقال في 12 أكتوبر الجاري "إن عملية الترحيل الطوعي ستنطلق من لبنان باتجاه الحدود السورية ابتداء من العشرين من الشهر الجاري". عملية وصفها وفقاً للوكالة الوطنية للإعلام بإنها " قضية مهمة بالنسبة إلينا".

وتقدر الحكومة اللبنانية عدد اللاجئين السوريين في لبنان بأكثر من مليون ونصف المليون لاجئ، فيما يبلغ عددهم على سجلات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قرابة 86٦ ألف لاجئ، حسب إحصائيات 2020.
ومن المتوقع أن تشمل الدفعة الأولى من العائدين 920 عائلة، وفقاً لوزارة شؤون النازحين اللبنانية، التي تشرف على تنفيذ الخطّة. وكان وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصرف الأعمال اللبنانية، عصام شرف الدين، بيّن لموقع "الحرة"، الإجراءات التنفيذية للخطّة. وبحسبه، "تتولى الوزارة مهمة إعداد لوائح الراغبين بالعودة، وتسلم تلك اللوائح إلى المديرية العامة للأمن العام اللبناني، والتي ترسلها بدورها إلى وزارة الإدارة المحلية السورية".
"إعادة قسرية بغطاء طوعي"
وفيما تطلق الوزارة على تسمية الخطّة بـ" الطوعية" تصفها منظمات حقوقية وناشطون بأنها "قسرية".
مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عبّرت صراحة عن رفضها للخطّة، وحثت الحكومة اللبنانية على عدم تنفيذها، وعلّلت موقفها بأن الظروف غير مواتية لإعادة اللاجئين.
أما منظمة " هيومن رايتس ووتش"، فقالت إن "الخطوة ستشكل انتهاكاً واضحاً لالتزامات لبنان الدولية"، وشدّدت في بيان أصدرته، يوليو الماضي " ترقى أي إعادة قسرية إلى سوريا إلى مصاف انتهاك لبنان للالتزامات بعدم ممارسة الإعادة القسرية – أي إجبار الأشخاص على العودة إلى بلدان يواجهون فيها خطرا واضحا بالتعرض للتعذيب أو باقي أنواع الاضطهاد.
المحامي والناشط الحقوقي السوري، معتصم الكيلاني، يؤكد في حديث لـ"ارفع صوتك" أن ما تقوم به الحكومة اللبنانية إعادة قسرية للاجئين.
يقول: "الخطّة اللبنانية تتنافى مع اتفاقية جنيف الخاصة بحماية اللاجئين، إضافة إلى مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي العرفي".

ورداً على إقدام لاجئين سوريين على التسجيل "طواعية" للعودة، يقول الكيلاني: "واجب الدول أن توفر ظروفاً مناسبة للاجئين، وأي دولة تعمد إلى توفير ظروف سيئة فهي بذلك تدفع اللاجئين قسراً على العودة بكل ما تتضمنه تلك العودة من أخطار".
ويضيف: "هي إعادة قسرية تريد الحكومة اللبنانية منحها غطاء طوعيا".
في السياق، دعت منظمة العفو الدولية إلى وقف ما تسميه لبنان العودة الطوعية. وقالت المنظمة في بيان أصدرته مؤخراً: "اللاجئون السوريون في لبنان ليسوا في موقف يسمح لهم باتخاذ قرار حر ومستنير بشأن عودتهم بسبب السياسات الحكومية التقييدية المتعلقة بالتنقل والإقامة، والتمييز المتفشي، وعدم إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية".
مصير مجهول
فيما تتحدث جهات لبنانية عن ضمانات لعودة آمنة للاجئين، يقول الكيلاني: "لا يوجد ضمانات على الإطلاق لحماية اللاجئين".
ويتابع: "بمجرد أن يعبر اللاجئون الحدود اللبنانية باتجاه سوريا، فإنهم يصبحون في قبضة أفرع الأمن السورية"، متوقعاً أن يلاقي العديد من العائدين مصيراً مجهولاً.
وكانت منظمة العفو الدولي وثّقت في تقرير أصدرته بعنوان "أنت ذاهب إلى موتك" مقتل 5 لاجئين عائدين بعد احتجازهم في سجون النظام السوري، إضافة إلى 14 حالة عنف ارتكبت ضد عائدين بينها حالات اغتصاب.