صورة أرشيفية لجواز سفر سوري- المصدر: ibtimes
صورة تعبيرية لجواز سفر سوري

نظراً لعدد اللاجئين السوريين في تركيا، الذي تجاوز أكثر من ثلاثة ملايين، يعاني أغلبهم لاستخراج الأوراق الرسمية وجوازات السفر من القنصلية السورية في إسطنبول، حيث الازدحام الشديد في وعدم تنظيم المواعيد.

هذا الأمر، أدى بالضرورة لظهور طرق من أجل تعجيل معاملاتهم، ومنها الاستعانة بسماسرة، يستغلون حاجة اللاجئين في معظم الأحيان، بتقديم خدماتهم لقاء مبالغ كبيرة تتراوح بين 400 دولار و700 دولار.

وتنشط مكاتب السماسرة بشكل كبير في إسطنبول، ويتلقى آلاف السوريين معلوماتهم حول خدماتها في مجموعات خاصة وعامة على موقع فيسبوك.

أحد منشورات السماسرة على فيسبوك يوضح فيها سبب الأسعار

 

يقول أحمد رستم، وهو أحد اللاجئين في إسطنبول، لـ"ارفع صوتك"، إنه يرغب بأخذ موعد من القنصلية لاستخراج بعض الأوراق اللازمة له ولعائلته، لكنه صُدمَ من "المبالغ الكبيرة" التي طلبتها منه مكاتب السماسرة.

"حاولت الحصول على موعد رسمي عن طريق السفارة، إلا أنني قدمت الطلب منذ شهرين ولم يصلني الرد نهائيا، بعض الناس يصلهم الرد خلال ثلاثة شهور والبعض الآخر خلال ستة أشهر، لا يوجد معيار واضح لذلك للأسف"، يضيف أحمد.

ويتابع: "ابني يرغب بالتسجيل في الجامعة هنا وتلزمه بعض الأوراق وليس لدينا وقت كاف، لذلك اضطررنا للتعامل مع أحد السماسرة، ولكن الحصول على موعد لشخص واحد يكلفنا 650 دولارا، وهذا يفوق قدرتنا كثيرا، فالموعد من السفارة الرسمي بشكل مجاني، لكنه غير موجود".

وتقول أم محمد، وهي لاجئة في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا، إنها ترغب بتسجيل وكالة لأخيها في دمشق، إلا أن استصدارها عن طريق السمسار سيكلفها ألف دولار، بينما سعرها الطبيعي لا يتجاوز مئة دولار، بحسب تأكيدها.

وتضيف لـ"ارفع صوتك": "أنا مضطرة لعمل الوكالة من أجل بيع الأرض التي أملكها، لكن مكتب السمسار طلب مني 600 دولار ثمن موعد السفارة، وأنا مضطرة للسفر وحجز فندق في إسطنبول، بالإضافة لثمن التوكيل".

وتستنكر أم محمد الوضع بقولها "لم نسمع بهذه الأسعار أو حتى بوجود سماسرة أصلاً في بلدان أخرى مثل مصر ولبنان، التي يتواجد فيها السوريون بكثرة، الفساد موجود بشكل كبير في القنصلية ولدى السماسرة"، على حد تعبيرها.

ومن إسطنبول أيضاً، اللاجئة مروى أبا زيد، تخبر "ارفع صوتك"، أنها احتاجت ورقة "نفوس" من دمشق، لأنها ستتزوج قريباً، وبعد الحصول عليها، اشتُرط عليها تصديقها من مكتب القنصلية في تركيا، ومقابل ذلك، طلب منها السمسار 350 دولاراً.

توضح مروى: "هناك عمليات تزوير حقيقية تحدث هذه الأيام، من الممكن أن يزور السمسار أوراق القنصلية ويقول لي أنه أخرجها من هناك، سأدفع مبلغاً أكبر لقاء دخولي بشكل نظامي إلى السفارة وتصديق ورقة النفوس أمام عيناي".

مرتضى السيد وهو لاجئ مقيم في إسطنبول، يقول إنه اضطر كذلك لتجديد جواز سفره، ليتمكن من تجديد الإقامة في تركيا، التي تنتهي بعد شهر، من حديثه لـ"ارفع صوتك".

"سيكلفني الأمر أكثر من 2000 دولار، الجزء الأكبر منها لمكتب التسيير، والمتبقي للقنصلية، وهذا الرقم سيدخل موسوعة غينيس كأغلى جواز سفر في العالم"، كما يقول مرتضى، ساخراً.

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".