قدمت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، إحصائية جديدة لعام 2022، بشأن الأرقام المتعلقة بمحاولات العبور من قبل المهاجرين وطالبي اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي بطريقة غير نظامية، ما ينذر بموجات جديدة، خصوصا أن نسبة الزيادة بلغت 64% مقارنة بعام 2021، وهو أعلى رقم منذ عام 2016 .
ووثقت نحو 330 ألف محاولة لعبور المهاجرين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وهو أعلى رقم مسجل منذ عام 2016، وشكّل السوريون والأفغان والتونسيون معاً نحو 47% من تلك المحاولات.
وبلغ عدد السوريين نحو 94 ألفا، بحسب "فرونتكس"، مضيفةً أن 45% من عمليات الدخول غير النظامية تمت عبر مناطق غرب البلقان.
ووفق أرقامها، احتل السوريون المرتبة الأولى بالعبور من مناطق غرب البلقان وكذلك من شرق المتوسط، ما يعني أن النسبة الأكبر قادمة من تركيا خصوصا مع تشديد القيود على العبور من سوريا إلى تركيا.
وذكرت صحيفة "تاغس شاو" الألمانية، أن عدد طلبات اللجوء في ألمانيا ارتفعت خلال العام المنصرم 2022 إلى نحو 27.9%، وكان معظم المتقدمين بطلبات اللجوء ينحدرون من سوريا وأفغانستان.
أزمات تلاحق السوريين
تواجه السوريون تحديات عديدة العام الحالي، خصوصا في خضم الأزمات الحادة التي تعيشها مناطق سيطرة النظام السوري، وأبرزها شح المحروقات وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، تصل في معظم الأحيان غالبية اليوم، إضافة إلى الفقر المدقع الذي تشترك معه المناطق خارج سيطرة النظام.
في هذا الشأن، قال فريق "منسقو الاستجابة في سوريا"، إن أعداد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في سوريا وصلت 15.3 مليون نسمة في نسبة هي الأعلى منذ 2011، بزيادة تقدر بـ700 ألف نسمة عن عام 2021.
أما في لبنان، ووفق تقديرات أممية، فإن 90% من اللاجئين السوريين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية للتمكن من البقاء على قيد الحياة، في حين تبدو التقيمات قاتمة لعام 2022، بعد أن أظهرت تدهورا حادا ومستمرا في ظروفهم المعيشية.
ويبدو التحدي الأبرز في تركيا، الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو، حيث تحوّل السوريون منذ سنوات إلى مادة انتخابية لدى أحزب في المعارضة، قبل أن تشمل التحديات التي تواجه السوريين هناك، مساعي الحكومة التركية ترحيل مليون سوري "وفق تصريحات المسؤولين"، إضافة إلى مساعي التطبيع بين أنقرة والنظام السوري.
وبناء على كل تلك المعطيات الواردة من تركيا، نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريراً بعنوان "أصبح اللاجئون السوريون في تركيا قضية انتخابية رغما عنهم"، ينقل قصصاً لسوريين يرغبون بالسفر إلى أوروبا إذا ما تم إجبارهم على العودة لوطنهم.
القوانين الأوروبية الجديدة
مع زحف اليمين إلى السلطة في عدد من الدول الأوروبية، كما في حالة إيطاليا وتصدرهم المشهد السياسي كما في حالة السويد، تبرز المخاوف من أزمات جديدة حيال ملف الهجرة، خصوصا مع تبني عدة دول قوانين جديدة وأخرى في طريقها لإقرار قوانين تتعلق بالحد من الهجرة.
وهذا من شأنه وضع الأمور في مرحلة حرجة أمام الأحزاب غير اليمينية، ففي فرنسا مثلاً ينتظر أن يطرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تقديم مشروع قانون للهجرة، يحاول أن يوازن بين احتياجات بلاده من المهاجرين وضغوط وعداء اليمين المتطرف لهم، بجانب مخاوف حقوقية من أن يتيح المشروع عمليات "إعادة قسرية غير قانونية" للمهاجرين وطالبي اللجوء.
وبحسب ما نقلته وكالة "الأناضول" التركية، من بنود المشروع تطبيق سياسة الالتزام بمغادرة الأراضي الفرنسية، وكل ذلك يضاف إلى الضغوط التي يعيشها السوريون في بلدهم أو في دول الجوار.
في نفس السياق، يقول الخبير في الشأن السوري محمد العبد الله، لـ"ارفع صوتك"، إن "موجات لجوء السوريين الكبيرة ارتبطت بعدة عوامل أولها ظروف اللجوء في دول الاستضافة الأولى، ونقصد تركيا ولبنان والأردن، وتأتي تركيا بالمقام الأول كونها استقبلت العدد الأكبر، إضافة لقربها الجغرافي من أوروبا، يضاف إلى ذلك عوامل سياسية منها أن قضية اللاجئين تحولت إلى ورقة ضغط سياسي بالنسبة للمعارضة في الاستحقاق الانتخابي القادم".
"كما أن الحكومة التركية تستخدم اللاجئين أو كما تسميهم تركيا بالضيوف، كورقة ضغط على الاتحاد الأوربي بغية تحقيق مكاسب سياسية ومادية، وبالمحصلة دفع اللاجئ السوري الثمن الباهظ لهذا الوضع غير المسبوق عالميا"، يضيف العبد الله.
ويتابع: "كان اللاجئون السوريون ضحية التنافس بين طرفي المعادلة السياسية التركية مما زاد أعداد السوريين الراغبين الراغبين بالوصول إلى أوروبا عبر بلغاريا واليونان بحثا عن الاستقرار والأمان وخشية التهجير إلى الشمال السوري، وهذا الواقع ساهم بشكل ملحوظ بزيادة أعداد اللاجئين إلى أوروبا وشكل موجة جديدة تشبه إلى حد ما موجة عام 2015".