أحمد عموري، كاتب قصص أطفال سوري مقيم في السويد- فيسبوك
أحمد عموري، كاتب قصص أطفال سوري مقيم في السويد- صفحته على فيسبوك

"منذ أن كنتُ طفلاً، كانت تراودني فكرة خلق عالم جديد كامل من العدم، من خلال الكتابة، وتحديد نقطة البداية لشخصيات ذلك العالم، ومرافقتهم في مغامراتهم واكتشاف مستقبلهم". يبدو أن حلم الطفولة الذي رافق الشاب السوري أحمد عموري، قد تحقق أخيراً.

تغيّر كل شيء في حياة أحمد (34 عاماً)، مثله مثل جميع السوريين، بعد نشوب الحرب في بلده، ومع هوايته في كتابة القصص، تركت الحرب أثراً كبيراً في مخيلته ونظرته للحياة، وبدأت قصصه تسرد حكايات أشخاص تغيرت حياتهم بفعل الحرب، وكيف تأثّروا بها وتعاملوا معها.

يقول لـ"ارفع صوتك": "كان قرار الرحيل إلى السويد من أصعب القرارات التي اتخذتها في حياتي. لم أكن أتخيل يوماً أن أترك بلدي وأصدقائي، لكنني أدركت أن الوضع في سوريا يتّجه نحو مستقبل مجهول ومظلم، ويجب أن أتخذ خطوة شجاعة نحو مستقبل أفضل".

أحمد المنحدر من محافظة حماة في وسط سوريا، يروي كيف أثّرت رحلة اللجوء القاسية في وجدانه، لدرجة أنه قرر توثيق تلك المشاعر والأفكار في قصص قصيرة. يضيف: "أطلقت العنان لمشاعري لتتخذ صور شخصيات تصارع الأحاسيس التي لم يسبق لي أن شعرت بها مسبقاً، ما أتاح لي فرصة للتعبير عن نفسي بطريقة جديدة ومعمّقة".

منحته السويد فرصة ثانية في الحياة، وبفضل إجادته التامة للغة الإنجليزية، تمكّن من تكوين صداقات قوية مع السويديين، الذين وجد بينهم مكاناً يتيح له الهدوء والتأمل، ما سمح له بتكوين مزيج فريد من الخبرات الصعبة التي مرّ بها في سوريا، والحياة في البلد الجديد.

يتابع أحمد: "هذا المزيج الثري أتاح لي فرصة خلق لون أدبي خاص بي، يتميز بالعمق والصدق. أصبحت قصصي مرآة لثيمات عالمية، تتجاوز حدود قضية شعب واحد، ما يتيح للقارئ مهما كان عرقه أو خلفيته، أن يجد نفسه في صفحاتها".

وإضافة إلى كتابته قصصاً عن اللاجئين ومعاناتهم، امتدّ أفقه الفكري ليشمل مجموعة متنوعة من الثيمات والألوان الأدبية. "فمن خلال رحلتي في عالم الأدب، استطعت أن أغمر نفسي في خلق قصص تنقل القارئ إلى عوالم مختلفة، مليئة بالغموض والإثارة النفسية"، على حد تعبيره.

يوضح أحمد: "تتيح لي هذه القصص فرصة استكشاف جوانب مختلفة من النفس البشرية، وتقديم تجارب متعددة الأوجه تتناول موضوعات عالمية تتجاوز الزمان والمكان. ومن خلال هذا التنوع في كتاباتي، أسعى لإقامة جسر يربط بين مختلف الثقافات والتجارب، الأمر الذي يُتيح للقارئ فرصة للتعاطف والتفكير العميق، والاستمتاع برحلة أدبية غنية ومتعددة الأبعاد".

مع مرور الوقت وصقل موهبته الكتابية، بدأت جهود أحمد تؤتي أُكُلها، حيث فاز بجائزة "أفرابيا" في عامي 2017 و2018 عن قصتي "سوزي الصغيرة" و"سيزيف"، ولكن النجاح لم يتوقف هناك، ففي عام 2022، تقدّم لمسابقة كتابة سيناريو الأفلام في السويد، وتمكن من الفوز بالمركز الأول. "كانت هذه الجائزة بمثابة تتويج لرحلتي الأدبية، خاصة أنها كانت أول جائزة أحرزها عن نص كتبته بلغة غير لغتي الأم، ما أثبت أن الأدب لا يعرف حدوداً للغة أو الثقافة"، يؤكد أحمد.

وفي خضم هذه الرحلة، لم يكتف أحمد بنقل تجربته الشخصية عبر الكلمات. يبيّن: "خلال فترة اندماجي في المجتمع السويدي، عملت بجهد وإصرار لأكون عضوًا فعالًا فيه، معربا عن رغبتي في تقديم صورة إيجابية عني كفرد سوري ملتزم بإثراء مجتمعي الجديد، فأكملت دراستي الجامعية  وعملت على تعديل شهاداتي السورية، وحصلت على ترخيص لتدريس اللغة الإنجليزية والعربية".

أصبحت قصصه جزءا من المنهاج التعليمي في السويد. يقول أحمد: "من بين اللحظات التي تميزت بالجمال والفخر في حياتي، حين بدأت الآنسة (معلمة) إيلاف دعدوش، بتدريس قصصي في المراحل الثانوية الثلاثة ضمن مادة اللغة الأم. كانت هذه بداية مشرقة، حيث تبعها العديد من المعلمين في مدن أخرى، ما أتاح لقصصي أن تصل إلى جمهور أوسع وتلقى تقديرا واحتراما".

وفي هذه الأثناء، يجري العمل بكثافة على مشروع الفيلم الذي فاز بالمسابقة، بعنوان "بطانية حمراء- A Red Blanket". يتولى إخراج الفيلم جيمي فال بيتسرون Jimi Vall Peterson، الذي يُعد واحداً من أبرز المخرجين في السويد.

يتناول الفيلم قصة طفلة صغيرة اضطرت لمغادرة وطنها بسبب الحروب الدموية، ورحلتها المؤلمة المليئة بالتحدّيات في البحث عن ذاتها داخل أرض غريبة.

ويركز على آثار الحرب النفسية على الأطفال، وتحديات فقدان الهوية التي يمكن أن تواجهها الأجيال الصاعدة بسبب النزاعات المستمرة.

مواضيع ذات صلة:

A displaced Palestinian girl runs in a school where she takes refuge with her family, after a temporary truce between Hamas and Israel expired, in Khan Younis
من إحدى المدارس التي تؤوي النازحين في قطاع غزة- رويترز

أفاد مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غزة، توماس وايت، الجمعة، بأن إحدى مدراس الوكالة الأممية بالقطاع الفلسطيني، تشهد تفشيا لمرض "التهاب الكبد الوبائي أ".

وقال وايت في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" البريطانية: "في إحدى مدارسنا، لدينا الآن تفشيا لالتهاب الكبد الوبائي أ".

وأضاف أن خطر الإصابة بالأمراض المعدية قائم بالفعل في غزة، بسبب أن مدارس "الأونروا" التي تتسع لإيواء 1500 شخص، بها حاليا أكثر من 6000 شخص جنوبي القطاع.

ويشهد الوضع الصحي تدهورا، إذ تحدثت منظمة الصحة العالمية عن وجود 111 ألف إصابة بالتهاب الجهاز التنفسي الحاد، و36 ألف حالة إسهال لدى أطفال دون الخامسة، بين النازحين في غزة. 

وفي نهاية الشهر الماضي، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن "زيادة كبيرة" في الإصابات ببعض الأمراض المعدية في غزة، مشيرة بصورة خاصة إلى زيادة حالات الإسهال بين الأطفال بـ 45 مرة، في حين أن معظم مستشفيات القطاع توقفت عن العمل جراء الحرب.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 1.8 مليون شخص في قطاع غزة فروا من منازلهم خلال الأسابيع السبعة الماضية، ويعيش نحو 60 في المئة منهم في 156 منشأة تابعة لـ"أونروا".

مخاطر عديدة

وفي اتصال سابق مع موقع "الحرة"، أوضحت أخصائية طب الأسرة، الدكتورة نسرين حماد، أن "الإسهال والالتهابات التنفسية يمكن أن يكونا من بين أخطر المشكلات الصحية التي تواجه المتواجدين في مناطق لا تتوفر فيها الشروط الصحية المناسبة".

وأضافت: "يجب الإشارة إلى أن مخيمات اللجوء والنزوح غالبا ما تكون مكانا لتجمع عدد كبير للناس في ظروف غير صحية، حيث يفتقرون إلى الوصول للمياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الصحية الأساسية، مما يجعلهم عرضة للعديد من الأمراض، بما في ذلك الإسهال والالتهابات التنفسية".

ونبهت إلى أن "الإسهال يمكن أن يكون مسببا لآثار مدمرة، حيث تنتقل الفيروسات والبكتيريا بسرعة عبر المياه الملوثة، إلى جانب أنه يؤدي إلى نقص السوائل والتغذية بالجسم بسرعة وبشكل خطير، خاصةً إذا لم يتوفر العلاج المناسب والوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية".

ورأت حماد أن "التواجد في ظروف تؤدي إلى نقص النظافة والتغذية غير الصحية من حيث الكم أو النوع، يجعلان الأطفال وكبار السن أكثر عرضة للإصابة بالإسهال ومضاعفاته".

وبالنسبة للالتهابات التنفسية، فإنها، بحسب كلام الطبيبة، تشكل تحديا آخرا، لا سيما في أماكن الاكتظاط، حيث تكون التهوية سيئة والظروف البيئية غير صحية.

وشددت على أن "الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل التهاب الرئة والانسداد في القصبات التنفسية".

وتعرض قطاع غزة لقصف إسرائيلي منذ 7 أكتوبر ترافق بعملية عسكرية برية بدأت 27 من الشهر ذاته، وذلك بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على إسرائيل وخلف 1200 قتيل، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وأدى أيضا إلى اختطاف 240 رهينة، بحسب السلطات الإسرائيلية.

ولم يتوقف القصف على قطاع غزة، الذي خلف نحو 15 ألف قتيل معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، إلا بعد إعلان هدنة إنسانية نهاية الأسبوع الماضي، للسماح بإطلاق سراح رهائن اختطفتهم حماس وفصائل أخرى، مقابل إطلاق سراح فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

كما أتاحت الهدنة تسريع إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية لسكان القطاع الذين يناهز عددهم 2,4 مليون نسمة.

وانتهت الهدنة، الجمعة، بعد 7 أيام من دخولها حيز التنفيذ. وأعلنت حكومة قطاع غزة التابعة لحركة حماس، السبت، أن 240 شخصا على الأقل قتلوا في القطاع منذ انتهاء الهدنة صباح الجمعة.

كما أصيب أكثر من 650 شخصا في "مئات الغارات الجوية والقصف المدفعي ومن البوارج والزوارق البحرية الحربية على مناطق قطاع غزة"، وفق بيان للحركة الفلسطينية.

في الناحية المقابلة، أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، قصف "أكثر من 400 هدف إرهابي" في قطاع غزة منذ انتهاء الهدنة.

وتتقاذف إسرائيل وحماس المسؤولية عن إنهاء الهدنة، التي أتاحت الإفراج عن أكثر من 100 رهينة مقابل إطلاق 240 سجينا فلسطينيا، إضافة إلى دخول مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة.

وقالت حماس في بيان سابق، الجمعة، إنها اقترحت أن يتم تبادل سجناء فلسطينيين لدى إسرائيل، برهائن "مسنين" لديها، وأن تسلّم جثث رهائن إسرائيليين "قُتلوا في القصف الإسرائيلي".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه تأكد من وفاة 5 من الرهائن الذين كانوا محتجزين في قطاع غزة وأبلغ عائلاتهم، قائلا إن الدولة استعادت جثة أحدهم.

من جانبه، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الحركة الفلسطينية بـ"خرق الاتفاق" و"إطلاق صواريخ" باتجاه إسرائيل، وتوعدت حكومته بتوجيه "ضربة قاضية" لحماس.