MSF ship Geo Barents rescues migrants off the Libyan coast in the central Mediterranean Sea
انقاذ مهاجرين غرق قاربهم في البحر الأبيض المتوسط قرب الحدود الليبية- أرشيفية

28 سبتمبر يوم الملاحة البحرية العالمي. وعلى الرغم من أن هذا اليوم يحتفي بالروابط والشراكات بين الدول، ارتبطت رمزيته في الآونة الأخيرة في ظل النزاعات والفقر المدقع، بمحاولات العبور أو الهجرة التي لا تحمل دائما نهايات سعيدة. وللدلالة إلى حجم المآسي الناتجة عن الهجرة في البحر، ذهب البعض حد وصف البحر الأبيض المتوسط، تلك الساحة الكبيرة للعبور، بـ"مقبرة" المهاجرين وقد بلغت أعداد من خاضوا البحر حتى يوليو 2023  69,599 مهاجراً، لم يكتب للكثير منهم النجاة، حسبما أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

انعكس ذلك على الأدب العالمي الذي نقل قصص المهاجرين عبر أخطر الطرق في العالم وحملها من بلدان الفقر والحروب إلى العالمية لعلها تلقى آذانا صاغية. في ما يلي بعض الكتب التي تناولت الزاوية المظلمة للهجرة عبر البحر.

"حائط الأبيض المتوسط"

في روايته التي تحمل عنوان "حائط الأبيض المتوسط" (Mur Méditerranée)، يصور لويس فيليب دالمبرت رحلة عبور لأشخاص من جنسيات مختلفة مع التركيز على المسارات المتقاطعة لثلاث نساء تختصر قصصهن الهجرة والمنفى. ويظهر عنوان الرواية كيف أن البحر الأبيض المتوسط تحول إلى جدار يعيق التواصل بين الشعوب ونجدتها لبعضها البعض. هذا الجدار مبني، بحسب دالمبرت، من الكراهية والعنصرية والعبودية.

الكاتب المغربي الشهير الطاهر بن جلون نشر قراءته للرواية واصفا إياها بـ"العظيمة"، وهي التي تتناول وحشية المهرِّبين والمتاجرين بالبشر من ناحية وإصرار المهاجرين على السفر وصولا إلى أبواب أوروبا على الرغم من خطر الموت.  وتبرع الرواية من حيث التوثيق ومن حيث اختيار الشخصيات: ثلاث نساء، يهوديتان من نيجيريا وإريترية ومسلمة من حلب. ثلاثية تحكي ثلاثية الأقدار التي تظهر درجة العنف والتعقيد في العالم حيث تفر كل من النساء الثلاث من أزمة بلادها، أما الوجهة فجزيرة لامبيدوزا التي تمثل أقصى امتداد لإيطاليا إلى الجنوب. السيدة النيجيرية تهرب من جماعة "بوكو حرام" ومن ضعف الدولة والفساد فيها. والإريترية، تفر من الحرب في بلادها إثيوبيا ومن الفقر الذي يتآكلها. والسيدة الثالثة هاربة مع طفلتيها من سوريا حيث "يقوم بشار الأسد بمساعدة حاسمة من روسيا وإيران بالقضاء على شعب بأكمله". الرواية تظهر كيف يستمر الرعب حتى بعد الخروج من الوطن، حيث تتعرض النساء للإستغلال من قبل المافيا التي تمارس الإتجار بالبشر أو بيع و تأجير النساء للعمل المنزلي أو للخدمات الجنسية. وتظهر الرواية العلاقات التي تنشأ بين المهاجرين ومحاولتهم وضع اليد باليد على أمل أن تنتهي المأساة، قوة النساء بعيدا عن تصويرهن كمجرد ضحايا، لأن الحقيقة المرة وفقا للرواية تدعونا للتفكر بأن كل منا معرض لأن يعيش هذه التجربة.

"قانون البحر"

تحكي الرواية الفرنسية التي تحمل عنوان "قانون البحر" (La loi de la mer) عن تجربة المهاجرين وعن تغير أحوالهم في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، "محطة الوصول في محاولة العبور لأوروبا، حيث يقفون بوجه الضوء وبوجه الأشواك والرياح غير محميين، على تلك الجزيرة التي تزعزع الإستقرار وترسخ الشعور بالعزلة". بالنسبة للمهاجرين، لا قانون يعلو على قانون البحر، ذلك القانون الذي يجبرهم على عيش تجربة الألم الجماعي.

نشأت فكرة الكتاب بعد لقاء الكاتب مع أحد المنقذين الذي شاركه الألم الذي يعاني منه وهو يجبر أحيانا على أن يتخذ قراراً رهيباً: "ماذا تفعل حين تجد نفسك قريباً من ثلاثة أشخاص يغرقون أمامك، ثم على مسافة خمسة أمتار منك.. أم وطفلها؟ ماذا تفعل؟ من تنقذ أولاً؟ الثلاثة الذين أمامك، أم الأم ومولودها هناك؟". وفي الرواية، جانب آخر لا يكتفي فيه الكاتب بسرد القصص الحزينة وهو الذي يعترف بأنه لا يفقه لغة المهاجرين، بل يسلّط الضوء على الناس الذين يدخلون في احتكاك مباشر معهم من خفر السواحل والأطباء، والصيادين الذين يعيشون أيضًا في حياتهم اليومية دراما حطام السفن ويفهمون صمت الرحيل. وربما الأكثر إيلاما في هذا الكتاب هي تجربة "حفار القبور" فينسينزو، العامل في مقبرة لامبيدوزا. يقوم هذا الحفار عند كل حادثة غرق، بالاعتناء بالجثث وتجهيزها الواحدة تلو الأخرى. يحمل هذا الرجل الذي لم يذهب إلى المدرسة قط كل الآلام في قلبه بطريقته الخاصة. ومنذ تقاعده، لم يعتن أحد بمقبرة "المجهولين" هذه.

"العراة لا يخشون الماء"  (2023): رحلة مع اللاجئين الأفغان بقلم ماثيو أيكينز

يسافر ماثيو أيكينز، الحائز على جائزة "أوزبورن إليوت" للتميز في الصحافة في آسيا لعام 2022، في كتابه "العراة لا يخشون الماء" (The Naked Don’t Fear the Water) متخفياً كلاجئ أفغاني يُدعى حبيب لمرافقة صديقه عمر الهارب من أفغانستان الممزقة بالحرب والمترجم السابق للقوات الأميركية في أفغانستان، في رحلة عبر البر وعبر البحر لطلب اللجوء إلى أوروبا. تدور أحداث الكتاب المستوحى من الواقع، بالتوازي مع تشديد الخناق على تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط إلى أوروبا. ويظهر الإمتيازات التي قد يحظى بها بعض الصحفيين على مستوى التنقل عبر الحدود مقارنة بسواهم.

ويسطّر الكتاب التعاطف العابر للحدود، ليس فقط الجغرافية، وإنما حدود الإمكانيات. ويعطي نظرة ثاقبة على الحياة المفجعة للأشخاص العاديين الذين يخوضون مخاطر رهيبة لإنقاذ أنفسهم، في ظل عدم المساواة في التعاطي مع اللاجئين والتي تعكس المعاناة بفعل القرارات السياسية. في الكتاب، ربما أكثر ما يلفت للنظر هو الرابط الاستثنائي الذي ينشأ بين الأشخاص الذين يختبرون المعاناة نفسها: تقاسم الطعام واحتضان طفل صغير وسط الأمواج المتلاطمة.. هل من تعبير أصدق عن الحب؟

"على حافة أوروبا" (At Europe's Edge)

في هذا الكتاب، تشارك سيتا ماينوارينغ قصة عن الهجرة عبر البحر الأبيض الذي يعدّ المنطقة الأكثر دموية في العالم بالنسبة للمهاجرين والذي يمثل انعكاساً للسياسات الأوروبية. ويصور الكتاب الأزمة غير المسبوقة مع الغوص في الأسباب التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى تحصين حدوده الخارجية؛ بالتوازي مع مواصلة المهاجرين عبور البحر الأبيض المتوسط حيث يلاقون حتفهم. ويطرح أسئلة عن كيفية استجابة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لدورهم الجديد كحراس "بوابة الهجرة". يحاول الكتاب دراسة العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومالطا، وهي دولة صغيرة تلعب دوراً كبيراً في سياسات الهجرة حيث تضعها سياسات الاتحاد الأوروبي في مرمى تدفقات الهجرة وضوابطها.

تؤكد الكاتبة على دور البحر الأبيض المتوسط في بناء أوروبا المتنازع عليه، مع نظرة عميقة على دور مالطا والمهاجرين ورحلات التهريب في صياغة سياسات الهجرة والعلاقات الدولية والسياسة العالمية للهجرة واللجوء وأمن الحدود.

المتوسط يبتلع زورقا جديدا للمهاجرين والحصيلة 180 مفقوداً
أعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة الثلاثاء، 17 كانون الثاني/يناير، ارتفاع حصيلة غرق مركب مهاجرين السبت قبالة السواحل الليبية إلى أربعة قتلى وحوالي 180 مفقوداً، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

"Mediterraneo".. رواية مصورة عن مأساة الأعماق

"Mediterranao" رواية إيطالية مصورة عن رحلات الأمل التي تصطدم بنهاية مأسوية، وهو يجمع ما بين نص سيرجيو نازارو ورسومات لوكا فيرارا. تعيد الرواية إحياء حرب طويلة وصامتة أودت بحياة الآلاف على مدى السنوات العشرين الماضية وقصة بحر تتكشف المآسي بداخله فتنحسر أمواجه لتتكشف أكبر مقبرة جماعية في أوروبا حيث أكوام الجثث والأشباح المتجولة والأعماق القاحلة بكل قسوتها. ومن هذا الألم، تخرج أماليا التي فقدت عائلتها بأسرتها إثر مجزرة، وتخوض رحلة العبور على الرغم من كل الصعاب والخوف، متجهة إلى إيطاليا بحثاً عن الملاذ الآمن. الكتاب الصادر عن الصليب الأحمر الإيطالي، لا يشيطن البحر الأبيض المتوسط وإنما يلوم السياسات التي حولت المياه المالحة بلا قصد، إلى جدار كبير بين الناس وجسر لمهربي البشر في واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في العالم.

مواضيع ذات صلة:

A displaced Palestinian girl runs in a school where she takes refuge with her family, after a temporary truce between Hamas and Israel expired, in Khan Younis
من إحدى المدارس التي تؤوي النازحين في قطاع غزة- رويترز

أفاد مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غزة، توماس وايت، الجمعة، بأن إحدى مدراس الوكالة الأممية بالقطاع الفلسطيني، تشهد تفشيا لمرض "التهاب الكبد الوبائي أ".

وقال وايت في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" البريطانية: "في إحدى مدارسنا، لدينا الآن تفشيا لالتهاب الكبد الوبائي أ".

وأضاف أن خطر الإصابة بالأمراض المعدية قائم بالفعل في غزة، بسبب أن مدارس "الأونروا" التي تتسع لإيواء 1500 شخص، بها حاليا أكثر من 6000 شخص جنوبي القطاع.

ويشهد الوضع الصحي تدهورا، إذ تحدثت منظمة الصحة العالمية عن وجود 111 ألف إصابة بالتهاب الجهاز التنفسي الحاد، و36 ألف حالة إسهال لدى أطفال دون الخامسة، بين النازحين في غزة. 

وفي نهاية الشهر الماضي، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن "زيادة كبيرة" في الإصابات ببعض الأمراض المعدية في غزة، مشيرة بصورة خاصة إلى زيادة حالات الإسهال بين الأطفال بـ 45 مرة، في حين أن معظم مستشفيات القطاع توقفت عن العمل جراء الحرب.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 1.8 مليون شخص في قطاع غزة فروا من منازلهم خلال الأسابيع السبعة الماضية، ويعيش نحو 60 في المئة منهم في 156 منشأة تابعة لـ"أونروا".

مخاطر عديدة

وفي اتصال سابق مع موقع "الحرة"، أوضحت أخصائية طب الأسرة، الدكتورة نسرين حماد، أن "الإسهال والالتهابات التنفسية يمكن أن يكونا من بين أخطر المشكلات الصحية التي تواجه المتواجدين في مناطق لا تتوفر فيها الشروط الصحية المناسبة".

وأضافت: "يجب الإشارة إلى أن مخيمات اللجوء والنزوح غالبا ما تكون مكانا لتجمع عدد كبير للناس في ظروف غير صحية، حيث يفتقرون إلى الوصول للمياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الصحية الأساسية، مما يجعلهم عرضة للعديد من الأمراض، بما في ذلك الإسهال والالتهابات التنفسية".

ونبهت إلى أن "الإسهال يمكن أن يكون مسببا لآثار مدمرة، حيث تنتقل الفيروسات والبكتيريا بسرعة عبر المياه الملوثة، إلى جانب أنه يؤدي إلى نقص السوائل والتغذية بالجسم بسرعة وبشكل خطير، خاصةً إذا لم يتوفر العلاج المناسب والوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية".

ورأت حماد أن "التواجد في ظروف تؤدي إلى نقص النظافة والتغذية غير الصحية من حيث الكم أو النوع، يجعلان الأطفال وكبار السن أكثر عرضة للإصابة بالإسهال ومضاعفاته".

وبالنسبة للالتهابات التنفسية، فإنها، بحسب كلام الطبيبة، تشكل تحديا آخرا، لا سيما في أماكن الاكتظاط، حيث تكون التهوية سيئة والظروف البيئية غير صحية.

وشددت على أن "الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل التهاب الرئة والانسداد في القصبات التنفسية".

وتعرض قطاع غزة لقصف إسرائيلي منذ 7 أكتوبر ترافق بعملية عسكرية برية بدأت 27 من الشهر ذاته، وذلك بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على إسرائيل وخلف 1200 قتيل، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وأدى أيضا إلى اختطاف 240 رهينة، بحسب السلطات الإسرائيلية.

ولم يتوقف القصف على قطاع غزة، الذي خلف نحو 15 ألف قتيل معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، إلا بعد إعلان هدنة إنسانية نهاية الأسبوع الماضي، للسماح بإطلاق سراح رهائن اختطفتهم حماس وفصائل أخرى، مقابل إطلاق سراح فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

كما أتاحت الهدنة تسريع إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية لسكان القطاع الذين يناهز عددهم 2,4 مليون نسمة.

وانتهت الهدنة، الجمعة، بعد 7 أيام من دخولها حيز التنفيذ. وأعلنت حكومة قطاع غزة التابعة لحركة حماس، السبت، أن 240 شخصا على الأقل قتلوا في القطاع منذ انتهاء الهدنة صباح الجمعة.

كما أصيب أكثر من 650 شخصا في "مئات الغارات الجوية والقصف المدفعي ومن البوارج والزوارق البحرية الحربية على مناطق قطاع غزة"، وفق بيان للحركة الفلسطينية.

في الناحية المقابلة، أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، قصف "أكثر من 400 هدف إرهابي" في قطاع غزة منذ انتهاء الهدنة.

وتتقاذف إسرائيل وحماس المسؤولية عن إنهاء الهدنة، التي أتاحت الإفراج عن أكثر من 100 رهينة مقابل إطلاق 240 سجينا فلسطينيا، إضافة إلى دخول مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة.

وقالت حماس في بيان سابق، الجمعة، إنها اقترحت أن يتم تبادل سجناء فلسطينيين لدى إسرائيل، برهائن "مسنين" لديها، وأن تسلّم جثث رهائن إسرائيليين "قُتلوا في القصف الإسرائيلي".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه تأكد من وفاة 5 من الرهائن الذين كانوا محتجزين في قطاع غزة وأبلغ عائلاتهم، قائلا إن الدولة استعادت جثة أحدهم.

من جانبه، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الحركة الفلسطينية بـ"خرق الاتفاق" و"إطلاق صواريخ" باتجاه إسرائيل، وتوعدت حكومته بتوجيه "ضربة قاضية" لحماس.