A ferry departs to cross the Bosphorus at Eminonu ferry terminal in Istanbul, Turkey, Thursday, Sept. 28, 2023. (AP Photo…
بعض اللاجئين في اسطنبول باتوا يفكرون في خيارات الهرب بحراً إلى اليونان- تعبيرية

انتهت في الرابع والعشرين من سبتمبر الماضي المهلة التي حددتها وزارة الداخلية التركية للسوريين المتواجدين في إسطنبول لتسوية أوضاعهم أو عودتهم إلى المدن التي يحملون بطاقات لجوء صادرة عنها(بطاقة الكيمليك).

ومع انتهاء المهلة، عاد عدد كبير من السوريين المقيمين في إسطنبول إلى مدنهم المسجلين فيها، في حين ذهب البعض الآخر عن طريق آخر وهو التهريب عبر الحدود إلى اليونان بحراً، أو إلى بلغاريا براً، وبقي عدد آخر في إسطنبول ليعيشوا مخاطرة البقاء في المدينة، رغم الظروف الأمنية التي تحيط بهم، واحتماليات تعرضهم للملاحقة والعقوبات من دائرة الهجرة التركية.

وكانت رئاسة الهجرة التركية قد حددت منذ شهرين مهلة حتى يوم 24 سبتمبر لمغادرة السوريين المخالفين ولاية إسطنبول، وشددت دائرة الهجرة على أن هذه المدة لن يتم تمديدها، وستبدأ عناصر الشرطة بعمليات التفتيش لأجل غير مسمّى.

وكانت الوزارة قد أشارت منذ أيام في بيان لها إلى اقتراب انتهاء المهلة المحددة، ونبهت إلى ضرورة عودة الأجانب المسجلين في ولايات أخرى، ولكنهم يقيمون في إسطنبول/ إلى عودتهم لولاياتهم بحلول 24 أيلول.

وأوضح البيان أن هؤلاء الأجانب ممن يحملون الجنسية السورية، إذا تقدموا بطلب قبل انتهاء المهلة المحددة لهم، فسيتم إصدار تصريح طريق لهم للعودة إلى المحافظات التي تم تسجيلهم فيها.

 في حين أشار البيان إلى السماح للأجانب من الجنسية السورية ممن انتقلوا إلى إسطنبول نتيجة الزلزال الذي ضرب مدنهم، وحصلوا مسبقاً على تصريح البقاء، يٌسمح لهم بالبقاء في إسطنبول حتى إشعار آخر. 

وأفاد البيان أنه سيتم نقل السوريين الذين لم يلتزموا بالعودة إلى مدنهم إلى مراكز الإيواء المؤقتة، وفرض العقوبات والالتزامات الإدارية بحقهم، بموجب قانون الأجانب والحماية الدولية رقم 6458.

نحو اليونان

يقول عمار الحلواني، وهو لاجئ سوري من مدينة ريف دمشق ويقيم في إسطنبول منذ سبع سنوات، إنه خرج من ولاية إسطنبول منذ عدة أيام، واتجه إلى مدينة مرمريس، التي سيذهب منها وعن طريق التهريب إلى إحدى الجزر اليونانية، ومنها إلى العاصمة أثينا، ومن ثم إلى أوروبا.

ويضيف عمار: "بدأت الحملة الأمنية منذ ثلاثة شهور، ومنذ ذلك الوقت، لم أخرج من البيت إلا للضرورة القصوى، كنت أظن أن هذه الحملة كما غيرها من الحملات، إلا أن عمليات الترحيل إلى شمال سوريا وإلى محافظات تركية أخرى كانت كبيرة جدا، وأصبحتُ أعيش في خوف وقلق كبيرين، لذلك قدمت طلب عودة لمدينة كهرمان مرعش التي تعود بطاقة الكيمليك الخاصة بي لها، وعلى أساسها ذهبت إلى مدينة مرمريس، وأنوي الذهاب بطريقة غير شرعية خلال أيام عبر اليخت إلى اليونان، كما وعدني المهرب أنا ومجموعة من أصدقائي".

وترك عمار عمله الذي يعمل فيه منذ خمس سنوات، في أحد المصانع التابعة لرجل أعمال سوري في المنطقة الصناعية، وعلى الرغم من عرض التاجر السوري رفع رواتب السوريين الذين تركوا العمل في معمله، إلا أن عمار وزملاءه في العمل لم يجرؤوا أبدا على المخاطرة والذهاب للعمل بشكل يومي.

ويقول عمار، "إنها مخاطرة كبيرة أن أذهب بشكل يومي وأستخدم المواصلات التي تقودني إلى المصنع، فهناك حواجز تفتيش كثيرة في مدينة إسطنبول، وخاصة في الساحات الرئيسية، وإذا اخترت الذهاب من طرق أخرى، فإن ذلك سيكلفني وقتاً ومالاً، لذلك بقيت في المنزل مدة طويلة، واليوم أنوي الذهاب إلى حياة جديدة، وأبدأ من الصفر، مثل كثيرين غيري، التدقيق الأمني والتضخم الكبير الحاصل في تركيا سببان رئيسيان لمغادرة تركيا بالنسبة لي".

عودة "طوعية"

عاد مازن العلي المقيم في إسطنبول منذ عشرة أعوام إلى مدينة غازي عنتاب قبل انتهاء المهلة بأربعة أيام، ولكنه لم يجد منزلاً له ولعائلته لغاية كتابة هذا التقرير، بسبب الأسعار المرتفعة في إيجارات المنازل في المدينة، التي أصبحت ملجأ للسوريين والأتراك بعد حدوث زلزال كهرمان مرعش، ما رفع الطلب على إيجارات المنازل.

يقول مازن في حديثه مع "ارفع صوتك" إن "إسطنبول هي الشريان الرئيسي للحياة في تركيا، ولم أكن أتوقع يوماً أن أتركها. عدد كبير من أصدقائي بقوا فيها وسيغامرون في البقاء فيها كونهم عازبين، أما أنا فلدي أطفالي وعائلتي ولا أستطيع المخاطرة بمصيرهم، أقيم اليوم في منزل واحد من أصدقائي، وأبحث عن عمل ومنزل يناسبني، ولن أستطيع البحث عن مدارس مناسبة قبل ان أثبّت عنواني".

ويضيف "نُلام ونحوّل إلى كبش فداء للمسؤولين عن تدهور الاقتصاد. التمييز يتزايد. أصبح من المستحيل بالنسبة لنا أن نعيش هنا".

العنصرية والتضخم

بدوره يقول أحمد عباسي إنه عاد إلى مدينته جرابلس شمال سوريا منذ قرابة الشهر، وأنه عانى من العنصرية بشكل كبير في مدينة إسطنبول هو وعائلته، "عانى أطفالي كثيرا في المدرسة مع الطلاب اللذين كانوا يوجهون لهم كلاماً عنصرياً، متأثرين بأهلهم، كما عانيت من العنصرية في مكان عملي وفي المواصلات العامة، ولم أعد أطيق البقاء في هذا الجو العام المشحون بشكل دائم، كل يوم نقرأ في الأخبار ونشاهد فيديوهات عنصرية، وأعتقد أن هذا شيء ممنهج من المعارضة التركية، وأعتقد أنه سيزيد بشكل كبير قبيل انتخابات البلدية المقبلة".

وبحسب أحمد، الذي كان لديه مشروع إنتاج الشوكولا في المدينة الصناعية، أن "التضخم أثّر بشكل كبير على عمله، وأن معظم عماله تركوا عملهم، ولم يعد يستطيع التحكم بالأسعار نتيجة التقلب الكبير بسعر صرف الليرة التركية".

ويضيف أحمد، "الخطاب العنصري وصل إلى أعلى درجاته في تركيا، هناك من يلومنا على تدهور الاقتصاد في البلاد وانهيار الليرة التركية، وهناك عدد كبير من الأجانب تعرضوا لمواقف عنصرية بسبب اعتقاد الأتراك أنهم سوريون، ليتبين لاحقاً أنهم عرب أو أوربيون من جنسيات غير سورية".

تبلغ نسبة العمالة السورية 2.9% من إجمالي اليد العاملة في تركيا.
بسبب العنصرية وضعف الأجور.. عمّال سوريون يهجرون تركيا
دفعت حملات الضغط والتضييق التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا، نتيجة تنامي خطاب الكراهية، وحملات الترحيل، والمخاوف من خطة العودة الطوعية، بعشرات الآلاف منهم إلى مغادرة تركيا أو التخطيط للمغادرة والبحث عن موطن بديل.

ومنذ عام 2016، يُمنع السوريون الواقعون تحت الحماية المؤقتة من مغادرة الولايات المسجلين فيها، بدون الحصول على إذن سفر للخروج منها.

ويبلغ عدد السوريين تحت قانون الحماية المؤقتة في تركيا أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، بحسب بيانات دائرة الهجرة التركية، القسم الأكبر منهم في إسطنبول، تليها ولاية غازي عنتاب بأكثر من 500 ألف لاجئ سوري.

وفي شهر يوليو الفائت، قال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا أنه أصدر تعليمات بملاحقة المهاجرين غير النظاميين في عموم البلاد.

وأعلن الوزير في وقت لاحق أن الحملة أسفرت عن إلقاء القبض على أكثر من 75 ألفاً من المهاجرين غير النظاميين، وتم ترحيل أكثر من 33 ألفاً من المخالفين خارج تركيا.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن في الثامن عشر من سبتمبر الماضي، عن عودة قرابة 600 ألف سوري طوعياً إلى بلادهم، وسيصل عددهم إلى مليون و600 ألف بعد إتمام مشروع بناء المساكن الدائمة شمال سوريا.

مواضيع ذات صلة:

أحياء بأكملها سويت بالأرض في غزة
أحياء بأكملها سويت بالأرض في غزة

تتفاقم معاناة سكان قطاع غزة، وتتدهور الأوضاع المعيشية، نتيجة الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر، وتوقفت مؤقتا، الجمعة، بفضل هدنة إنسانية منحت السكان فرصة للتنفس، بعد أن استمر القصف الإسرائيلي المتواصل لأسابيع طويلة، وفقا لتقرير مطول نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".

ويتمثل واقع الحياة اليومية الآن بالنضال من أجل العثور على الغذاء والماء والدواء، ومع ندرة الوقود، تشعل غالبية الأسر أخشاب من الأبواب وأشياء أخرى لطهي ما تيسر.

ويسرد التقرير معاناة العديد من الأسر النازحة من شمال قطاع غزة إلى جنوبه هربا من المعارك، حيث أماكن الإيواء مكتظة، ومقومات الحياة معدومة، ويقضي كثيرون أوقاتا طويلة في الطوابير لتعبئة مياه الشرب، هذا إذا حالفهم الحظ بذلك.

ولم يعد هناك أي غاز أو وقود آخر في غزة، وفقا لوكالات الأمم المتحدة العاملة هناك، لذلك يقوم بعض الناس ببناء أفران مؤقتة من الطين أو المعدن للطهي.

كما نفد الحطب والفحم إلى حد كبير، لذا تحرق الأسر أبوابا خشبية وإطارات نوافذ وعلب كرتون وأعشاب يابسة، والبعض ببساطة لا يطبخون، ويأكلون البصل والباذنجان النيئ بدلا من ذلك على سبيل المثال.

وقال نظمي موافي (23 عاما) للصحيفة: "لقد عدنا إلى العصر الحجري".

وردا على الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر، فرضت إسرائيل حصارا كاملا، وقطعت إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود والدواء، لـ"القضاء على حماس"، كما تقول.

كما شنت آلاف الغارات الجوية على القطاع وأرسلت قوات برية لمحاولة القضاء على حماس.

وتقول إسرائيل إن غاراتها الجوية تستهدف البنية التحتية العسكرية لحماس ومستودعات الأسلحة في غزة. 

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه يشن ضربات دقيقة تستهدف قادة المتشددين أو مواقع العمليات، وإنه لا يستهدف المدنيين، لكنه أيضا يتحدث عن زرع المسلحين في المناطق المدنية في جميع أنحاء قطاع غزة، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".

وبدأ سريان هدنة مؤقتة، هي الأولى منذ بدء الحرب قبل سبعة أسابيع، الجمعة، وكجزء من اتفاق لتبادل المختطفين والسجناء، عبرت عشرات الشاحنات المحملة بالمياه وغيرها من المساعدات الإنسانية الحيوية إلى غزة، ولكن هذا غير كاف لسد الاحتياجات الهائلة وفقا لمسؤولين.

ويلفت التقرير إلى الاكتظاظ الموجود في أماكن الإيواء مثل المخيمات والشقق والمدارس والمستشفيات، حيث حشر النازحون معا في مساحات تتقلص باستمرار، ويكافحون كل يوم لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وأصبح البقاء على قيد الحياة مهمة محفوفة بالمخاطر.

وكانت المياه المعدنية المنقولة بالشاحنات إلى القطاع في قوافل المساعدات كافية لـ 4 في المئة فقط من السكان، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

ولا تزال بعض المياه المحلاة توزع في الجنوب، لكن الشمال لم يعد به مصادر مياه صالحة للشرب، وفقا للأمم المتحدة.

ويعتمد الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى المياه المعدنية والمياه المحلاة النادرة على المياه قليلة الملوحة من الآبار، والتي قالت الأمم المتحدة إنها غير آمنة للاستهلاك البشري.

كما أن الدقيق ينفد أيضا،  وقال برنامج الأغذية العالمي إن الوكالات الإنسانية تمكنت من توصيل الخبز والتونة المعلبة والتمر إلى نحو ربع السكان منذ السابع من أكتوبر، لكن التوزيع يعوقه القتال والحصار.

وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن 10% فقط من احتياجات غزة من الغذاء دخلت إلى القطاع منذ بدء الحرب، مما يؤدي إلى "فجوة غذائية هائلة وجوع واسع النطاق".

وقالت علياء زكي، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، هذا الشهر، إن "دقيق القمح ومنتجات الألبان والأجبان والبيض والمياه المعدنية نفدت تماما من السوق".

كما أدى الانهيار الفعلي لنظام الصرف الصحي وتشريد حوالي 1.7 مليون من سكان غزة، الذين تدفقوا إلى المخيمات وتكدسوا في منازل أقاربهم، إلى أزمة نظافة وأمراض تحذر منظمة الصحة العالمية من أنها قد تتفاقم كثيرا.

وينتشر الإسهال والجرب والقمل بين السكان، ويصيب الأطفال الأصغر سنا بشكل خاص، وفقا للتقرير.

ولفتت زكي، إلى أنه "حتى قبل 7 أكتوبر، كان 70 في المئة من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية بشكل أو بآخر، وكان القطاع يعاني من أعلى معدلات الفقر والبطالة في العالم".

الغالبية العظمى من المتاجر مغلقة الآن أو فارغة، ومعظم الناس يشترون ويبيعون البضائع بشكل غير رسمي، وفقا للأمم المتحدة.

ومع انقطاع الكهرباء وإغلاق معظم البنوك، فإن القلة التي لديها أموال لا تستطيع الحصول عليها. وحتى لو استطاعوا ذلك، فليس هناك الكثير ليشتروه، وفقا للتقرير.

آية إبراهيم (43 عاما)، تعيش مع أطفالها في مدرسة تديرها الأمم المتحدة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تقول للشبكة "الحمامات هنا سيئة للغاية، نحن جميعا محصورون لأنه ليس لدينا مياه على الإطلاق". ينام الرجال والفتيان، بمن فيهم ابناها المراهقان، بالقرب من المراحيض، والنساء في فصل دراسي في الطابق العلوي.

وقالت إن فريقا أمميا وزع مجموعة واحدة من الفوط الصحية على 30 امرأة يتشاركن معها الفصل الدراسي.

وقالت أمل، وهي امرأة أخرى في نفس الملجأ، إنها كانت يائسة للغاية بسبب عدم توفر الفوط الصحية لدرجة أنها بدأت بتناول حبوب منع الحمل لوقف الدورة الشهرية تماما. ويعاني الكثيرون من الجوع والإسهال وآلام المعدة، وخاصة لدى الأطفال.

فرصة للتنفس

وتمنح الهدنة سكان غزة فرصة للتنفس، وتكشف عن حجم الدمار، وفقا لتقرير مطول لشبكة "سي أن أن".

وذكر التقرير معاناة من نوع آخر، وتتعلق بجثث القتلى، وقال إنه "بينما كانت الجرافات تشق طريقها عبر أنقاض بلدة القرارة جنوب قطاع غزة، صباح الأحد، كانت مجموعة من الناس تراقب بقلق، وكانوا يأملون أن تتيح الهدنة الوقت الكافي لانتشال جثث أحبائهم من تحت الأنقاض، كي يتمكنوا من دفنها".

ومنذ نحو سبعة أسابيع، كان معظم الناس في قطاع غزة يحاولون فقط البقاء على قيد الحياة، مع التركيز على الأساسيات: العثور على المأوى، والفرار من القتال، والحصول على الغذاء والماء.

وتقع بلدة القرارة في جنوب محافظة خان يونس، وهي المنطقة التي شهدت زيادة ملحوظة في الأضرار التي لحقت بالمباني في الأسبوعين الماضيين، وفقا لتحليل بيانات عبر الأقمار الاصطناعية.

وأظهرت لقطات لشبكة سي أن أن من مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، آلاف الأشخاص يتدفقون إلى الشوارع ويذهبون إلى السوق، في محاولة لشراء الضروريات التي كانت بعيدة عن متناولهم لعدة أسابيع ولكنها أصبحت الآن متاحة مرة أخرى، ولو مؤقتا فقط.

وتحدث سكان من دير البلح في السوق للشبكة عن الارتياح الذي شعروا به عندما بدأت الهدنة.

وقالت امرأة تدعى أم إيهاب، الأحد، إنها كانت المرة الأولى التي خرجت فيها مع عائلتها، وتابعت "كنا خائفين دائما من الخروج والتعرض للقصف بالصواريخ والغارات الجوية".

وأضافت: "لكن منذ اليوم الأول للهدنة المؤقتة، تمكنا من الذهاب لشراء ما نحتاج إليه بأمان. لمدة 47 يوما، كنا نعيش في حالة حرب وخوف. أطفالنا كانوا مرعوبين".

وقالت أم محمد، وهي من سكان غزة، لسي أن أن إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير خلال الحرب.

وتابعت: "بدا كل شيء باهظ الثمن، ليس كما كان قبل (الحرب)"، مضيفة: "نحمد الله أننا على الأقل نستطيع أن نأتي إلى السوق بأمان".

وكان السوق مهجورا طوال الأسابيع السبعة الماضية، مع إغلاق معظم المحلات التجارية وخوف الناس من الخروج. يوم الأحد، كان الشارع يضج بالحركة والنشاط، حيث كان المتسوقون يهرعون للتخزين، والأطفال يركضون بين الأكشاك حاملين الخضار، والقمامة تتراكم على جوانب الشوارع.

وقال أبو عدي، وهو من السكان المحليين، "نأمل أن يكون وقف إطلاق النار دائما وأن تنسحب (القوات الإسرائيلية) من الشمال، حتى يتمكن جميع الذين نزحوا قسرا من العودة إلى ديارهم، حتى لو عادوا إلى الخيام".

ومع ذلك، بالنسبة للكثيرين في غزة، جلبت الهدنة وجع القلب بعدما تمكنوا من رؤية حجم الدمار الهائل لأول مرة. وقد أدت أسابيع من القصف الإسرائيلي إلى تسوية أحياء بأكملها بالأرض.

ومن بين نحو 2.4 مليون شخص يعيشون في غزة، هناك 1.7 مليون نازح داخليا، وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

والوضع أكثر خطورة في الأجزاء الشمالية من غزة، حيث بقي بعض المدنيين على الرغم من الأوامر المتكررة التي أصدرها الجيش الإسرائيلي بالإخلاء إلى الجزء الجنوبي من قطاع غزة.

وكجزء من اتفاق الهدنة، يسمح الآن بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ويوم السبت، قامت 61 شاحنة بتوصيل الغذاء والمياه والإمدادات الطبية الطارئة إلى شمال غزة، بحسب الأمم المتحدة. وكانت هذه أكبر شحنة تصل إلى الشمال منذ 7 أكتوبر، ولكنها ليست كافية لتلبية احتياجات الناس.

وأعلنت الأونروا، الأحد، أن المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة لا تزال غير كافية على الإطلاق.

وقال المستشار الإعلامي للأونروا، عدنان أبو حسنة، إن المساعدات التي تصل في الوقت الحالي هي مجرد قطرة في محيط من الاحتياجات الإنسانية.

وأضاف: "نحتاج إلى 200 شاحنة مساعدات يوميا بشكل متواصل لمدة شهرين على الأقل لتلبية الاحتياجات. إننا بحاجة إلى المزيد من الوقود حتى نتمكن من تقديم الخدمات وتشغيل باقي القطاعات التي ندعمها، مثل تحلية المياه والصرف الصحي والمستشفيات والمخابز وخدمات الأونروا الأخرى والاتصالات".

وقبل الحرب، كانت نحو 455 شاحنة تدخل غزة يوميا محملة بإمدادات ومساعدات، وفقا للأمم المتحدة.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردت إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية، توقفت مع بدء الهدنة، الجمعة،  وبلغت حصيلة القتلى في غزة 14854 شخصا، بينهم 6150 طفلا وأكثر من 4 آلاف امرأة، فضلا عن إصابة نحو 36 ألف شخص، فيما بلغ عدد المفقودين قرابة 7 آلاف مفقود، بحسب السلطات التابعة لحماس.

وقد بدأ تطبيق هدنة مؤقتة لمدة أربعة أيام، الجمعة، تقوم خلالها إسرائيل بالإفراج عن مسجونين فلسطينيين، في مقابل إطلاق سراح مختطفين لدى حماس في غزة، وقد تمت 3 عمليات تبادل بنجاح.