"التحقتُ حالياً في دورة لتعليم الحلاقة، قيل لي إن شهادتي الجامعية ربما لا تنفعني في ألمانيا، ونصحني الأصدقاء بتعلّم حرفة رائجة"، هكذا اقتنع الشاب السوري عثمان المصري بدخول عالم الحلاقة الرجالية، رغم انشغاله كذلك بتعلم أساسيات اللغة الألمانية.
عثمان (29 عاماً)، يقيم كلاجئ في تركيا من عام 2020، وهو خريج من كلية الاقتصاد في جامعة "تشرين" السورية، ويستعد حالياً لرحلة لجوء إلى ألمانيا بسبب سوء الظروف الاقتصادية الحالية وحملات ترحيل اللاجئين.
يقول لـ"ارفع صوتك"، إن أصدقاءه في ألمانيا أخبروه بأن شهادته الجامعية "قد يضعها على الرفّ"، في إشارة إلى أنه قد لا يستفيد منها ليجد عملاً هناك، لذلك سجّل في دورة لتعلم الحلاقة الرجالية.
ويسعى إلى إتقان حرفته الجديدة بالإضافة إلى سعيه لتعلم أساسيات اللغة الألمانية من خلال دروس في منصة "يوتيوب".
ولم يختَر عثمان هذه الحرفة صدفة، كما يقول، حيث أخبره أقرباؤه أن مهنة الحلاقة "رائجة جداً في ألمانيا، وأصبح الطلب عليها كبيراً، ويتقاضى العاملون فيها أجراً أفضل مما يحصّله الذين يعملون في مهن أخرى".
ويعاني اللاجئون السوريون في عموم الدول الأوروبية ولا سيما ألمانيا، من عدم الاستفادة من اختصاصاتهم الجامعية بشكل غالب، ما يضطرّهم للعمل في مهن مختلفة عن اختصاصهم الدراسي أو العملي بحسب متطلّبات سوق العمل في بلد اللجوء.
ماهر ملوح ( 33 عاماً)، لاجئ سوري آخر من محافظة دير الزور، ويقيم في ألمانيا منذ عام 2016، يعمل في مهنة الحلاقة قبل سنوات من لجوئه الى ألمانيا.
يقول لـ"ارفع صوتك"، إن هذه المهنة "مطلوبة بالنسبة لسوق العمل في ألمانيا، وعليها إقبال كبير من اللاجئين، حتى أنها صارت مهنة من لا مهنة له"، على حدّ تعبيره.
يوضح ماهر أنه قبل عام 2018 كان في مدينة كوبلنز التي يقيم فيها، حوالي خمس محلات حلاقة سورية فقط، تكتظّ بالزبائن السوريين والعرب، الذين يفضّلون المجيء إلى المحلات العربية لتجاوز حاجز اللغة من جهة، والحصول على قصّاتهم التي اعتادوا عليها من جهة ثانية.
"الوضع الآن اختلف كثيراً، إذ يوجد في كوبلنز وحدها أكثر من 35 محل حلاقة يديرها سوريون، وسبب الإقبال عليها مردودها المادّي الجيد"، يضيف ماهر.
ويؤكد أن "الكثير من المواطنين الألمان باتوا يفضّلون الذهاب إلى الحلاقين السوريين بسبب فرق الأسعار بينهم وبين نظرائهم الألمان، حيث يتقاضى الحلاق السوري 15 يورو، والألماني يأخذ 25 يورو".
في الوقت نفسه "هناك بعض المصاعب التي تواجه الحلاقين الجدد"، بحسب ماهر، مردفاً أن "أبرزها حاجز اللغة عند التعامل مع الزبائن الألمان، أو محاولة مواكبة الموديلات الحديثة والرائجة لديهم".