اللاجئ السوري عبد المجيد قنواتي (26 عاماً)، أثناء عمله- ارفع صوتك
اللاجئ السوري عبد المجيد قنواتي (26 عاماً)، أثناء عمله- ارفع صوتك

"الظروف القاسية التي مررتُ بها هي التي صنعتني، وهي التي جعلتني على أنا ما فيه اليوم"، يقول الشاب السوري عبد المجيد قنواتي، مستذكراً رحلته الصعبة من الحدود السورية التركية، إلى أن أصبح حلاقاً للمشاهير في إسطنبول.  

يقول قنواتي (26 عاماً) ، لـ"ارفع صوتك"، إنه فرّ من حلب بسبب ظروف الحرب قبل 9 سنوات، قاصداً الحدود التركية، حيث وصل بعد طريق شاق عبر الجبال إلى ولاية أنطاكيا، ومن هناك توجه إلى غازي عنتاب، وفي يوم وصوله بدأ بالعمل أجيراً في مهنة الخياطة.

انتقل بعد ذلك إلى ممارسة عمل حر، وأصبح يبيع الذرة على عربة متنقّلة لمدة 3 أشهر تقريباً، يقول قنواتي: "كنت أنام في سكن جماعي مكتظّ بالشباب، وتعرّضت للسرقة داخل السكن، ولم يبق لديّ سوى إيجار طريق يوصلني إلى بيت أختي في ولاية أضنة، وهناك عملت في مصنع بلاستيك، ثم عدت إلى مهنتي الأصلية وهي الحلاقة الرجالية".

 

بدايات النجاح

بعد هذه التنقلات بين الولايات والمهن، اتخذ قنواتي قراراً بأن يسافر إلى إسطنبول، ويتحدث عن الصعوبات التي واجهها مع بداية وصوله إلى هناك، حيث اضُطرّ للمبيت في الشوارع لمدة 10 أيام، لعدم وجود سكن.

وفي إسطنبول عمل بالخياطة مجدداً، وعمل كذلك كومبارس في أعمال فنّية تركية، إلى أن قرر العودة إلى مهنته الحلاقة، بسبب انخفاض الأجور التي كان يحصل عليها.

يتابع قنواتي: "عملت في صالونات تركية لمدة 5 سنوات، ثم عملت في صالونات يقصدها الأجانب، وهناك تعلّمت عدة لغات بسبب التعامل مع الزبائن من عدة جنسيات.. أصبحت أتحدث الإنكليزية والإيطالية والفارسية".

ووجد في مواقع التواصل ميداناً مناسباً للترويج لعمله والقصّات التي يقوم بها لزبائنه.

أحد زبائن الصالون الذي كان يعمل فيه قنواتي كان لاعب كرة سلة في نادي "فنربهتشة" التركي، الذي طلب منه موعداً ليجرّب الحلاقة لديه.

"هذا اليوم كان سعيداً جداً" يضيف قنواتي، مبيناً: "اللاعب أعجبته الحلاقة كثيراً، وكرّر التجربة مرات عدة، وكان اجتماعياً، فقام بإبلاغ بعض أصدقائه عني وعن مهارتي بالحلاقة، وهنا أصبح اللاعبون المشاهير يتّصلون بي لأقوم بحلاقتهم في منازلهم، لينتشر بعد ذلك اسمي وسط مشاهير اللاعبين".

 

 

ويلفت إلى أن أصدقاءه والمقربين منه نصحوه بأن يفتتح صالوناً خاصاً به، "لا سيما أن اسمه بدأ يلمع في عالم الحلاقة ويأخذ سمعة كبيرة بسبب تعامله مع اللاعبين المشاهير"، حسب تعبيره، ليأخذ بالنصيحة، فصار محلّه مقصداً للاعبين ومشاهير أجانب وأتراك في إسطنبول.

ويذكر قنواتي أسماء بعض مشاهير كرة القدم الذين ارتادوا محلّ حلاقته: Gedson لاعب فريق بشكتاش، Masuaku لاعب بشكتاش، Michy Batshuayi لاعب سابق في تشلسي والآن بشكتاش،
Fred لاعب مانشستر يونايتد، و Joshua King لاعب فنربخشة، و Ndombele‏ لاعب المنتخب الفرنسي. 

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".