لاجئون سوريون في تركيا أثناء مغادرتهم إلى الشمال السوري في بداية العام الحالي 2023- تعبيرية
لاجئون سوريون في تركيا أثناء مغادرتهم إلى الشمال السوري في بداية العام الحالي 2023- تعبيرية

كان يوسف العظم (28 عامًا) من أوائل اللاجئين السوريين الذين قدموا إلى تركيا مع بداية الثورة الشعبية في سوريا، واستقر في حي "باشاك شهير" في مدينة إسطنبول عام 2014.

وخلال سنوات لجوئه تمكن من إنهاء تعليمه، كما اشترى منزلاً وحصل على الجنسية التركية وأسس عائلة. لاحقًا لحقت عائلة يوسف المكونة من والدته وإخوته الخمسة به ليستقروا جميعاً في تركيا.

يقول يوسف لـ"ارفع صوتك": "بعد سنوات التقينا مجدداً وكنت سعيداً لأن شمل العائلة اجتمع، ولم نعد نلتقي خلف الشاشات كما كنا سابقا، وتعرف أبناؤنا على بعضهم البعض".

هذا الأمر لم يدم طويلًا، فإخوة يوسف هاجروا جميعا خلال العام الجاري، بسبب التضييق المستمر من قبل السلطات التركية على اللاجئين السوريين.

يوضح يوسف: "بداية منع إخوتي من الإقامة في الحي نفسه بعد صدور قرارات رسمية بشأن إغلاق بعض المناطق والأحياء في مدينة إسطنبول أمام الأجانب، كان بينها حيّنا، فانتقلوا إلى حي آخر، ولاحقا بسبب صعوبات تثبيت العناوين الجديدة في دوائر النفوس في الدولة وعدم القدرة على استخراج وتجديد إذن العمل أو تصريح الإقامة القانوني داخل البلاد، أصبحوا مخالفين".

ومع بداية 2023، اشتد الخوف والقلق من إمكانية تعرضهم للترحيل إلى الشمال السوري، "تفرقت العائلة مجددًا وغادر الجميع"، على حدّ تعبيره.

يتابع يوسف: "أحدهم اختار مصر ووصلها مع عائلته منذ أشهر، فيما خرج الآخر عن طريق مهربين إلى ألمانيا، وبقيت عائلته هنا بانتظار حصوله على حق اللجوء وإمكانية لم الشمل، وآخر عالق حاليًا مع عائلته في اليونان، والرابع غادر للدراسة في أربيل، أما الخامس فانتقل إلى ولاية غازي عنتاب، ريثما يدرس خيارات الخروج وعائلته من تركيا، إما إلى مصر أو إلى الإمارات".

ويؤكد أن "الكثير من العائلات السورية تفككت وهاجرت خوفاً من حملات الترحيل والتضييق التي يتعرضون لها".

سوريون "خائفون" في شوارع إسطنبول الفرعية
"منذ سنتين، وأنا أحاول تفادي حواجز التفتيش التي تقيمها الشرطة التركية، في الأحياء والشوارع المؤدية إلى مكان عملي في مدينة إسطنبول، وألجأ بشكل دائم لسلك طرق فرعية للوصول إلى المنطقة الصناعية في أسنيورت حيث أعمل"، يقول اللاجئ السوري ربيع (26 عاما)، الذي طلب الاكتفاء بذكر اسمه الأول.

الخروج بأي ثمن

"لا أحد يرغب بالعودة إلى سوريا.. لو كان هذا حلاً لما تحملنا مخاطر الطريق ولجأنا بالأساس إلى تركيا بحثا عن حياة أفضل وأكثر أمانا"، تقول سحر الشامي (31 عاما)، لـ"ارفع صوتك".

وتبين أن "الاستقرار في تركيا أصبح اليوم صعب المنال، بسبب الضغوط والخوف من حواجز الشرطة، التي جعلتني غير قادرة على العمل في إسطنبول أو إرسال أبنائي للمدرسة".

"كما أعادتني بالذاكرة إلى بداية الأزمة السورية حيث الخوف من حواجز الشرطة والجيش والتفتيش والمداهمات"، تتابع سحر.

وتضيف: "شعور الخوف دفعني للإلحاح على زوجي من أجل الانتقال لدولة جديدة مهما كان الثمن، فبعت مصاغي الذهبي وسيارتنا وفرش البيت وانتقلنا إلى مصر، وكثيرون يفكرون بالمغادرة مثلنا، ومن لم يخرج الآن فهو يفكر بالخروج بشكل جدي".

انخفاض لأدنى مستوى

وفق بيانات رئاسة الهجرة التركية في إحصائية صدرت منتصف أكتوبر الحالي، سجلت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا، تراجعا كبيراً خلال هذا العام.

وجاء فيها أن أعداد اللاجئين السوريين المسجلين تراجعت منذ بداية 2023 إلى أدنى مستوى لها منذ سبع سنوات. ففي الشهر الحالي انخفض العدد بمقدار 19 ألفا و127 سورياً مقارنة بالشهر الماضي، كما انخفض عدد السوريين المسجّلين منذ بداية العالم الحالي بنحو 247 ألفاً و143 شخصاً .

وبحسب البيانات، يقيم في تركيا 3 ملايين و288 ألفًا و755 لاجئاً سورياً يتوزعون على 81 ولاية، 52.4% منهم من الذكور و47.6% من الإناث.

وأوضحت الإحصائية أنه لا توجد مدينة في تركيا خالية من السوريين، ويتواجد العدد الأكبر منهم في مدينة إسطنبول، ويقدرون بـ 532 ألفاً و235 نسمة، تليها غازي عنتاب بـ 431 ألفاً و390 شخصاً، وشانلي أورفا بـ 311 ألفاً و584 شخصاً. 

عناصر شرطة تركيا في مدينة إسطنبول- تعبيرية
"تحت تهديد الترحيل الفوري".. كيف يعيش اللاجئون السوريون في إسطنبول؟
"سنبقى نقاوم للبقاء في إسطنبول.. لا يوجد لدينا خيارات ثانية أبداً"، بهذا التعبير يلخّص الشاب السوري مصطفى البيلوني حال الآلاف من اللاجئين بعد نهاية المهلة الإدارية التي منحتها السلطات التركية للمخالفين في المدينة.

توقعات بانخفاض أكبر

يؤكد الناشط الحقوقي في شؤون اللاجئين في تركيا أحمد قطّيع، انخفاض أعداد السوريين في تركيا بشكل ملحوظ وبالأرقام، إذ "تبين الأرقام من الجهات التركية ازدياد نسبة ترحيل اللاجئين إلى المناطق الشمالية في سوريا، بالإضافة إلى الأرقام الواردة من جهة المعابر السورية، التي تبين ازدياد أعداد المرحلين مع بداية عام 2023، التي كانت في السابق أقل بكثير". 

ويضيف قطّيع لـ"ارفع صوتك": "هناك أعداد كبيرة من السوريين بدأت بالتفكير جديا في الهجرة خارج  تركيا إلى دول أخرى، إما بطرق غير شرعية كاللجوء إلى الاتحاد الأوروبي، أو بطرق شرعية كهجرة العمل إلى كندا وهجرة العمل إلى الإمارات والخليج بشكل عام، بالإضافة إلى مصر التي غادر إليها الكثيرون من السوريين في الآونة الأخيرة للبدء بحياة جديدة".

ويرى أن من أسباب انخفاض عدد السوريين، "الحملة الأمنية التي أطلقتها وزارة الداخلية ضد المهاجرين غير الشرعيين مؤخرا والتي كان لها أثر كبير"، مستدركاً "لكن تناقص الأعداد بدأ منذ بداية العام، أما الحملة فبدأت منذ ثلاثة شهور تقريبا، لذلك فإن هناك أسباباً أخرى".

"أولها تنامي خطاب العنصرية والتحريض على الكراهية ضد اللاجئين السوريين، وأيضا التدقيق الشديد جدا من دائرة الهجرة منذ بداية 2023 على وثائق السوريين، وعلى كل المخالفات حتى الإدارية منها، إذ أصبح من يرتكب مخالفة إدارية عرضة للترحيل، حتى لو كانت هذه المخالفة هي الذهاب إلى ولاية مختلفة عن تلك المذكورة على الكيملك من دون إذن سفر"، يشرح قطّيع.

ويضيف: "أيضا بدأت تُفتح الملفات القديمة، فمثلا إذا كان لدى بعض الأشخاص محكومية لثلاثة أو ستة أشهر قبل عدة سنوات، ورغم قضاء هذه المحكومية، إلا أن الملفات القديمة يعاد فتحها ويتم إحضار هؤلاء الاشخاص ويصدر بهم قرار ترحيل".

ومن الأسباب الأخرى، بحسب قطيع، "الوضع الاقتصادي في تركيا الذي جعل الكثير من العوائل السورية تفكر إما بالعودة الطوعية أو الهجرة إلى بلد آخر". 

ويتوقع قطّيع أن تشهد أعداد السوريين "انخفاضا أكبر" في الفترة القادمة، لافتاً إلى "وجود خطة معينة يجري تحقيقها فيما يخص تواجد اللاجئين السوريين في تركيا."

يقول "نتوقع حتى نهاية عام 2024 أن يكون مليون سوري قد تم ترحيله فعليا إلى المناطق الشمالية، تحقيقا لوعود الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي وعد بإعادة مليون لاجئ سوريا إلى المناطق الشمالية السورية، باعتبار أن مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات أصبحت مناطق آمنة بالنسبة لتركيا، وقال بحسب تصريحاته، (أعدنا نصف مليون وسنعيد نصف مليون آخر)".

ووفق قطّيع، فإن "تركيا بدأت منذ عام 2018 بالتفكير جديا بإنهاء ملف وجود اللاجئين السوريين، لأنه أثر تأثيرا كبيرا على وضع الحكومة التركية الحالية والأحزاب الحاكمة، بعدما تم إدخاله إلى الأجندة السياسية عبر بعض الأحزاب المعارضة، فبدأ الائتلاف الحاكم باتخاذ خطوات جادة وخطط واضحة لإنهاء هذا الملف منذ عام 2019، ولكن حينها لم تشهد هذه الخطط جدية وتشددا في التطبيق كما حصل في عام 2023".

مواضيع ذات صلة:

أحياء بأكملها سويت بالأرض في غزة
أحياء بأكملها سويت بالأرض في غزة

تتفاقم معاناة سكان قطاع غزة، وتتدهور الأوضاع المعيشية، نتيجة الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر، وتوقفت مؤقتا، الجمعة، بفضل هدنة إنسانية منحت السكان فرصة للتنفس، بعد أن استمر القصف الإسرائيلي المتواصل لأسابيع طويلة، وفقا لتقرير مطول نشرته صحيفة "نيويورك تايمز".

ويتمثل واقع الحياة اليومية الآن بالنضال من أجل العثور على الغذاء والماء والدواء، ومع ندرة الوقود، تشعل غالبية الأسر أخشاب من الأبواب وأشياء أخرى لطهي ما تيسر.

ويسرد التقرير معاناة العديد من الأسر النازحة من شمال قطاع غزة إلى جنوبه هربا من المعارك، حيث أماكن الإيواء مكتظة، ومقومات الحياة معدومة، ويقضي كثيرون أوقاتا طويلة في الطوابير لتعبئة مياه الشرب، هذا إذا حالفهم الحظ بذلك.

ولم يعد هناك أي غاز أو وقود آخر في غزة، وفقا لوكالات الأمم المتحدة العاملة هناك، لذلك يقوم بعض الناس ببناء أفران مؤقتة من الطين أو المعدن للطهي.

كما نفد الحطب والفحم إلى حد كبير، لذا تحرق الأسر أبوابا خشبية وإطارات نوافذ وعلب كرتون وأعشاب يابسة، والبعض ببساطة لا يطبخون، ويأكلون البصل والباذنجان النيئ بدلا من ذلك على سبيل المثال.

وقال نظمي موافي (23 عاما) للصحيفة: "لقد عدنا إلى العصر الحجري".

وردا على الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر، فرضت إسرائيل حصارا كاملا، وقطعت إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود والدواء، لـ"القضاء على حماس"، كما تقول.

كما شنت آلاف الغارات الجوية على القطاع وأرسلت قوات برية لمحاولة القضاء على حماس.

وتقول إسرائيل إن غاراتها الجوية تستهدف البنية التحتية العسكرية لحماس ومستودعات الأسلحة في غزة. 

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه يشن ضربات دقيقة تستهدف قادة المتشددين أو مواقع العمليات، وإنه لا يستهدف المدنيين، لكنه أيضا يتحدث عن زرع المسلحين في المناطق المدنية في جميع أنحاء قطاع غزة، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".

وبدأ سريان هدنة مؤقتة، هي الأولى منذ بدء الحرب قبل سبعة أسابيع، الجمعة، وكجزء من اتفاق لتبادل المختطفين والسجناء، عبرت عشرات الشاحنات المحملة بالمياه وغيرها من المساعدات الإنسانية الحيوية إلى غزة، ولكن هذا غير كاف لسد الاحتياجات الهائلة وفقا لمسؤولين.

ويلفت التقرير إلى الاكتظاظ الموجود في أماكن الإيواء مثل المخيمات والشقق والمدارس والمستشفيات، حيث حشر النازحون معا في مساحات تتقلص باستمرار، ويكافحون كل يوم لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وأصبح البقاء على قيد الحياة مهمة محفوفة بالمخاطر.

وكانت المياه المعدنية المنقولة بالشاحنات إلى القطاع في قوافل المساعدات كافية لـ 4 في المئة فقط من السكان، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

ولا تزال بعض المياه المحلاة توزع في الجنوب، لكن الشمال لم يعد به مصادر مياه صالحة للشرب، وفقا للأمم المتحدة.

ويعتمد الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى المياه المعدنية والمياه المحلاة النادرة على المياه قليلة الملوحة من الآبار، والتي قالت الأمم المتحدة إنها غير آمنة للاستهلاك البشري.

كما أن الدقيق ينفد أيضا،  وقال برنامج الأغذية العالمي إن الوكالات الإنسانية تمكنت من توصيل الخبز والتونة المعلبة والتمر إلى نحو ربع السكان منذ السابع من أكتوبر، لكن التوزيع يعوقه القتال والحصار.

وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن 10% فقط من احتياجات غزة من الغذاء دخلت إلى القطاع منذ بدء الحرب، مما يؤدي إلى "فجوة غذائية هائلة وجوع واسع النطاق".

وقالت علياء زكي، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، هذا الشهر، إن "دقيق القمح ومنتجات الألبان والأجبان والبيض والمياه المعدنية نفدت تماما من السوق".

كما أدى الانهيار الفعلي لنظام الصرف الصحي وتشريد حوالي 1.7 مليون من سكان غزة، الذين تدفقوا إلى المخيمات وتكدسوا في منازل أقاربهم، إلى أزمة نظافة وأمراض تحذر منظمة الصحة العالمية من أنها قد تتفاقم كثيرا.

وينتشر الإسهال والجرب والقمل بين السكان، ويصيب الأطفال الأصغر سنا بشكل خاص، وفقا للتقرير.

ولفتت زكي، إلى أنه "حتى قبل 7 أكتوبر، كان 70 في المئة من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية بشكل أو بآخر، وكان القطاع يعاني من أعلى معدلات الفقر والبطالة في العالم".

الغالبية العظمى من المتاجر مغلقة الآن أو فارغة، ومعظم الناس يشترون ويبيعون البضائع بشكل غير رسمي، وفقا للأمم المتحدة.

ومع انقطاع الكهرباء وإغلاق معظم البنوك، فإن القلة التي لديها أموال لا تستطيع الحصول عليها. وحتى لو استطاعوا ذلك، فليس هناك الكثير ليشتروه، وفقا للتقرير.

آية إبراهيم (43 عاما)، تعيش مع أطفالها في مدرسة تديرها الأمم المتحدة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تقول للشبكة "الحمامات هنا سيئة للغاية، نحن جميعا محصورون لأنه ليس لدينا مياه على الإطلاق". ينام الرجال والفتيان، بمن فيهم ابناها المراهقان، بالقرب من المراحيض، والنساء في فصل دراسي في الطابق العلوي.

وقالت إن فريقا أمميا وزع مجموعة واحدة من الفوط الصحية على 30 امرأة يتشاركن معها الفصل الدراسي.

وقالت أمل، وهي امرأة أخرى في نفس الملجأ، إنها كانت يائسة للغاية بسبب عدم توفر الفوط الصحية لدرجة أنها بدأت بتناول حبوب منع الحمل لوقف الدورة الشهرية تماما. ويعاني الكثيرون من الجوع والإسهال وآلام المعدة، وخاصة لدى الأطفال.

فرصة للتنفس

وتمنح الهدنة سكان غزة فرصة للتنفس، وتكشف عن حجم الدمار، وفقا لتقرير مطول لشبكة "سي أن أن".

وذكر التقرير معاناة من نوع آخر، وتتعلق بجثث القتلى، وقال إنه "بينما كانت الجرافات تشق طريقها عبر أنقاض بلدة القرارة جنوب قطاع غزة، صباح الأحد، كانت مجموعة من الناس تراقب بقلق، وكانوا يأملون أن تتيح الهدنة الوقت الكافي لانتشال جثث أحبائهم من تحت الأنقاض، كي يتمكنوا من دفنها".

ومنذ نحو سبعة أسابيع، كان معظم الناس في قطاع غزة يحاولون فقط البقاء على قيد الحياة، مع التركيز على الأساسيات: العثور على المأوى، والفرار من القتال، والحصول على الغذاء والماء.

وتقع بلدة القرارة في جنوب محافظة خان يونس، وهي المنطقة التي شهدت زيادة ملحوظة في الأضرار التي لحقت بالمباني في الأسبوعين الماضيين، وفقا لتحليل بيانات عبر الأقمار الاصطناعية.

وأظهرت لقطات لشبكة سي أن أن من مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، آلاف الأشخاص يتدفقون إلى الشوارع ويذهبون إلى السوق، في محاولة لشراء الضروريات التي كانت بعيدة عن متناولهم لعدة أسابيع ولكنها أصبحت الآن متاحة مرة أخرى، ولو مؤقتا فقط.

وتحدث سكان من دير البلح في السوق للشبكة عن الارتياح الذي شعروا به عندما بدأت الهدنة.

وقالت امرأة تدعى أم إيهاب، الأحد، إنها كانت المرة الأولى التي خرجت فيها مع عائلتها، وتابعت "كنا خائفين دائما من الخروج والتعرض للقصف بالصواريخ والغارات الجوية".

وأضافت: "لكن منذ اليوم الأول للهدنة المؤقتة، تمكنا من الذهاب لشراء ما نحتاج إليه بأمان. لمدة 47 يوما، كنا نعيش في حالة حرب وخوف. أطفالنا كانوا مرعوبين".

وقالت أم محمد، وهي من سكان غزة، لسي أن أن إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير خلال الحرب.

وتابعت: "بدا كل شيء باهظ الثمن، ليس كما كان قبل (الحرب)"، مضيفة: "نحمد الله أننا على الأقل نستطيع أن نأتي إلى السوق بأمان".

وكان السوق مهجورا طوال الأسابيع السبعة الماضية، مع إغلاق معظم المحلات التجارية وخوف الناس من الخروج. يوم الأحد، كان الشارع يضج بالحركة والنشاط، حيث كان المتسوقون يهرعون للتخزين، والأطفال يركضون بين الأكشاك حاملين الخضار، والقمامة تتراكم على جوانب الشوارع.

وقال أبو عدي، وهو من السكان المحليين، "نأمل أن يكون وقف إطلاق النار دائما وأن تنسحب (القوات الإسرائيلية) من الشمال، حتى يتمكن جميع الذين نزحوا قسرا من العودة إلى ديارهم، حتى لو عادوا إلى الخيام".

ومع ذلك، بالنسبة للكثيرين في غزة، جلبت الهدنة وجع القلب بعدما تمكنوا من رؤية حجم الدمار الهائل لأول مرة. وقد أدت أسابيع من القصف الإسرائيلي إلى تسوية أحياء بأكملها بالأرض.

ومن بين نحو 2.4 مليون شخص يعيشون في غزة، هناك 1.7 مليون نازح داخليا، وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

والوضع أكثر خطورة في الأجزاء الشمالية من غزة، حيث بقي بعض المدنيين على الرغم من الأوامر المتكررة التي أصدرها الجيش الإسرائيلي بالإخلاء إلى الجزء الجنوبي من قطاع غزة.

وكجزء من اتفاق الهدنة، يسمح الآن بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ويوم السبت، قامت 61 شاحنة بتوصيل الغذاء والمياه والإمدادات الطبية الطارئة إلى شمال غزة، بحسب الأمم المتحدة. وكانت هذه أكبر شحنة تصل إلى الشمال منذ 7 أكتوبر، ولكنها ليست كافية لتلبية احتياجات الناس.

وأعلنت الأونروا، الأحد، أن المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة لا تزال غير كافية على الإطلاق.

وقال المستشار الإعلامي للأونروا، عدنان أبو حسنة، إن المساعدات التي تصل في الوقت الحالي هي مجرد قطرة في محيط من الاحتياجات الإنسانية.

وأضاف: "نحتاج إلى 200 شاحنة مساعدات يوميا بشكل متواصل لمدة شهرين على الأقل لتلبية الاحتياجات. إننا بحاجة إلى المزيد من الوقود حتى نتمكن من تقديم الخدمات وتشغيل باقي القطاعات التي ندعمها، مثل تحلية المياه والصرف الصحي والمستشفيات والمخابز وخدمات الأونروا الأخرى والاتصالات".

وقبل الحرب، كانت نحو 455 شاحنة تدخل غزة يوميا محملة بإمدادات ومساعدات، وفقا للأمم المتحدة.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردت إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية، توقفت مع بدء الهدنة، الجمعة،  وبلغت حصيلة القتلى في غزة 14854 شخصا، بينهم 6150 طفلا وأكثر من 4 آلاف امرأة، فضلا عن إصابة نحو 36 ألف شخص، فيما بلغ عدد المفقودين قرابة 7 آلاف مفقود، بحسب السلطات التابعة لحماس.

وقد بدأ تطبيق هدنة مؤقتة لمدة أربعة أيام، الجمعة، تقوم خلالها إسرائيل بالإفراج عن مسجونين فلسطينيين، في مقابل إطلاق سراح مختطفين لدى حماس في غزة، وقد تمت 3 عمليات تبادل بنجاح.