صورة تدلل على موقع غويانا الفرنسية في خرائط غوغل للعالم- تعبيرية
صورة تدلل على موقع غويانا الفرنسية في خرائط غوغل للعالم- تعبيرية

تعد ولاية غويانا الفرنسية وجهة جديدة مثيرة للاهتمام للاجئين السوريين الذين يرغبون في الهجرة إلى دول الاتحاد الأوربي، على الرغم من وقوعها في قارة أميركا الجنوبية، شمال البرازيل، إلا أن اعتبارها ولاية تابعة لفرنسا، جعلها ملجأ للعديد من السوريين مؤخرا.

وبالنظر إلى تكاليف الوصول إلى الولاية الرخيصة نسبيا، والتصاريح السهلة للدخول إليها، أصبحت غويانا وجهة مناسبة للسوريين الذين يرغبون في بدء حياة جديدة في أوروبا.

تقع غويانا شمال شرق أميركا الجنوبية، وهي إقليم فرنسي ضمن مجموعة الأقاليم الأصلية الفرنسية، وتعد البرازيل وفنزويلا ممرًا هامًا للمهاجرين الراغبين في الوصول إليها.

ويمكن للسوريين السفر إلى البرازيل عبر الطرق الشرعية، إذ تسهّل البرازيل الحصول على الفيزا للسوريين، ومن البرازيل يذهبون إلى مدينة ماكابا البرازيلية ثم إلى غويانا براً.

ومقارنة بتكاليف السفر بين غويانا أو أي من وجهات اللاجئين السوريين في أوروبا، لا تتجاوز تكلفة الأولى 3500 دولار أميركي للفرد الواحد، بينما تتجاوز الثانية أحياناً أكثر من 10 آلاف دولار.

يقول أحمد مرعي، وهو لاجئ سوري من مدينة دير الزور، يقيم في تركيا الآن، إنه حصل على الفيزا للذهاب إلى البرازيل مع عائلته، وسيذهب فور وصوله إلى البرازيل باتجاه المنطقة الحدودية مع غويانا، للوصول إليها وتقديم اللجوء فيها.

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "أعتقد أن لجوئي في غويانا سيوفر لي فرص حياة وعمل أفضل مما أن عليه اليوم، فالولاية تقدم فرصا للتعليم والتدريب المهني للاجئين الذين يرغبون في تحسين فرصهم الوظيفية، وأعرف عددا كبيرا من أصدقائي وصلوا إلى هناك ويعيشون اليوم حياة ترضيهم وترضي عائلاتهم".

في حين يقول أحمد جربا، وهو حصل على الجنسية التركية منذ عامين، أنه يستطيع الذهاب إلى البرازيل بشكل مباشر، والوصول إلى غويانا عن طريق الطيران الداخلي من البرازيل، وسيذهب مع عدد من أصدقائه نهاية العام الجاري.

في نفس الوقت، يبدي جربا مخاوفه من عدم التأقلم مع الثقافة في غويانا، بالقول: "رغم أنها تعتبر أوربية، إلا أن مكانها الواقع في أميركا الجنوبية يخيفني، فكل شيء مختلف هناك، ثقافيا ومناخيا واقتصاديا، ولكنني أرغب بالحصول على الراحة بعيدا عن الوضع الاقتصادي السيء في تركيا، فالرواتب سيئة جدا والمعيشة أصبحت مرتفعة جدا خلال السنتين الأخيرتين".

ريما سعد الله لاجئة سورية تقيم الآن في غويانا، تقول لـ"ارفع صوتك": "جئتها مع ابني، وقدمنا طلب اللجوء ليأتينا الرد بالقبول بعد أربعة شهور، وأنه أصبح بإمكاننا أن نذهب إلى فرنسا الآن. لكني تأقلمت في ولاية غويانا وأرغب بالبقاء فيها مع ابني".

تعلمت ريما اللغة الفرنسية، واندمجت مع المجتمع المحلي في غويانا، وتبحث اليوم عن فرصة عمل تناسبها. تضيف "كنا نرغب بالذهاب إلى ألمانيا، وكانت التكلفة من تركيا 12 ألف يورو لكل شخص، وهذا رقم فوق استطاعتي، عدا عن المخاطر الكبيرة المحتملة للغرق في البحر، في حين دفعت 6500 دولار (هي وابنها) فقط للوصول إلى غويانا".

"وإقامتي فيها تساوي أي إقامة لجوء في دول الاتحاد الأوربي، ولم أتعرض لأي مخاطر خلال رحلة قدومي إلى هنا، واليوم اندمجنا مع محيطنا، وهناك عدد قليل من السوريين الذين أصبحوا أصدقاء لنا، وكوننا صداقات مع المجتمع المحلي"، تتابع ريما.

في السياق نفسه، يقول فاتح دركل، المقيم في باريس حاليا، إنه لجأ منذ عامين إلى غويانا قادما من تركيا، وبعد أن حصل على الموافقة على طلب لجوئه بعام كامل، انتقل إلى باريس بغرض الدراسة، مشيرا إلى أن إقامة لجوئه في غويانا تعتبر مثل أي إقامة في دول الاتحاد الأوربي.

ويؤكد لـ"ارفع صوتك"، أن فرص العمل "قليلة جدا في ولاية غويانا، وليست كالبلدان العربية المزدحمة التي يمكن أن يعمل بها السوري ما يرغب به".

وعلى عكس تجربة ريما، يبين فاتح: "هناك ثقافة مختلفة يصعب على البعض التأقلم معها، كما أن طلب اللجوء يمكن أن يتأخر لأكثر من عام لبعض الحالات، وهذا يكلف الآلاف من الدولارات للشخص الذي ينتظر، فأعداد اللاجئين أصبحت كبيرة مؤخرا، ولا وجود للمخيمات كما في دول أوربا، ويجب على كل لاجئ أن يعتمد على نفسه في تأمين مكان إقامته، ريثما يتم البت في طلب لجوئه".

مواضيع ذات صلة:

أم وأطفالها بعد قصف جوي لقوات النظام السوري على حلب - أرشيفية
أم وأطفالها بعد قصف جوي لقوات النظام السوري على حلب - أرشيفية

لا تزال منى الحميدان تحتفظ بقميص صغير تعدّه "الذكرى الوحيدة" التي بقيت لها من أثر طفلها سعيد (7 سنوات)، الذي قضى في قصف للنظام السوري على غوطة دمشق الشرقية في مارس 2018. 

تقيم الحميدان (46 عاماً) في تركيا حالياً، حيث لجأت إليها عام 2019، أي بعد نحو عام من الخروج القسري لسكان غوطة دمشق الشرقية في مايو 2018، عندما سيطرت قوات النظام السوري عليها.

تطمح كغيرها من ذوي الضحايا السوريين، لا سيما ذوي الأطفال، أن يتحقق الإنصاف القانوني بمثول مجرمي الحرب في بلادها أمام المحاكم الدولية المختصة.

تقول الحميدان لـ"ارفع صوتك" بنبرة يأس: "يبدو أن دماء ابني ومئات آلاف الضحايا السوريين ستبقى دون إنصاف، في ظل غياب المحاسبة والإفلات من العقاب حتى الآن. لا نعلم، ربما في يوم ما يتغيّر هذا".

وتؤكد أن الكثير من معارفها قُتلوا خلال المعارك مع قوات النظام السوري في بلدة حمورية بالغوطة الشرقية، مستذكرة بفخر بعض أقاربها الذي قضوا وهم "يدافعون عن أهلهم أمام آلة البطش" حسب تعبيرها.

"لكن ابني سعيد ومثله آلاف الأطفال قُتلوا دون أي ذنب، وكان ذنبهم الوحيد أن أهالي منطقتهم خرجوا يطالبون بحقوقهم المشروعة التي قابلها النظام بالحديد والنار"، تتابع الحميدان.

يتفق معها أحمد موصلي (43 عاماً)، باعتقاده أن "دماء جميع ضحايا الحرب في سوريا ذهبت هدراً"، مستبعداً لـ"مجرمي الحرب في سوريا أن يُحاسبوا أو يمثلوا أمام المحاكم".

فقد موصلي طفليه الاثنين في غارات جوية للنظام على الأحياء الشرقية لمدينة حلب أواخر سنة 2016. 

يقول لـ"ارفع صوتك"، إنه "ينظر بسخرية لجميع الدعاوى القضائية المرفوعة ضد النظام، لأن المجتمع الدولي هو الذي شجع الأسد وحلفاءه وجميع مرتكبي الانتهاكات في سوريا على ارتكاب المزيد من الجرائم، منذ سقوط أول قتيل والاكتفاء بالتنديد دون اتخاذ أي خطوات رادعة".

سوريا
"دفن الأطفال بملابس العيد".. تقرير: جرائم النظام السوري "تزداد في المناسبات"
كان الطفل السوري، حسين صايغ (13 عاما)، من بين 27 طفلا قضوا في الهجمات التي شنتها القوات الحكومية السورية في شمال غرب البلاد خلال الشهرين الماضيين وحدهما.

ويحكي تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية قصة الفنان الصغير الذي هاجرت أسرته لشمال غرب

أكثر من 30 ألف طفل قتيل

بمناسبة "يوم الطفل العالمي" الذي وافق 20 نوفمبر ٢٠٢٣، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تقريرها السنوي الثاني عشر، حول الانتهاكات بحق الأطفال في سوريا.

وأكدت مقتل حوالي 30127 طفلاً في سوريا منذ مارس 2011، بينهم 198 بسبب التعذيب، إضافةً إلى 5229 طفلاً ما زالوا معتقلين أو مخفيين قسراً.

وأشار التقرير إلى أن "سوريا صادقت على اتفاقية حقوق الطفل في عام 1993، كما صادقت على البروتوكولين الاختياريين الملحقين بها". أوضح التقرير أن "جميع أطراف النزاع انتهكت حقوق الطفل، إلا أن النظام السوري تفوّق على جميعها من حيث كمّ الجرائم التي مارسها على نحو نمطي ومنهجي".

وحمّل التقرير اللجنة المعنية بحقوق الطفل والمنبثقة عن اتفاقية حقوق الطفل، المسؤوليات القانونية والأخلاقية في متابعة أوضاع حقوق الطفل في سوريا، ووضع حدٍّ للانتهاكات التي يمارسها النظام السوري.

وفي تفصيل أرقام الأطفال، قتل 23022 طفلاً على يد قوات النظام السوري، و2049 على يد القوات الروسية، و958 على يد تنظيم داعش، و74 على يد هيئة تحرير الشام، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية 260 طفلاً، وجميع فصائل المعارضة المسلحة (الجيش الوطني)، قتلت 1009 طفلاً، وقتلت قوات التحالف الدولي 926 آخرين، بينما قُتل 1829 طفلاً على يد جهات أخرى. 

وعلى الرغم من أن التقرير شمل العديد من الانتهاكات التي ارتكبت ضد الأطفال في سوريا، إلا أن ثمة انتهاكات أخرى لم يشملها، وفقاً للمدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، لافتاً إلى أن "التقرير تناول الانتهاكات "الأكثر فظاعة".

ويبين لـ"ارفع صوتك"، أن "تقرير الشبكة حول الانتهاكات ضد الأطفال في سوريا، يغطّي ما نسبته 85% منها، فيما تبقى انتهاكات أخرى لم يصل إليها فريق الشبكة بسبب عدم التبليغ عنها أو عدم التحقق من دقّتها".

يضيف عبد الغني: "سنركز في التقارير المقبلة على عمالة الأطفال وتسرّبهم من المدارس، وتشريدهم القسري".

من جهتها، تقول ربا الأحمد، وهي عضو مجلس إدارة واستشارية قانونية في مجال توثيق الانتهاكات في "شبكة حراس الطفولة"، إن "الانتهاكات الي يتعرّض لها الأطفال في سوريا تشمل حرمانهم من الوصول إلى أساسيات الحياة الكريمة أو ابتعادهم عن مقاعد الدراسة، إضافة إلى الآثار النفسية على الأطفال جرّاء فقدان الوالدين أو أحدهما بسبب الحرب، بالإضافة إلى العنف الأسري أو المجتمعي". 

وتضيف لـ"ارفع صوتك"، أن "الأطفال هم الفئة الأكثر ضعفاً من بين الفئات التي تتعرض للانتهاكات بشكل عام، وفي سوريا بشكل خاص".

"لذا، بقي باب محاسبة المتسبّبين بهذه الانتهاكات مغلقاً حتى الآن، لعدم توفر الشرط اللازم لمحاكمة المتورطين بالانتهاكات في الدول الأوروبية مثلاً، التي تستلزم رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم بوجود أصحابها، وهو ما لم يتوفّر حتى الآن في ملفات الانتهاكات ضد الأطفال"، تتابع الأحمد.