من مخيمات الإيواء للنازحين جراء الزلزال من غازي عنتاب ومحيطها في جنوب تركيا- تعبيرية
من مخيمات الإيواء للنازحين جراء الزلزال من غازي عنتاب ومحيطها في جنوب تركيا- تعبيرية

يوشك عام 2023 على الانتهاء، بينما عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين ما زالوا يعانون مثل كل عام، من نقص مواد التدفئة وغلاء أسعار المتوفر منها، وهو ليس الأمر الوحيد في قائمة معاناتهم المستمرة منذ 12 عاماً، فالعام الحالي شهد أيضاً عدة أحداث أثرت على حياتهم بشكل جوهري.

في التقرير، نلخص أبرز هذه الأحداث، التي كان وقع أحدها كارثياً، ليس عليهم فحسب، بل على البلد المضيف تركيا أيضاً.

 

زلزال كهرمان مرعش

قتل الزلزال الأعنف في تركيا منذ عام 1939، أكثر من ٥١ ألفاً، منهم نحو 4500 سوري، مضافاً لهم 1.7 مليون آخرين تضرروا منه بشكل مباشر.

وخلف عشرات الآلاف من النازحين السوريين داخل مناطق تركية عديدة، فيما اضطر آخرون قدر عددهم في إحصائية رسمية أواخر مارس الماضي بـ40 ألفاً، للعودة إلى مناطق في الشمال السوري، التي لم تسلم أساساً من الزلزال نفسه.

حتى الذين نزحوا لولايات تركية أخرى بعيدة عن مركز الزلزال، لم يتمكنوا من الاستقرار، بسبب الملاحقة القانونية التي تُلزمهم بتجديد "إذن السفر" كل ستة أشهر، حيث لا يُسمح باستمرارهم بالإقامة في ولاية غير تلك التي سجلوا أوراقهم فيها.

 

الانتخابات الرئاسية التركية

في شهر مايو تحدد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا، التي وصفت بأنها "انتخابات القرن" لتزامنها مع دخول البلاد المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية، إضافة إلى حالة الاستقطاب الواسعة وغير المسبوقة التي شهدتها البلاد جراء التنافس بين حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأحزاب المعارضة التي شكلت تحالفاً سداسياً تاريخياً.

كان اللاجئون السوريون الحلقة الأضعف وعنوان الدعاية الانتخابية للأحزاب المعارضة التي وعدت بطردهم. خلق ذلك موجة جديدة من العنصرية تجاه السوريين في تركيا، تمثلت في أعمال عنف واعتداءات ومواد إعلامية معادية، لاقت تداولا واسعاً في مواقع التواصل.

انتهاء الانتخابات بفوز رجب طيب أردوغان، لم يكن الحل السحري لمشاكلهم، فالحملات العنصرية ضدهم وتشديد القوانين على "المهاجرين غير الشرعيين" في تركيا والترحيل القسري و"الطوعي"، وإجراءات أخرى، أضرّت حتى المجنسين منهم، وأفرزت الشعور بغياب الأمان والاستقرار، مضافاً إليها الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وغيرها من أمور دفعتهم للسير في طريق الهجرة، سواء لدول أوروبية أو عربية.

لهذه الأسباب.. سوريون يرحلون من تركيا إلى غويانا الفرنسية
تعد ولاية غويانا الفرنسية وجهة جديدة مثيرة للاهتمام للاجئين السوريين الذين يرغبون في الهجرة إلى دول الاتحاد الأوربي، على الرغم من وقوعها في قارة أميركا الجنوبية، شمال البرازيل، إلا أن اعتبارها ولاية تابعة لفرنسا، جعلها ملجأ للعديد من السوريين مؤخرا.
مواطنون أفغان يحاولون العبور إلى تركيا بشكل غير نظامي- تعبيرية
في حملات الترحيل التركية.. هل السوريون "مهاجرون غير شرعيين"؟
وبحسب كايا، تقوم الشرطة التركية بالتحقق من جوازات السفر وهوية ووثائق المهاجرين، وفي حال التأكد بأن أحدهم لا يحمل هذه الوثائق، يتم ضبطه ونقله إلى مركز الترحيل وفق الإجراءات القانونية، ثم تسليمه إلى دائرة الهجرة التي ترحله بدورها.

العنصرية في لبنان

في لبنان، لم يكن حال السوريين أفضل خلال عام 2023، في ظل توسع الأزمة الاقتصادية، التي حمل فيها مسؤولون وشخصيات عامة السوريين تبعاتها.

ورغم أن حالة الاستهداف العنصري تلاحق السوريين في لبنان منذ سنوات، إلا أن 2023 حمل تطوراً لافتاً في القضية، حيث تحوّل التحريض ضدهم إلى موجة هجمات في مناطق سكنهم، شملت الاعتداء عليهم بالضرب والتعذيب والطرد من أعمالهم ومناطقهم في بعض الأحيان.

تخفيض المساعدات 

في يوليو الماضي، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه سيخفض المساعدات النقدية الشهرية المقدمة لنحو 120 ألف لاجئ سوري يعيشون في مخيمي الزعتري والأزرق في الأردن، بدءاً من شهر أغسطس، بسبب ما أسماها "أزمة تمويل غير مسبوقة".

جاء ذلك بعد نحو أسبوع من إعلان برنامج الأغذية العالمي بأنه سيقطع تدريجياً مساعدته بالكامل عن 50 ألف لاجئ في الأردن.

ويعيش في مخيمي الزعتري والأزرق، عشرات الآلاف من أصل حوالي 1.3 مليون لاجئ سوري في الأردن، وخُفِض البدل النقدي الشهري لسكان المخيم من 32 إلى 21 دولاراً، بينما حذّر مسؤولون أردنيون من أن المملكة لا تستطيع سد الفجوة الحاصلة بعد قرار التخفيض، ما انعكس بشكل مباشر على اللاجئين المشمولين بالقرارين، بعد أن كان البرنامج يغطي نحو 465 ألف لاجئ.

وفي نوفمبر الماضي تكرر الأمر في لبنان، حيث أفادت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين ليزا أبو خالد، أن المنظمة ستخفض عدد عائلات اللاجئين السوريين المستفيدين من المساعدات النقدية إلى نحو الثلث في العام المقبل، وذلك لمواجهة أزمة التمويل المتزايدة.

وأوضحت  أنه بسبب التخفيضات الكبيرة في التمويل، ستقدم المفوضية وبرنامج الأغذية العالمي مساعدات نقدية شهرية لعدد أقل بـ 88 ألف عائلة في 2024 مقارنة بـ2023.

وأضافت أبو خالد أن قرابة 190 ألف عائلة ستستمر في تلقي المساعدة، التي تبلغ حدها الأقصى الشهري 125 دولاراً لكل عائلة، مؤكدة أن مكتب المفوضية في لبنان لم يتلقّ سوى مبالغ تكفي لتغطية 36% من ميزانيته السنوية حتى وقت الإعلان.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 1.8 مليون، بينهم نحو 880 ألفاً مسجّلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويزيد قرار تخفيض التمويل معاناة اللاجئين السوريين في لبنان، الذي يعيش على وقع أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية، ضاعفتها تداعيات جائحة كورونا، وانفجار مرفأ بيروت في آب 2020.

رسائل "وقف المساعدات" تخيف السوريين في لبنان
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، وتقارير إعلامية عدة، رسائل نصية وصلت إلى هواتف عدد كبير من النازحين السوريين في لبنان، تبلغهم توقف حصولهم على مساعدات مالية وغذائية في العام 2023، وتخفيضات لمساعدات أخرى، بسبب "محدودية الموارد" و"إعطاء الأولوية لأسر أخرى."
الأردن: تحذيرات دولية بعد قرار بتخفيض المساعدات لآلاف اللاجئين السوريين
"قرار كارثي"، يقول الكاتب الصحافي السوري زياد الريس، واصفاً قرار برنامج الأغذية العالمي بتقليص تخفيض الدعم لحوالي 119 ألف لاجئ سوري في الأردن.
ويبيّن لـ"ارفع صوتك": "ستكون الفئات الأشد ضعفاً أكثر المتأثرين بتبعات هذا القرار، الذي سيشكل ضغطاً فعلياً على الدولة المُضيفة (الأردن)، في ظل عجزها عن الاضطلاع باحتياجات اللاجئين بشكل مستقل".

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".