كثير من السوريين يخشون استغلال بياناتهم بأعمال غير قانونية (صورة تعبيرية)
كثير من السوريين يخشون استغلال بياناتهم بأعمال غير قانونية (صورة تعبيرية) | Source: pexels

لا تزال حالة الصدمة تخيّم على مشهد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، بعدما فوجئوا، الخميس، بتسريب الملايين من بياناتهم الشخصية عبر مجموعة في تطبيق "تلغرام" تحمل اسم "انتفاضة تركيا".

وتحدث موقع "الحرة" مع أكثر من 10 لاجئين سوريين، جميعم قالوا إنهم فحصوا البيانات المسربة التي انتشرت على نحو كبير في وسائل التواصل الاجتماعي. 

وفي حين أكدوا صحتها، إذ أنها تشمل رقم القيد الخاص بهم مع اسم الأب والأم والحي الذي يقيمون فيه، فقد عبّروا عن مخاوفهم من المخاطر التي قد تترتب على ذلك.

وتسريب البيانات على العلن جاء بشكل مفاجئ عبر مجموعة في "تلغرام"، وشيئا فشيئا تم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط استنكار سوريين وأتراك وصدمتهم مما حصل.

وحتى الآن، انتشرت 3 روايات رسمية بشأن قضية التسريب، كان آخرها لوزير الداخلية، علي يرلي كايا، حيث قال، الجمعة، من ولاية قيصري، إن الحسابات التي نشرت المعلومات "هي ذاتها التي أطلقت دعوات لإثارة أعمال الشغب".

وأضاف أن خبراء الداخلية "قاموا بمراجعة البيانات التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي منذ الخميس وحتى صباح الجمعة"، وأوضح أنه وفقا للنتائج الأولية "فإن معلومات الهوية المشتركة هي بيانات قبل 8 سبتمبر 2022". 

وأشار يرلي كايا في ذات السياق، إلى أن "البيانات الحالية التي أعدتها مديرية إدارة الهجرة لدينا وبعد التاريخ المذكور، ليست مدرجة".

وتابع: "لقد قمنا بتعيين مفتشين مدنيين لهذه المسألة، وبالإضافة إلى ذلك، تقدم مديرية إدارة الهجرة لدينا شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام". 

"بعد بيانين" 

جاء حديث يرلي كايا بعد ساعات من بيان نشرته إدارة الهجرة التركية، قالت فيه إن "البيانات المسربة غير متطابقة مع المعلومات الحالية الموجودة لديها".

وأضافت أنها فتحت تحقيقا واسع النطاق لتحديد السنوات التي تعود إليها البيانات، ومن أي مصدر وفي أي تاريخ تم الحصول عليها.

وقبل ذلك، قالت الداخلية التركية في بيان أولي، إن مجموعة تحمل اسم "انتفاضة تركيا" نشرت عبر تطبيق "تلغرام" دعوة للتظاهر في منطقة سلطان بيلي في إسطنبول ضد اللاجئين السوريين.

كما نشرت المجموعة البيانات الشخصية للاجئين السوريين في تركيا. وأضافت الوزارة أنها "تقوم بعملية تحقيق واسعة بشأن هذه القضية".

وأوضح بيان الداخلية أنه "تبين أن مدير المجموعة فتى يبلغ من العمر 14 عاما"، وأن مديرية الأطفال في إسطنبول تدخلت للتعامل معه بالشكل اللازم. 

"مخاطر في أية لحظة"

ورغم البيانات الرسمية التي أصدرتها الحكومة التركية من عدة اتجاهات، لم يكن ذلك كفيلا لتخفيف حالة الصدمة والمخاوف من أية مخاطر قد تسفر عنها عملية تسريب البيانات على العلن. 

وقال محمد، وهو أحد الشبان الذين تفاجأ بوجود بياناته الشخصية ضمن القوائم المسربة، لموقع "الحرة"، إن "الأمر لا يمكن اعتباره مزحة أو شيئا عابرا.. ببساطة قد يتجه أي شخص في البلاد لاستخدام رقم القيد والاسم في عمليات تزوير لاستخدامها في قضايا جنائية".

وعلاوة على ذلك، قد يترتب على البيانات المكشوفة على العلن مخاطر أخرى ترتبط بإمكانية فتح خطوط الهاتف أو عدادات المياه والكهرباء دون علم صاحب الشأن، وفق حديث الشاب.

وعلى مدى السنوات الماضية، كان الكثير من السوريين قد واجهوا قضايا جنائية، تعلّق القسم الأعظم منها بخطوط هاتف فتحت بأسمائهم دون أن يدركوا ذلك.

وتعتبر هذه القضية "الأخطر"، حسب حديث عبد الحميد، المقيم في تركيا منذ 8 سنوات، إلى موقع "الحرة".

وأكد أن بياناته منشورة بالتفصيل مع بيانات بقية أفراد عائلته، رغم أنهم يحملون بطاقة الإقامة السياحية لا "الحماية المؤقتة" التي تُمنح للاجئين.

وضمن منشور عبر حسابه الشخصي في "فيسبوك"، قال الحقوقي السوري، مدير "المركز السوري للعدالة والمساءلة"، محمد العبد الله، إن "إلصاق" تهمة إدارة المجموعة التي سربت البيانات بقاصر، "يحول دون الحصول على أية تفاصيل جديدة بشأن ما حدث".

كما يُمنع على الصحافة نشر تفاصيل جرائم القصّر، وفي حال تمت محاكمة الفتى القاصر فإنها ستكون مغلقة وليست علنية، مما يعني إغلاق باب معرفة مصدر البيانات المسربة بشكل محكم، وفقا للعبد الله.

واعتبر الحقوقي السوري أنه "من الواضح أن خلفية النشر عنصرية، تهدف إلى ترهيب اللاجئين السوريين وليست مادية، (مثلا ليست سرقة بطاقات مصرفية بشكل عشوائي)، وهذا الجانب أهمله بيان وزارة الداخلية".

وأضاف أنه "من غير الواضح ما إذا كان النظام المستخدم في دائرة الهجرة تعرض للاختراق فعلا، أم أن موظفا رسميا حمّل هذه البيانات ونقلها للناشرين".

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".