يشهد أولمبياد باريس المرتقب هذا الشهر حدثاً فريداً وهو مشاركة أكبر فريق للاجئين على الإطلاق، إذ يضم 36 فرداً من 11 دولة خضعوا لبرامج تأهيل مكثفة سمحت لهم بتحقيق أرقامٍ رياضية مميزة، فأهّلتهم للمشاركة في هذا الحدث الرياضي الهام.
فيما يلي نستعرض بعض قصص هؤلاء اللاجئين وكيف وصلوا إلى هذه المرحلة من النجاح الرياضي.
لاعب الجودو عدنان خانكان، سوريا
وُلد عدنان خانكان في دمشق 1994، وبدأ ممارسة رياضة الجودو وهو في العاشرة من عُمره، وسرعان ما حقق نجاحاً على الصعيد المحلي بعدما ظفر بالبطولات واحدة تلو الأخرى، حتى انضمّ إلى منتخب الناشئين الذي مثّله في عدة بطولات دولية، منها بطولة آسيا التي حصد فيها الميدالية البرونزية بوزن 90 كغم 2011. وفي عام 2013 بدأ تمثيل منتخب الكبار.
في 2014 خرج خالي الوفاض من دورة الألعاب الآسيوية الـ17، وفي 2015 حقق الميدالة البرونزية في بطولة غرب آسيا للجوجيتسو (إحدى رياضات الدفاع عن النفس).
بعد عدة سنوات من الحرب الأهلية في سوريا قرّر عدنان الفرار إلى أوروبا حيث نال فرصة للاستقرار في ألمانيا.
بدءاً من عام 2019، بدأ يظهر في البطولات الدولية ممثلاً لفئة "الرياضيين اللاجئين" آخرها ظهوره في بطولة أوروبا للفرق المختلطة هذا العام.
منذ قرابة عام ونصف، حصل على منحة تدريب من اللجنة الأولمبية الدولية بصحبة مجموعة من الرياضيين اللاجئين من بلادهم، أهّلته ليكون جزءاً من فريق اللاجئين المتوقع ظهوره في أولمبياد باريس المقبلة.
الدرّاج أمير نصري، أفغانستان
خلال فترة مراهقته في أفغانستان، اعتاد أمير نصري ركوب الدراجات الجبلية، هواية لم يتمكن من تطوير نفسها بها بسبب عدم توافر الإمكانات اللازمة في بلاده.
في 2015 خرج من أفغانستان على متن قارب مكتظ باللاجئين، ونجح في الوصول إلى السويد حيث نال حياة مستقرة أعادته لممارسة الرياضة من جديد.
نال أمير تدريباً في قيادة الدراجات في نادي ستوكهولم، مكّنه من المشاركة في عدة بطولات وطنية دولية سمحت له بنيل عضوية فريق اللاجئين الأولمبي.
Amir Ansari from Stockholm Cycling Club is one of the 36 athletes who has been selected for the @RefugeesOlympic team🙌.
— UNHCR Nordic and Baltic Countries (@UNHCR_NE) May 7, 2024
Amir, who grew up in Afghanistan, has previously participated in national and international championships in time trial and road race competitions.#Paris2024 pic.twitter.com/2n6Toc13pt
الملاكمة سيندي نغامبا، الكاميرون
وُلدت سيندي نغامبا في الكاميرون 1998، عاشت أوضاعا اقتصادية صعبة برفقة والديها اللذين قرّرا مغادرة البلاد إلى المملكة المتحدة.
حينما كانت في الـ11 من عُمرها وصلت سيندي إلى مدينة بولتون التي تقع شمالي غرب إنجلترا، حيث واجهت صعوبات اختلاف الطقس وعدم إتقانها اللغة الإنجليزية.
بعد ثلاث سنوات شرعت في تلقي تدريبات بدنية تمهيداً للبدء في ممارسة الملاكمة. وفي 2017 خاضت نزالها الأول وبدأ اسمها في السطوع بهذه الرياضة خلال أعوامٍ قليلة بعدما ظفرت بثلاث بطولات محلية.
خلال هذه الأعوام، عاشت سيندي فترة من القلق بعدما كادت أن تُرحّل إلى الكاميرون مُجدداً، لكنها خاضت معركة قانونية صعبة انتهت بانتصارها وبقائها في إنجلترا.
بسبب نتائجها المميزة التي أهّلتها لتكون أول رياضية ضمن فريق اللاجئين تضمن لنفسها مقعداً في الأولمبياد، فإنها تعدُّ أمل فريق اللاجئين الأكبر لحصد ميدالية في أولمبياد باريس هذا الشهر.
الشهر الماضي اختارتها شركة "نايك" الرياضية لتكون أول عضو في فريق اللاجئين تقرر رعايته رياضياً.
Head in the game. 👊
— Refugee Olympic Team (@RefugeesOlympic) March 5, 2024
🥊 Boxer Cindy Ngamba is a three-time England Elite champion and one of the few people in the world to do it in descending order. 🤩
Keep an eye on Cindy and the Refugee athletes competing at the 2024 Boxing 1st World Qualification Tournament.… pic.twitter.com/4HYyQT7xtR
لاعبة التجديف سامان سلطاني، إيران
منذ أن كانت طفلة، أظهرت سامان سلطاني عشقاً لألعاب الماء؛ فمارست السباحة الفنية وحققت بها نتائج طيبة، ثم انتقلت إلى ممارسة الكياكينغ (قيادة قوارب صغيرة أحادية الراكب) وهي إحدى الرياضات القليلة التي يُسمح للنساء بممارستها في طهران، وحصدت فيها مراكز متقدمة أهّلتها لتكون عضوة في المنتخب الإيراني.
في صيف 2022 وبينما كانت في رحلة إلى أوروبا لحضور معسكر تدريبي، طلبت اللجوء إلى النمسا هرباً من ملاحقة "شرطة الأخلاق" التي سعت لاعتقالها.
بمساعدة صديقٍ لها، عاشت سامان في النمسا وحظيت بفرصة تدريب مع الاتحاد المحلي وفازت بعدة بطولات محلية. وفي النهاية حصلت على حق اللجوء بالنمسا.
لاعبة الجودو نيجارا شاهين، أفغانستان
ولدت نيجارا شاهين عام 1993، وحين كان عمرها شهوراً معدودة، هرب بها والداها عبر الحدود الجبلية في أفغانستان، إلى باكستان، فاراً من الحرب المستعرة في بلاده.
تعلّمت حُب الرياضة من والدها الذي اعتاد ممارسة المصارعة كهاوٍ في قندهار، فبدأت في تعلم الكاراتيه وانضمّت إلى فريق نسائي في بيشاور وشاركت في بطولة محلية أقيمت بإسلام آباد، بعدها تحوّلت إلى ممارسة الجودو.
عادت نيجارا إلى أفغانستان لاستكمال دراستها في الجامعة الأميركية هناك، ولم تتوقف لحظة عن ممارسة الجودو رغم أن هذا الأمر كان يُمكن أن يكلفها حياتها، فبعدما انتشرت صور لها وهي تمارس الرياضة من دون حجاب، تعرضت عائلتها للعديد من المضايقات.
بفضل مساعدة خالتها التي تعيش في كندا منذ عقود وبمعاونة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، سافرت نيجارا إلى هناك، فحظيت بفرصة للتدرب وبالإقامة الدائمة.
في أغسطس 2023 نالت درجة الامتياز في دراسات التنمية الدولية من كلية "سينتينال" في تورنتو.
وفي كندا عرفت نيجارا استقراراً كبيراً مكّنها من التركيز على تدريباتها والاستعداد بهدوء لأولمبياد باريس.
العدّاء جمال عبدالمجيد، السودان
في الثامنة من عُمره ضاق جمال بظروف الحرب التي تعصف بإقليم دارفور الذي وُلد ونشأ فيه ففارق عائلته وهرب منه إلى مصر حيث عبر صحراء سيناء نحو إسرائيل.
تلقى جمال دعماً في أحد أندية تل أبيب التي حظي فيها بفرصة للتدريب المكثف أهّلته للمشاركة في السباقات المحلية من جديد وأعانته على الاندماج.
شارك جمال في سباق 5 آلاف متر من أولمبياد طوكيو 2020 وحقق أفضل أرقامه الشخصية محتلاً المركز 13 بعدما قطع المسافة في 13 دقيقة و42 ثانية.
لم يتوقف بعدها عن التحسن وتطوير أرقامه في هذه الفئة من التسابقات. وفي مطلع 2024 شارك في سباق فيينا وأنهاه في المركز العاشر برقم قدره 13 دقيقة و20 ثانية.