Paris 2024 Olympics Preview
Paris 2024 Olympics Preview

يشهد أولمبياد باريس المرتقب هذا الشهر حدثاً فريداً وهو مشاركة أكبر فريق للاجئين على الإطلاق، إذ يضم 36 فرداً من 11 دولة خضعوا لبرامج تأهيل مكثفة سمحت لهم بتحقيق أرقامٍ رياضية مميزة، فأهّلتهم للمشاركة في هذا الحدث الرياضي الهام.

فيما يلي نستعرض بعض قصص هؤلاء اللاجئين وكيف وصلوا إلى هذه المرحلة من النجاح الرياضي.

 

لاعب الجودو عدنان خانكان، سوريا

وُلد عدنان خانكان في دمشق 1994، وبدأ ممارسة رياضة الجودو وهو في العاشرة من عُمره، وسرعان ما حقق نجاحاً على الصعيد المحلي بعدما ظفر بالبطولات واحدة تلو الأخرى، حتى انضمّ إلى منتخب الناشئين الذي مثّله في عدة بطولات دولية، منها بطولة آسيا التي حصد فيها الميدالية البرونزية بوزن 90 كغم 2011. وفي عام 2013 بدأ تمثيل منتخب الكبار.

في 2014 خرج خالي الوفاض من دورة الألعاب الآسيوية الـ17، وفي 2015 حقق الميدالة البرونزية في بطولة غرب آسيا للجوجيتسو (إحدى رياضات الدفاع عن النفس).

بعد عدة سنوات من الحرب الأهلية في سوريا قرّر عدنان الفرار إلى أوروبا حيث نال فرصة للاستقرار في ألمانيا.

بدءاً من عام 2019، بدأ يظهر في البطولات الدولية ممثلاً لفئة "الرياضيين اللاجئين" آخرها ظهوره في بطولة أوروبا للفرق المختلطة هذا العام.

منذ قرابة عام ونصف، حصل على منحة تدريب من اللجنة الأولمبية الدولية بصحبة مجموعة من الرياضيين اللاجئين من بلادهم، أهّلته ليكون جزءاً من فريق اللاجئين المتوقع ظهوره في أولمبياد باريس المقبلة.

 

الدرّاج أمير نصري، أفغانستان

خلال فترة مراهقته في أفغانستان، اعتاد أمير نصري ركوب الدراجات الجبلية، هواية لم يتمكن من تطوير نفسها بها بسبب عدم توافر الإمكانات اللازمة في بلاده.

في 2015 خرج من أفغانستان على متن قارب مكتظ باللاجئين، ونجح في الوصول إلى السويد حيث نال حياة مستقرة أعادته لممارسة الرياضة من جديد.

نال أمير تدريباً في قيادة الدراجات في نادي ستوكهولم، مكّنه من المشاركة في عدة بطولات وطنية دولية سمحت له بنيل عضوية فريق اللاجئين الأولمبي.

 

الملاكمة سيندي نغامبا، الكاميرون

وُلدت سيندي نغامبا في الكاميرون 1998، عاشت أوضاعا اقتصادية صعبة برفقة والديها اللذين قرّرا مغادرة البلاد إلى المملكة المتحدة.

حينما كانت في الـ11 من عُمرها وصلت سيندي إلى مدينة بولتون التي تقع شمالي غرب إنجلترا، حيث واجهت صعوبات اختلاف الطقس وعدم إتقانها اللغة الإنجليزية.

بعد ثلاث سنوات شرعت في تلقي تدريبات بدنية تمهيداً للبدء في ممارسة الملاكمة. وفي 2017 خاضت نزالها الأول وبدأ اسمها في السطوع بهذه الرياضة خلال أعوامٍ قليلة بعدما ظفرت بثلاث بطولات محلية.

خلال هذه الأعوام، عاشت سيندي فترة من القلق بعدما كادت أن تُرحّل إلى الكاميرون مُجدداً، لكنها خاضت معركة قانونية صعبة انتهت بانتصارها وبقائها في إنجلترا.

بسبب نتائجها المميزة التي أهّلتها لتكون أول رياضية ضمن فريق اللاجئين تضمن لنفسها مقعداً في الأولمبياد، فإنها تعدُّ أمل فريق اللاجئين الأكبر لحصد ميدالية في أولمبياد باريس هذا الشهر.

الشهر الماضي اختارتها شركة "نايك" الرياضية لتكون أول عضو في فريق اللاجئين تقرر رعايته رياضياً.

 

لاعبة التجديف سامان سلطاني، إيران

منذ أن كانت طفلة، أظهرت سامان سلطاني عشقاً لألعاب الماء؛ فمارست السباحة الفنية وحققت بها نتائج طيبة، ثم انتقلت إلى ممارسة الكياكينغ (قيادة قوارب صغيرة أحادية الراكب) وهي إحدى الرياضات القليلة التي يُسمح للنساء بممارستها في طهران، وحصدت فيها مراكز متقدمة أهّلتها لتكون عضوة في المنتخب الإيراني.

في صيف 2022 وبينما كانت في رحلة إلى أوروبا لحضور معسكر تدريبي، طلبت اللجوء إلى النمسا هرباً من ملاحقة "شرطة الأخلاق" التي سعت لاعتقالها.

بمساعدة صديقٍ لها، عاشت سامان في النمسا وحظيت بفرصة تدريب مع الاتحاد المحلي وفازت بعدة بطولات محلية. وفي النهاية حصلت على حق اللجوء بالنمسا.

 

لاعبة الجودو نيجارا شاهين، أفغانستان

ولدت نيجارا شاهين عام 1993، وحين كان عمرها شهوراً معدودة، هرب بها والداها عبر الحدود الجبلية في أفغانستان، إلى باكستان، فاراً من الحرب المستعرة في بلاده.

تعلّمت حُب الرياضة من والدها الذي اعتاد ممارسة المصارعة كهاوٍ في قندهار، فبدأت في تعلم الكاراتيه وانضمّت إلى فريق نسائي في بيشاور وشاركت في بطولة محلية أقيمت بإسلام آباد، بعدها تحوّلت إلى ممارسة الجودو.

عادت نيجارا إلى أفغانستان لاستكمال دراستها في الجامعة الأميركية هناك، ولم تتوقف لحظة عن ممارسة الجودو رغم أن هذا الأمر كان يُمكن أن يكلفها حياتها، فبعدما انتشرت صور لها وهي تمارس الرياضة من دون حجاب، تعرضت عائلتها للعديد من المضايقات.

بفضل مساعدة خالتها التي تعيش في كندا منذ عقود وبمعاونة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، سافرت نيجارا إلى هناك، فحظيت بفرصة للتدرب وبالإقامة الدائمة.

في أغسطس 2023 نالت درجة الامتياز في دراسات التنمية الدولية من كلية "سينتينال" في تورنتو.

وفي كندا عرفت نيجارا استقراراً كبيراً مكّنها من التركيز على تدريباتها والاستعداد بهدوء لأولمبياد باريس.

 

العدّاء جمال عبدالمجيد، السودان

في الثامنة من عُمره ضاق جمال بظروف الحرب التي تعصف بإقليم دارفور الذي وُلد ونشأ فيه ففارق عائلته وهرب منه إلى مصر حيث عبر صحراء سيناء نحو إسرائيل.

تلقى جمال دعماً في أحد أندية تل أبيب التي حظي فيها بفرصة للتدريب المكثف أهّلته للمشاركة في السباقات المحلية من جديد وأعانته على الاندماج.

شارك جمال في سباق 5 آلاف متر من أولمبياد طوكيو 2020 وحقق أفضل أرقامه الشخصية محتلاً المركز 13 بعدما قطع المسافة في 13 دقيقة و42 ثانية.

لم يتوقف بعدها عن التحسن وتطوير أرقامه في هذه الفئة من التسابقات. وفي مطلع 2024 شارك في سباق فيينا وأنهاه في المركز العاشر برقم قدره 13 دقيقة و20 ثانية.

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".