FILE PHOTO: Illustration photo of U.S. Dollar and Euro notes
يقضي القرار بتحويل الجزء الأكبر من المعونة المادية الشهرية لبطاقة ذكية- تعبيرية

تعتزم عدة ولايات ألمانية اعتماد تقنية جديدة في تسليم المساعدات الاجتماعية لطالبي اللجوء، في خطوة أثارت جدلاً قانونياً واسعاً أجبر بعضها على تأجيل تنفيذ القرار.

ومن المقرر أن تبدأ 14 ولاية ألمانيّة تنفيذ القرار القاضي بتزويد طالبي اللجوء ببطاقة دفع إلكترونية بدلاً من تسليمهم مبالغ نقدية، بغية ضبط إرسالهم الحوالات إلى بلدانهم الأصلية، حيث وافق البرلمان الألماني (البوندستاغ) في 12 أبريل الماضي، على قانون بطاقة الدفع لطالبي اللجوء الذي سيُطبق لاحقاً على مستوى البلاد.

وكانت أحزاب ألمانية مُعارضة لوجود اللاجئين تقدّمت بشكاوى للحكومة المركزية في برلين، مفادها أن طالبي اللجوء والحاصلين على حق الإقامة، يحوّلون جزءاً من أموالهم إلى بلدانهم، بما يحمله ذلك من ضرر اقتصادي على الدولة المُضيفة.   

خدمة تحويل في أحد متاجر مدينة يونانية/ الصورة من موقع "بلومبيرغ"
حوالات اللاجئين السوريين المالية لذويهم طوق نجاة في الأزمة الاقتصادية
ويقوم السوريون في الخارج بتحويل مبالغ شهرية لعائلاتهم في سوريا، منذ السنوات الأولى للجوئهم، بسبب الوضع الاقتصادي المتردّي داخل البلاد، الذي أدى مؤخراً لانخفاض لافت في قيمة صرف الليرة السورية مقابل الدولار.

وباشرت ولايات عدة بتطبيق القرار، مثل هامبورغ و"ميركش – أودرلاند"، التي تعطي السلطات فيها مبلغ 50 يورو شهرياً بشكل نقدي للاجئين، بينما يتم إيداع بقية المبلغ في بطاقة إلكترونية لتسديد ثمن السلع والخدمات اليومية.

ورغم أن هذا القرار يسري في البداية على طالبي اللجوء فقط، ولا ينطبق على الحاصلين على حق اللجوء، إلا أن هناك مخاوف حول إمكانية تطبيقه مستقبلاً على جميع فئات اللاجئين، وفي جميع أنحاء القارة الأوروبية.

وعبّر طالبو لجوء سوريّون عن انتقادهم لهذا القرار، في ظل حاجتهم لإرسال الأموال إلى ذويهم في سوريا أو في تركيا، مع اعتماد غالبية السوريين في بلادهم على الحوالات الخارجية لتأمين متطلبات المعيشة.

ونقل موقع "أثر برس" المحلي عن الخبير الاقتصادي د. شفيق عربش قوله إن القرار "يأتي في سياق المزيد من التضييق على السوريين سواء أكانوا في الداخل أم في الخارج، وبالتأكيد سيؤثر سلباً على عدد وحجم الحوالات الواردة من الخارج، كما أن العديد من الأسر السورية كانت تعتمد نوعاً ما على الحوالات التي ترد لها من الخارج".

وأوضح عربش أنّ توقّف الحوالات أو قلتها "يعني المزيد من التراجع في قدرة الأسر السورية المُعتمِدة على الحوالات من تأمين الحاجات اليومية لها، والمزيد من الفقر، وتراجع الأمن الغذائي لهذه الأسر".

في حديثه مع "ارفع صوتك"، اعتبر طالب اللجوء السوري في ألمانيا ملهم شاهين (26 عاماً) أن القرار "لا يليق بسمعة دولة حرّة مثل ألمانيا".

ويقول ابن ريف دمشق الذي دخل الدولة الأوروبية قبل عام بعد أن سافر عبر عملية لتهريب اللاجئين من تركيا، إن عائلته "استدانت مبالغ طائلة وباعت كل ما تملك لتأمين رحلته إلى أوروبا التي كلّفته نحو 15 ألف يورو".

لذلك، لم تكن ألمانيا خياراً للاستقرار الفردي فقط، يضيف ملهم "وصلتُ إلى هنا لإعالة أبي وأمي وأختي، خصوصاً أن أخي الكبير المتزوج لا يستطيع تأمين معيشته أو مساعدة أهلي".

"هذا القرار يعاملنا كأشخاص جاؤوا فقط ليأكلوا ويشربوا، دون وضع أي اعتبار لعائلاتنا التي خلّفناها وراءنا تقاسي آثار الحرب المدمّرة"، يتابع ملهم.

وفي ظل الحاجة المُلحّة لإرسال اللاجئين أموالاً إلى ذويهم في سوريا، يتحدث بعضهم عن أن الحكومة الألمانية تدفعهم بهذا القرار إلى اتباع "طرق ملتوية للالتفاف على القرار"، بحسب الشاب رضوان شيخو، وهو أيضاً طالب لجوء في ألمانيا.

يقول رضوان (25 عاماً) الذي ينحدر من مدينة القامشلي شمال شرق سوريا، إنّه مُضطرّ لإرسال مبلغ 100 يورو شهرياً لإعالة أمّه المريضة، التي تعيش وحدها مع أخيه الصغير الذي لا يزال في المرحلة الثانوية.

ويوضح لـ"ارفع صوتك" أنه سيُضطرّ هو وغيره لاتباع طرق بديلة عن الحصول على المساعدات نقداً، بينها بيع المبلغ الموجود بالبطاقة للتجّار بسعر أرخص من ثمنها، للحصول على المال وإرساله.

يؤكد رضوان "لن يمنعنا شيء من مساعدة أهلنا.. كل ما في الأمر أننا سنخسر بعض اليوروهات للحصول على المال نقداً".

وتفرض الحكومة الألمانية منذ سنوات قيوداً صارمة على إرسال الأموال إلى سوريا، لا سيّما المبالغ الكبيرة، وفقاً لقوانين أوروبية تلاحق نشاطات غسيل الأموال أو دعم الجماعات الإرهابية.

وهذا الأمر يدفع بعض اللاجئين إلى إرسال الأموال عن طريق ما يسمّى "سوق الصرافة السوداء" التي لا تسجّل بيانات التحويل في نظام البنوك والمؤسسات المالية.

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".