على مدونة الفيديو الخاصة بها، أحبّت المراهقة ذات الشخصية الجذابة، سارينا إسماعيل زاده (16 عاما)، مشاركة حياتها مع العالم عبر الإنترنت، فغنت ورقصت وطهت ووضعت مكياجها محتفلة بنهاية الامتحانات، كما انتقدت التمييز ضد المرأة قبل وفاة مهسا أميني بشهور.
وفي 22 سبتمبر الماضي، خرجت الفتاة سارينا للانضمام إلى الاحتجاجات التي تجتاح البلاد، بعد انتهاء يومها الدراسي، لكنها لم تعلم أنها لن تعود لمدرستها في اليوم التالي، حيث تعرضت للضرب حتى الموت على أيدي قوات الأمن الإيرانية، بحسب ما أفادت صحيفة "واشنطن بوست".
وسرعان ما بدأت التقارير المتعلقة بوفاة سارينا ومقاطع فيديو من مدونتها تنتشر عبر الإنترنت، خاصة وهي تغني أغنية للموسيقي الإيرلندي هوزير.
وكتب هوزير على تويتر "نتحدث عن الحريات دون فهم ما يعنيه دفع الثمن النهائي في القتال من أجلها"، مضيفا أن "هذه الفتاة الشجاعة مكثت في هذا العالم 16 عاما فقط".
The story of Sarina Esmailzadeh reached me this morning, I'm somewhat at a loss for words. We talk about freedoms with no understanding of what it means to pay the ultimate price in fighting for it. This brave girl was only 16 years in the world... https://t.co/I2d4J6WMak
— Hozier (@Hozier) October 7, 2022
ومع تزايد الحديث حول الفتاة وقضيتها على الإنترنت، نفت السلطات الإيرانية يوم الجمعة الماضي، أي مسؤولية عن وفاة سارينا، مدعية أن إسماعيل زاده انتحرت بإلقاء نفسها من فوق أحد الأسطح، وفقا لما نقلت وكالة "رويترز".
وبالشكل ذاته، كانت السلطات قد نفت مسؤوليتها عن مقتل مهسا أميني، 22 عاما، التي توفيت بعد اعتقالها على يد شرطة الأخلاق، وأثار مقتلها موجة الاحتجاجات المستمرة والتي دخلت أسبوعها الرابع، حيث ادعت أنها "مريضة".
وأذاع التلفزيون الحكومي مقابلة مع والدة سارينا، التي قالت إن ابنتها حاولت ذات مرة الانتحار باستخدام حبوب منع الحمل، مؤيدة الرواية الرسمية.
لكن إيران لديها تاريخ طويل في انتزاع الاعترافات وبثها على التلفزيون الحكومي الذي تم اختراقه من قبل جماعة معارضة لاحقا السبت، حيث قطع المخترقون نشرة إخبارية وأظهروا شعارات مؤيدة للاحتجاجات وصور المتظاهرين القتلى ومن بينهم إسماعيل زاده.
ووفقا لمنظمات حقوقية، فإن تفاصيل مقتل الفتاة المراهقة سارينا في مدينة كرج غربي طهران تتناسب مع نمط أوسع لاستهداف قوات الأمن للنشطاء واعتقالهم وقتلهم في بعض الحالات.
وقالت منظمة العفو الدولية، في 30 سبتمبر، إن إسماعيل زاده "ماتت بعد تعرضها للضرب المبرح على رأسها بالهراوات، وكانت واحدة من 52 شخصًا على الأقل قتلوا على أيدي قوات الأمن في الفترة من 19 إلى 25 سبتمبر"، وهي رواية تم تأكيدها لاحقا، من قبل جماعات حقوقية أخرى، بحسب "واشنطن بوست".
وتمت مشاهدة مقطع فيديو يظهر إسماعيل زادة وهي تبتسم وتستمع إلى الموسيقى على نطاق واسع على تويتر.
This is Sarina Esmailzadeh. She was killed by Islamic thugs of the Iranian regime. She was only 16 years old.
— Mahyar Tousi (@MahyarTousi) October 7, 2022
Following her death, her mother committed suicide.
Sabrina made YouTube videos against Muslim rule. Please watch one of her last videos 👇 😢 pic.twitter.com/fcdARvCVJK
وعلى مدونتها، كانت سارينا تنتقد أحيانا التمييز الذي تواجهه النساء في إيران، حيث قالت في مقطع فيديو نُشر في 22 مايو الماضي، إن المراهقين "يحتاجون إلى الحرية ليعيشوا حياة كريمة، لكنهم لا يستطيعون بسبب بعض القيود المفروضة على النساء على وجه التحديد، مثل الحجاب الإلزامي ومنعهن من الملاعب الرياضية".
وأشارت إلى أن الإيرانيين لا يمكنهم توقع "أي شيء آخر" من الحكومة باستثناء مساعدات الرعاية الاجتماعية.
قضية سارينا تشبه بشكل مخيف حالة نيكا شكارامي، التي كانت تبلغ من العمر 16 عاما، والتي توفيت أيضا خلال الاحتجاجات الشهر الماضي.
وبينما تزعم السلطات الإيرانية أن شكارامي سقطت من ارتفاع شاهق أيضا، تقول عائلتها إنها قتلت على يد قوات الأمن بعد أن أحرقت الحجاب.
وأثارت قضية شكارامي، وما يبدو من محاولات للتستر على ملابسات وفاتها وترهيب عائلتها، المزيد من الغضب.
وقالت والدة شكارامي إن عائلتها تعرضت لضغوط للإدلاء بتصريحات كاذبة حول وفاة ابنتها.
وانتشرت الاحتجاجات في إيران منذ وفاة أميني البالغة، والتي تنتمي للمنطقة الكردية الإيرانية، في 16 سبتمبر أثناء احتجازها بسبب ارتدائها "ملابس غير لائقة"، في أحد أجرأ التحديات التي تواجه إيران منذ الثورة الإسلامية 1979.
وقالت نيجين، (36 عاما)، وهي معلمة فنون في مدرسة ثانوية بطهران انضمت إلى الاحتجاجات، لـ"واشنطن بوست"، "أستطيع أن أرى أن الاحتجاجات قد انتشرت أكثر بعد تزايد عمليات القتل، خاصة بعد مقتل سارينا ونيكا".
وأضافت نيجين، التي استخدمت اسمها الأول فقط، خوفا من ملاحقتها، إن أحد أقاربها الذكور رفض في البداية الاحتجاجات ووصف المتظاهرين بأنهم "مجموعة من الأطفال المدللين يتسببون في الفوضى"، لكنه حزن كثيرا لوفاة سارينا واعتبر أن إيران افتقدت شاعرة عظيمة بوفاتها.