عانت إيران من "تعطل كبير" في خدمات الإنترنت، الأربعاء، وسط دعوات لتجدد الاحتجاجات بعد أسابيع من وفاة الشابة الإيرانية، مهسا أميني لدى احتجاز الشرطة لها، بينما شارك عشرات الآلاف من الإيرانيين الذين يعيشون في الخارج في مسيرات لدعم التظاهرات في الداخل.
وتحولت المظاهرات التي انطلقت احتجاجا على وفاة الشابة البالغة من العمر 22عاما، إلى أحد أكبر التحديات التي تواجه النظام الإيراني منذ احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009، وفقا لـ"أسوشيتد برس".
تعطل الإنترنت واشتعال الاحتجاجات
شارك في المظاهرات عمال النفط وطلبة المدارس الثانوية ونساء خلعن الحجاب، قال شهود عيان إن الدعوات للاحتجاج التي بدأت، ظهر الأربعاء، شهدت انتشارا كثيفا لقوات مكافحة الشغب ورجال أمن في ملابس مدنية في جميع أنحاء طهران.
وأشاروا إلى "تعطل الإنترنت الذي أثر على خدمات الإنترنت الهواتف المحمولة الخاصة بهم".
وأكدت مجموعة "نت بلوكس"، وهي منظمة حقوقية، أن سرعة الإنترنت في إيران انخفضت إلى حوالي 25 بالمئة مقارنة بوقت الذروة، حتى خلال أيام العمل التي يتواجد فيها الطلاب في المدارس في جميع أنحاء البلاد، بحسب أسوشيتد برس.
قالت المجموعة: "من المرجح أن يؤدي ذلك إلى المزيد من ضعف التدفق الحر للمعلومات خلال الاحتجاجات".
وقالت جماعة حقوق الإنسان الإيرانية، التي تتخذ من أوسلو مقرا لها، الأربعاء، إن ما لا يقل عن 201 شخصا قتلوا، بينهم نحو 90 شخصا قتلوا على أيدي قوات الأمن في مدينة زاهدان بشرق إيران خلال مظاهرات ضد ضابط شرطة متهم بالاغتصاب في قضية منفصلة.
ووصفت السلطات الإيرانية العنف في زاهدان بأنه من تدبير انفصاليين لم تسمهم، دون تقديم تفاصيل أو أدلة.
في غضون ذلك، قدم وزير التعليم الإيراني، يوسف نوري، أول تأكيد على اعتقال عدد من أطفال المدارس خلال الاحتجاجات.
وذكرت صحيفة "شرق" المؤيدة لجبهة الإصلاح أنه رفض الإعلان عن عدد هؤلاء المعتقلين، واكتفى بالقول إن المعتقلين وضعوا "في مركز للأمراض النفسية" وليس السجن.
لحظة فاصلة للوطن الأم
وفي الوقت الذي تعصف فيه الاحتجاجات المناهضة للحكومة بالمدن والبلدات في إيران للأسبوع الرابع، خرج عشرات الآلاف من الإيرانيين الذين يعيشون في الخارج في شوارع أوروبا وأميركا الشمالية وخارجها لدعم ما يعتقد الكثيرون أنه "لحظة فاصلة لبلدهم الأم"، وفقا لتقرير وكالة أسوشيتد برس، رصد هذه الاحتجاجات.
ويقول الكثيرون منهم إنهم يشعرون بـ"وحدة غير مسبوقة في الهدف وتقارب مع المظاهرات في الداخل"، التي أشعلتها وفاة مهسا أميني.
وتصف طاهرة دانيش، الباحثة في مجال حقوق الإنسان والتي تعيش وتعمل في لندن، الاحتجاجات في إيران بـ"نقطة تحول من نواح كثيرة".
وقالت السيدة البالغة من العمر 52 عاما، إنه "أمر استثنائي، لقد حدث بهذه السرعة وهذا الشعور بالصداقة الحميمة بين الإيرانيين كان مذهلا".
وفي الشهر الماضي، خرجت حشود كبيرة من الأشخاص من أصل إيراني في عشرات المدن من لندن إلى باريس إلى تورنتو في نهاية كل أسبوع لتجمعات تضامنية مع الاحتجاجات.
ويقول الكثيرون إنهم "يأملون في أن تكون بلادهم على شفا التغيير بعد عقود من القمع، ويخشون من أن تطلق السلطات المزيد من العنف في حملة قمع وحشية متزايدة".
وترى دانش، التي قامت عائلتها بتهريبها هي وإخوتها من إيران في الثمانينيات هربا من الاضطهاد، أن صور المتظاهرين الذين قمعتهم السلطات بعنف تعيد إلى الأذهان "صدمة المشاهد المماثلة في وقت قريب من الثورة الإسلامية عام 1979".
تغيير جذري
شهدت إيران موجات من الاحتجاجات في السنوات الأخيرة، لكن يتفق الكثيرون على أن "المقاومة هذه المرة تبدو أوسع في طبيعتها ونطاقها لأنها تتحدى أساسيات الجمهورية الإسلامية".
ويقول فالي محلوجي، أمين المعرض الفني في لندن والذي غادر إيران في الثمانينيات، إن "الإيرانيين في الداخل يطالبون اليوم بتغيير جذري".
ويري الرجل البالغ من العمر 55 عاما، أن الاحتجاجات "توحد كل إيراني، وجميع الأجيال المختلفة من المنفيين".
وهرب عدد كبير من الإيرانيين خارج البلاد، بعضهم فر بعد ثورة 1979 بفترة وجيزة، وآخرين غادروا لاحقا بسبب القمع المستمر أو المشاكل الاقتصادية.
ويعيش أكثر من نصف مليون شخص منهم في الولايات المتحدة، ويوجد في فرنسا والسويد وألمانيا مجتمعات بمئات الآلاف.
في باريس، كانت رومان رانجباران، من بين الآلاف الذين خرجوا في احتجاجات، الأسبوع الماضي.
وأكدت الفتاة البالغة من العمر 28 عاما والتي نشأت في فرنسا، أنها شعرت "بالصدمة" لما يحدث في إيران.
وقالت "إيران جزء لا يتجزأ من تاريخي، لقد عرفت أمي هناك الحرية عندما كانت النساء حرة"، مضيفة " إذا كنا نريد أن يتحسن الوضع في إيران، فنحن بحاجة إلى دعم دولي".
لكن بعض المغتربين كانوا حذرين من الانضمام إلى الاحتجاجات لأن لديهم عائلة في إيران ويسافرون بانتظام "ذهابا وإيابا".
وأثار البعض المخاوف بشأن وجود "عملاء استخبارات إيرانيين أو فصائل متطرفة"، ويقول آخرون إنهم شعروا ببعض القلق بشأن أهداف الاحتجاجات التي تتجاوز الصرخة الموحدة "المرأة، الحياة، الحرية".
تبديد الصورة السلبية
قالت أماندا نافيان، وهي مصممة حقائب فاخرة في أوائل الأربعينيات من عمرها وتعيش في لندن، إنها "وضعت خططا لتنظيم احتجاجات بنفسها".
ولم تكن نافيان متأكدة من أن المظاهرات في الخارج ستحدث فرقا حقيقيا، لكنها قالت "من المهم إظهار اهتمامنا للمحتجين داخل إيران".
وأكدت أنها تعمل على تبديد ما وصفته بـ"التصورات السلبية المنتشرة عن إيران والإيرانيين"، مطالبة "المجتمع الدولي بالاستيقاظ ودعم مطالب الشعب الإيراني".
واجتاحت إيران احتجاجات تطالب بإسقاط المؤسسة الدينية أنحاء إيران منذ وفاة أميني، في 16 سبتمبر، في أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق في طهران لارتدائها "ملابس غير لائقة"، وفقا لـ"رويترز".