شاحنة إطفاء أمام سجن إيفين في 16 أكتوبر 2022
شاحنة إطفاء أمام سجن إيفين في 16 أكتوبر 2022

أثار الحريق الذي شهده سجن "إيفين" سيء السمعة في طهران، الحديث عن الممارسات اللإنسانية التي تقوم بها سلطات السجن في حق السجناء، فيما تشير تقارير حقوقية إلى "التعذيب الممنهج وبتر الأطراف" داخل "معقل الانتهاكات في إيران".

وشهد سجن إيفين في العاصمة الإيرانية طهران "اضطرابات"، ليل السبت، تخللتها مواجهات بين السجناء وعناصره واندلاع حريق في أحد أقسامه، قبل أن يعود الوضع "تحت السيطرة"، وفق الاعلام الرسمي الإيراني.

ووقعت الاضطرابات في هذا السجن الذي يعد الأبرز في إيران، في وقت تشهد البلاد منذ شهر احتجاجات على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها قواعد اللباس.

ماذا نعرف عن "إيفين"؟

يقع السجن على سفوح تلال على الطرف الشمالي لطهران، ويضم مدانين جنائيين ومعتقلين سياسيين، وتحتجز السلطات الإيرانية داخله العديد من المعتقلين السياسيين ومزدوجي الجنسية في إيران.

وفي عام 2018، أدرجت الحكومة الأميركية السجن على قائمة سوداء بسبب ما يشهده من "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". 

وهذا السجن معروف بإساءة معاملة السجناء السياسيين، كما أنه يضم سجناء أجانب، وقد أفادت تقارير أن المئات ممن اعتقلوا خلال التظاهرات أودعوا فيه، وفقا لـ"فرانس برس".

حياة السجناء في خطر

حذرت منظمات حقوقية، الأحد، من أن "حياة السجناء بسجن إيفين في خطر"، بعدما اندلع حريق فيه.

وعلى خلفية الحريق داخل السجن، قالت مجموعة "حقوق الانسان في إيران" التي تتخذ من أوسلو مقرا لها إن "حياة كل سجين سياسي أو سجين عادي في خطر شديد".

وقال هادي قائمي، مدير مركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك إن "السجناء بما يشمل السجناء السياسيين لا يملكون وسائل للدفاع عن أنفسهم داخل ذلك السجن" معبرا عن قلقه بأن يكون "قتل سجناء جار".

من جهتها قالت مجموعة حرية التعبير المادة 19 إنها سمعت بتقارير عن قطع اتصالات الهاتف والإنترنت في السجن وإنها "قلقة جدا على سلامة سجناء إيفين".

وقالت الأكاديمية الأسترالية، كايلي مور غيلبرت، التي احتُجزت في إيفين لأكثر من 800 يوم سجنت فيها في إيران، إن أقارب سجينات سياسيات معتقلات هناك أكدوا لها أن "كل النساء في جناح السجينات السياسيات في السجن سالمات وبأمان"، وفقا لـ"فرانس برس".

وكان الأميركي من أصل إيراني، سيامك نمازي، مسجون في إيران منذ ما يقرب من سبع سنوات بتهم تتعلق بالتجسس، وعاد إلى إيفين، الأربعاء، بعد أن سُمح له بالخروج لفترة وجيزة، حسبما قال محاميه.

وفي رد فعل على الحريق، أعربت عائلة نمازي في بيان اطلعت عليه فرانس برس عن "قلقها العميق"، خاصة وأنه لم يحصل أي اتصال معه".

وحضت العائلة السلطات الإيرانية على منحه وسائل "فورية" للاتصال بأسرته وإطلاق سراحه "لأنه من الواضح أنه ليس آمنا في سجن إيفين".

ومن بين المواطنين الأميركيين الآخرين المحتجزين في إيفين خبير البيئة مراد طهباز، الذي يحمل الجنسية البريطانية أيضا، ورجل الأعمال عماد شرقي، وذلك وفقا للمحامي الحقوقي سعيد دهقان.

وقالت شقيقة عماد شرقي، إن عائلته "متشنجة وينتابها الخوف"، وذلك في تغريدة على تويتر.

وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، في تغريدة أن واشنطن تراقب الوضع عن كثب، محملا "إيران المسؤولية الكاملة عن سلامة مواطنينا المحتجزين بدون وجه حق والذين يجب إطلاق سراحهم فورا".

ويتم احتجاز العديد من مزدوجي الجنسية الآخرين في إيفين، ومن بينهم الأكاديمية الفرنسية الإيرانية، فريبا عادلخاه، والإيراني السويدي، أحمد رضا جلالي، وهو طبيب وباحث في طب الكوارث، وفقا لسعيد دهقان.

وأفادت تقارير أن المخرج الإيراني المعارض، جعفر بناهي، صاحب الجوائز السينمائية الدولية والسياسي الإصلاحي، مصطفى تاج زاده محتجزان أيضا في إيفين.

تعذيب ممنهج و"بتر أعضاء"

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، سلطات السجن باستخدام التهديد بالتعذيب والسجن إلى أجل غير مسمى لإخضاع النزلاء وكذلك إجراء استجوابات طويلة معهم وحرمانهم من الرعاية الطبية، وفقا لـ"رويترز".

وفي يوليو ٢٠٢٢، كشفت منظمة " إن بويا ترابي" غير الحكومية والتي تتخذ من لندن مقرها لها، عن قيام السلطات بالسجن بـ"بتر أصابع" متهم بالسرقة، باستخدام "مقصلة".

وكان الرجل في الثلاثينات من عمره، وتم نقله إلى المستشفى فور قطع أصابعه في 27 يوليو بحضور عدد من المسؤولين وطبيب من سجن إيفين في طهران، وفقا لـ"فرانس برس".

وفي 30 يوليو، استكرت منظمة العفو الدولية، عملية البتر ، ووصفتها بـ"العقوبة القاسية التي لا توصف".

وبحسب منظمة العفو الدولية، فقد بترت السلطات الإيرانية في 31 مايو أصابع معتقل آخر هو سيد بارات حسيني، دون إعطائه مخدرا.

وقد حُرم هذا الأخير من الرعاية الصحية العقلية والجسدية اللازمة، وفقا للمنظمة غير الحكومية، ووضع في الحبس الانفرادي في إيفين "للحيلولة دون انكشاف عقوبته وحالته الصحية الحالية". 

في يونيو، أعربت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقها حيال "هذا الموضوع"، وحضت إيران على إلغاء أشكال العقاب الجسدي كافة.

وتحدثت منظمة العفو، عن نقل رجلين إلى "إيفين" من سجون آخرى، من أجل تنفيذ الحكم الصادر بحقهما وذلك في عيادة داخل السجن بحضور طبيب.

في أبريل "جرى تركيب مقصلة خاصة في إيفين من أجل مركزية تنفيذ أحكام البتر الصادرة في جميع أنحاء البلاد"، حسب المنظمة غير الحكومية.

ووفقا لمركز "عبد الرحمن بورومند"، أقدمت السلطات الإيرانية على بتر أصابع ما لا يقل عن 131 رجلا منذ يناير 2000.

انتهاكات مروعة

في 27 أغسطس 2021، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا يتحدث عن "انتهاكات مروعة بحق السجناء داخل السجن"، بعد تسريبات كشفت عما يدور داخله.

وكشفت لقطات كاميرات المراقبة المسربة من سجن إيفين، تلك الانتهاكات، والتي تشير لقيام مسؤولي السجون في إيران بتعريض "المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة"، وفقا لتقرير "منظمة العفو الدولية".

وفي 22 أغسطس 2021، نشرت وسائل إعلام مستقلة، مقرها خارج إيران، عددا متزايدا من مقاطع الفيديو المسربة الواردة من مجموعة تطلق على نفسها اسم "عدالة علي"، والتي اخترقت كاميرات المراقبة الأمنية في سجن إيفين بطهران.

وحللت المنظمة 16 مقطع فيديو مسرب، تم الحصول عليها من وسائل إعلام إيرانية مستقلة، والتي تقدم أدلة بصرية مروعة على "عمليات الضرب، والتحرش الجنسي، والإهمال المتعمد، وسوء المعاملة بحق سجناء يحتاجون إلى رعاية طبية"، والتي وثقتها منظمة العفو الدولية لسنوات. ‎

وكشفت مقاطع الفيديو عن "الاكتظاظ المزمن، والحبس الانفرادي في ظروف السجن القاسية واللاإنسانية"، وفقا للمنظمة.

وتظهر سبعة من مقاطع الفيديو الستة عشر حراس سجن يضربون السجناء أو يسيئون معاملتهم؛ بينما تظهر ثلاثة مقاطع أخرى غرف سجون مكتظة؛ وثلاثة غيرها حالات من الاعتداء على النزلاء من قبل نزلاء آخرين؛ ويظهر مقطعان حالتين لإيذاء النفس؛ ومقطع آخر زنزانة انفرادية تسودها ظروف قاسية وغير إنسانية، وفقا لـ" منظمة العفو الدولية".

وفي أحد مقاطع الفيديو المؤرخة في 31 مارس 2021، شوهد مسؤول في السجن يتعدى بالضرب على أحد السجناء، ويصفعه على وجهه في وجود مجموعة من السجناء، ما تسبب، على ما يبدو، في نزيف أنف الضحية. ‎

وفي مقطع آخر، بتاريخ 21 ديسمبر 2020، شوهد اثنان من مسؤولي السجن يدفعان بقوة سجيناً مكبل اليدين، ويضربانه ويركلانه على رأسه وظهره بحضور عدة مسؤولين آخرين، ثم يسحبانه على الأرض.

وأظهرت أربعة مقاطع حادثة وقعت في 26 أبريل 2021، حيث أغمي على سجين واهن بوضوح في فناء السجن، بعد خروجه من إحدى السيارات. وشوهد الحراس يتجاهلونه بتهور ثم يسحبونه، وهو شبه واعٍ، على الأرض، عبر السجن وصعوداً على الدرج، وشوهد العديد من الموظفين يتفرجون  أو يمرون قرب الرجل المصاب من دون اكتراث.، وفقا لمنظمة "العفو الدولية".

كما يُظهر مقطع، مؤرخ في 9 ديسمبر 2015، رجلاً يُطلب منه خلع ملابسه أمام أحد الحراس، ثم أُمر بجلوس القرفصاء على الأرض عارياً ووجهه إلى الحائط، بينما شوهد حارس جالس خلفه على كرسي يُفتش بهدوء في ملابسه الداخلية وسرواله بحثاً عن أشياء ممنوعة.

وتُظهر ثلاثة مقاطع، مؤرخة في 11 يونيو 2016 و15 يناير/ 2020 و4 فبراير 2021، غرف سجن مكتظة فيها أسرة من ثلاثة طوابق تتسع لما بين 15 و18 شخصاً متراصين فيها.

كما يُظهر مقطع آخر، غير مؤرخ، زنزانة حبس انفرادي صغيرة بلا سرير، فيها مرحاض قرفصاء في الزاوية.

كما اطلعت منظمة العفو الدولية على مقطعين يصوران حالة إيذاء النفس، بتاريخ 4 يناير 2020 و23 يوليو 2016، وثلاثة مقاطع تظهر حوادث الاعتداء على النزلاء من قبل نزلاء آخرين.

غيض من فيض

قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف، إن اللقطات المريبة تقدم لمحة نادرة عن القسوة التي يتعرض لها السجناء في إيران بانتظام، مضيفة "من المروع أن نرى ما يحدث داخل جدران سجن إيفين، ولكن للأسف، فإن الإساءة الموضحة في مقاطع الفيديو المسربة هذه ليست سوى غيض من فيض لوباء التعذيب في إيران ".

ووقتها أكد مسؤولون إيرانيون كبار صحة اللقطات، وفي اعتراف نادر بالمسؤولية، قال رئيس مصلحة السجون الإيرانية، محمد مهدي حاج محمدي، في تغريدة نشرها في  24 أغسطس 2021، إنه يتحمل المسؤولية عن "السلوكيات غير المقبولة" التي تظهر في اللقطات، ووعد بالعمل على مساءلة المسؤولين والحيلولة دون تكرارها.‎

وفي 24 أغسطس، أصدر رئيس السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين محسني إيجي، "تعليمات خطية" إلى كبير المدعين العامين في إيران يطلب فيها بـ"إجراء فحص سريع ودقيق لمعاملة السجناء من قبل مسؤولي السجن و/أو السجناء الآخرين في سجن إيفين".

وبينما ندد بعض المسؤولين بالانتهاكات، ووعدوا بإجراء تحقيقات، قال محمدي إنه يقدر جهود حراس السجون "المحترمين" في إيران، معتبرا أن الانتهاكات التي في سجن إيفين "استثنائية ومن تنفيذ بعض الأشخاص فقط".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".