أفخمي
أفخمي كانت آخر وزيرة لشؤون المرأة في إيران قبل ثورة الخميني | Source: mahnazafkhami.com

ترى مهناز أفخمي، الوزيرة الإيرانية السابقة لشؤون المرأة، أن الاحتجاجات المستمرة ضد النظام في إيران، تشكل مصدر فرح وخوف بالنسبة لها، حيث عبرت عن خشيتها من نتائج قمع النظام لمواطنيها.

وقالت قبل أن تفر من البلاد بعد استيلاء نظام الملالي على السلطة هناك إنها "المرة الأولى في تاريخ حركتنا النسوية على مستوى العالم التي تتسبب فيها النساء في إحداث ثورة.. لذا فهي نقطة فخر".

واختارت أفخمي المنفى بعد ثورة 1979، التي فرضت قبضة الجمهورية الإسلامية على البلاد.

وتابعت في حديث لإذاعة "سي بي سي" الكندية إنها تشعر بالخوف كذلك "لأن الكثير من النساء والرجال يتعرضون للقمع بوحشية، أخشى على سلامتهم".

وأضافت لدى نزولها ضيفة على برنامج "ذا كورنت" إن الأمل يغمرها بخصوص ما يجري في بلادها وإنها فخورة بـ "مواطناتي العزيزات في إيران وفي جميع أنحاء العالم".

واندلعت احتجاجات غير مسبوقة في إيران بعد مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق بسبب طريقة لبسها للحجاب.

وتعمل أفخمي الآن كناشطة في مجال حقوق المرأة في الولايات المتحدة، ونشرت هذا الشهر كتاب "الجانب الآخر من الصمت: مذكرات المنفى وإيران والحركة النسائية العالمية".

وقالت إن الاحتجاجات هي أكثر من مجرد رفض لقوانين إلزامية الحجاب "الأمر يتعلق بالقهر، بالاستبداد، إنه يتعلق بالضغط".

شيء مغاير

واجه النظام سابقا احتجاجات جماهيرية، كان آخرها في الحركة الخضراء لعام 2009، لكن أفخمي تعتقد أن هذه الاحتجاجات مختلفة.

قالت في الصدد: "الجميع يشارك في هذه الاحتجاجات، العمال، التجار، وحتى الأطفال وكبار السن".

وعلى الرغم من القمع العنيف من قبل قوات الأمن، دخلت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد أسبوعها الخامس. 

استحوذت الاضطرابات على الاهتمام العالمي على الرغم من انقطاع الوصول إلى الإنترنت داخل البلاد. 

وألقى مسؤولون إيرانيون باللوم في الاضطرابات على المعارضين الأجانب للنظام والأقلية الكردية.

إيران قبل الثورة

قالت أفخمي، المولودة عام 1941، إن إيران التي نشأت فيها ما زالت تحافظ على القيم التقليدية التي تحد من حرية المرأة، لكن ذلك تغير على مر السنين. 

كانت جدتها قادرة على بدء مشروع خياطة وتأمين استقلالها الاقتصادي؛ كانت والدتها فردوس نافيسي من أوائل النساء الإيرانيات اللواتي التحقن بجامعة طهران.

قالت: "في طفولتي كان هناك نوع من التهميش للنساء، ولكن في الوقت نفسه، كان من الممكن للمرأة أن تتعارض مع التقاليد العرفية وتفعل شيئًا غير عادي".

انخرطت أفخمي في النضال من أجل حقوق المرأة في أواخر الستينيات، وأصبحت الأمينة العامة لمنظمة المرأة الإيرانية غير الربحية في عام 1970. 

سافرت إلى جميع أنحاء البلاد، واستمعت لتجارب النساء وما يحتجن إليه لتأمين قدر أكبر من الاستقلال. 

ساعدها نشاطها على تعيينها كوزيرة لشؤون المرأة في عام 1975، أول منصب وزاري من نوعه في إيران. 

كانت فرنسا الدولة الأخرى الوحيدة في العالم التي لديها وزير مكرس لقضايا المرأة في العالم بأسره.

وقالت إن حداثة المنصب لها مزاياه ، لأنه "لم يكن لدى أي شخص آخر أي فكرة عن ماهية وزيرة شؤون المرأة، وما الذي يفترض أن تفعله" ، على حد قولها.

قالت عن تلك التجربة "لقد تمكنا من إنجاز الكثير من الأشياء".

حقوق المرأة بعد الثورة الإسلامية

قالت أفخمي إنه قبل عام 1979 (تاريخ الثورة الإسلامية التي شهدت استيلاء أنصار آية الله الخميني على السلطة) كانت المرأة في إيران تحصل على المزيد من الحقوق والحريات، مدفوعة بالعمل السياسي والتعليم، فضلاً عن الأمل والإيجابية.

وقالت "النساء في ذلك الوقت، قبل الثورة مباشرة، كان لديهن كل ما يلزم للعمل وفرص التطور.. كانت لديهم إجازة أمومة تصل إلى سبعة أشهر، ورعاية أطفالهن في أماكن العمل.. كان لدينا أفضل قوانين الأسرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

قالت كذلك إن حياة النساء في إيران الآن "لا يمكن مقارنتها" ، مع اختفاء هذه الحقوق مع إنشاء الجمهورية الإسلامية.

وهي تعتقد أن النظام في نهاية المطاف "يخاف النساء أكثر من أي شيء آخر".

وقالت "إنهم يفهمون وهم محقون تمامًا في أن الوحدة الأساسية للمجتمع هي الأسرة".

وقالت أيضا إن دور المرأة في الأسرة، بما في ذلك الحقوق التي تتمتع بها أو القيود المفروضة عليها، ينعكس "في التعليم، والأعمال التجارية، والحكومة، والاقتصاد، بل في كل شيء".

مهناز أفخمي الوزيرة الإيرانية السابقة لشؤون المرأة قبل 1979

وتابعت: "يدرك المتعصبون الدينيون، أكثر من أي شخص آخر، أنه إذا هززت هذا الهيكل، بنية العلاقات الإنسانية في الأسرة، فسوف ينتشر عبر المجتمع ويغير كل شيء".

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية
من تظاهرة احتجاجية في العاصمة العراقية بغداد حول تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية- تعبيرية

 في مكتبها وسط العاصمة العراقية بغداد، تجتمع المحامية مروة عبد الرضا مع موكلها الشاب العشريني وزوجته (ابنة خالته)، اللذين يسعيان لتوثيق زواجهما المنعقد خارج المحكمة لصغر سن الزوجة (13 عاما)، وهي طالبة في السادس الابتدائي بمنطقة المدائن على أطراف العاصمة بغداد.

تقول عبد الرضا لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن الحديث عن الزواج المبكر من دون أن يتم ربطه بشكل مباشر بالزواج خارج المحاكم لأنهما مرتبطان ببعضهما البعض".

بعد اكتشاف حمل الفتاة، قررت العائلة توكيل محام لتقديم طلب توثيق العقد. تضيف عبد الرضا "الإجراءات الحكومية بسيطة وغير معقدة في مثل هذه الحالات، فالقاضي يجد نفسه أمام الأمر الواقع بسبب حمل الفتاة، فيتم تصديق العقد وفرض غرامة أقصاها 250 ألف دينار على الزوج (نحو 150 دولاراً)".

الزيجة التي تشير إليها المحامية "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة" على حدّ تعبيرها، "بل هي حالة اجتماعية متوارثة لاعتقاد سائد أن الرجل يرتبط بفتاة صغيرة ليقوم بتربيتها على ما يحب ويكره، لكن النتيجة كثيرا ما تكون سلبية بحسب القضايا التي تشغل أروقة المحاكم ونراها بشكل يومي. فالفتاة التي تتزوج بعمر الطفولة غير قادرة على استيعاب العلاقة الزوجية، وفي كثير من الحالات يكون الأمر أشبه بالاغتصاب".

تتحدث عبد الرضا عن ارتفاع كبير بنسب الطلاق في المحاكم العراقية: "كثير منها يكون نتيجة الزواج المبكر وتدخّل الأهل بسبب صغر أعمار الطرفين وهو ما يؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية".

وتشير إلى أنه كثيرا ما يتم التزويج "لعدم وجود فتيات في منزل العائلة للرعاية والعمل المنزلي، فيكون مطلوب منها القيام بأعمال الكبار وهي بعمر الطفولة، وهذا أكبر من قدرة أي فتاة صغيرة".

ما تكشف عنه عبد الرضا تؤيده إحصاءات مجلس القضاء الأعلى، ففي شهر يوليو الماضي كان هناك 2760 عقد زواج خارج المحكمة، و1782 حالة طلاق خارج المحاكم و4562 حالة بتّ فيها، بعد رفع دعاوى قضائية.

وينقل المجلس الأعلى في أحد تقاريره عن القاضي عماد عبد الله قوله إن المحاكم العراقية "شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق. وأهم الأسباب ترجع إلى حالات الزواج المبكر التي تفتقر لمتابعة الأهل، وعدم توفر الاستقرار المالي الذي يسمح بإنشاء أسرة بالإضافة إلى التأثر بالسوشيال ميديا".

A woman holds up a sign reading in Arabic "the marriage of minors is a crime in the name of safeguarding (honour)", during a…
"خارج السرب".. رجال دين يعارضون تعديلات "الأحوال الشخصية"
مع أن طرح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يحظى بدعم كبير من غالبية رجال الدين الشيعة والسنة في العراق، إلا أن بعض رجال الدين من الطائفتين، غردّوا خارج السرب وسجّلوا مواقف معارضة للتعديلات على القانون.

تداعيات الزواج خارج المحاكم

تتحدث شابة فضّلت عدم الكشف عن اسمها لـ"ارفع صوتك" عن سنوات طويلة حُرمت فيها من أبسط حقوقها، فلم تتعلم القراءة والكتابة، ولم تنل رعاية صحية لائقة، فقط لأن زواج أمها المبكر وإنجابها لها وهي في عمر صغير، جعلها من دون أوراق ثبوتية.

"تزوجت والدتي بعقد خارج المحكمة بعمر صغير، وانفصلت بعد أشهر قليلة عن والدي لعدم انسجامهما معاً، لتكتشف حملها بي"، تروي الشابة.

وضعت الأم حملها وتزوجت مرة ثانية، ورزقت بالمزيد من الذرية. تبين: "لم يتم إصدار أوراق ثبوتية لي، فحُرمت من التعليم ومن الرعاية الصحية، وكنت أحياناً استعين ببطاقة شقيقتي الأصغر للحصول على العلاج في المستشفيات".

توفيت والدتها التي قابلناها لصالح تقرير سابق قبل ثلاث سنوات، وفي أوائل العام الحالي وهي بعمر 23 عاماً تزوجت الشابة بعقد خارج المحكمة، واليوم تسعى لاستخراج هوية الأحوال المدنية لتوثيق زواجها "لا أريد أن تتكرر مأساتي مع أطفالي أيضاً".

من جهته، يقول المحامي خالد الأسدي لـ"ارفع صوتك" إن قضايا الزواج والطلاق خارج المحكمة في أغلبها تكون "بسبب صغر عمر الزوجة أو للزواج الثاني، كون القضاء يطلب موافقة الزوجة الأولى، ونتيجة لذلك أصبح لدينا جيش صغير من الأطفال غير الموثقين رسمياً والمحرومين من أبسط الحقوق".

الزواج المبكر كما يشرح الأسدي "لا يقتصر على الإناث فقط بل يشمل الذكور أيضاً، فقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 اعتبر سن الثامنة عشرة هو سن الأهلية القانونية لإجراء عقد الزواج".

القانون ذاته وضع استثناءات، يفنّدها الأسدي "فقد منح القاضي صلاحيات تزويج من أكمل الخامسة عشرة من العمر وقدم طلباً بالزواج، وفق شروط تتعلق بالأهلية والقابلية البدنية التي تتحقق بتقارير طبية وموافقة ولي الأمر". 

ستابع الأسدي "هذا الاستثناء لا يشجع زواج القاصرين قدر تعلق الأمر بمعالجة حالة اجتماعية بطريقة قانونية تتيح فيه القرار للسلطة القضائية".

مع ذلك، فما كان مقبولاً في الفترة التي تم تشريع القانون بها، لم يعد مقبولاً في الوقت الحالي؛ كون المسالة تتعلق برؤية اجتماعية جديدة فيها جوانب اقتصادية وتغيرات اجتماعية كبيرة شهدها العراق خلال العقود الستة الأخيرة، بحسب الأسدي.

 

قصص

لم تكن أم علي تتجاوز 14 عاماً حين تم تزويجها إلى ابن عمها، كان ذلك أواخر تسعينيات القرن الماضي. واليوم تواجه "مشكلة"، إذ تم الاتفاق - دون رغبة الأم- على تزويج ابنتها البالغة من العُمر 14 سنة.

عدم رغبة الأم هي نتيجة مباشرة لما تعرضت له خلال رحلة زواجها الطويلة. تقول أم علي لـ"ارفع صوتك": "صحيح أنني أمتلك عائلة وأبناء وبنات أصبح بعضهم بعمر الزواج. لكن، لا أحد يتحدث عن مرارة الرحلة".

وتوضح "أنا وزوجي كنا بعمر متقارب ومن عائلتين فقيرتين. بعد زواجي بشهر واحد حملت بطفلي الأول.. كنا مجرد طفلين نعتمد على مصروف يوفره والده، أو أعمال متقطعة في مجال البناء، ولم يأت الاستقرار إلا بعد عشر سنوات حين تطوع في الجيش، وأصبح لديه راتب ثابت وبات قادراً على الإنفاق".

على الرغم من عدم رغبتها بخضوع ابنتها للتجربة ذاتها، تقول أم علي "التقاليد والأعراف لا تسمح لنا بذلك، لا أريد لابنتي أن تواجه المصير ذاته ولكن ليس بيدي حيلة وليس لنا رأي".

على عكس حكايتها، تقول أم نور  إن أحداً لم يجبرها على الزواج حين كانت بعمر السادسة عشرة، مردفة "كل فكرتي عن الزواج كانت ترتبط برغبتي بارتداء فستان أبيض، وأن الجميع سيرقصون من حولي، لكن سرعان ما اكتشفت أنّي لم أكن مؤهلة لتكوين عائلة".

في العراق كما تشرح أم نور وهي على أعتاب الستين " كثيراً ما يكون الزواج مبكراً، ودون أن تكون هناك فكرة حقيقية عن المسؤولية ومدى قدرتنا على تحملها، أو تربية أطفال والتعامل مع بيئة جديدة مختلفة عن التي تربينا فيها بعد الانتقال إلى منزل الزوجية".

أفكار نمطية                       

الموروث الثقافي كما يرى أستاذ الاجتماع رؤوف رحمان يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بالزواج المبكر للإناث والذكور بشكل عام في العراق.

يقول لـ"ارفع صوتك" إن البيئة العراقي التقليدية "تربّي الفتاة على أنها غير مؤهلة لإدارة شؤونها، فيكون مصيرها مرهوناً بقرار العائلة التي تفضّل تزويجها مبكرا لأنها مرغوبة اجتماعياً ومطلوبة للزواج ما دامت صغيرة في السن، وتقل حظوظها كلما تقدمت في العُمر".

في حالات كثيرة يذكرها رحمان "تسعى الفتيات للارتباط حين تفتقد الأسرة إلى الانسجام، أو للتخلص من العنف الأسري والفقر، خصوصاً ضمن العائلات الممتدة والريفية أو في أحيان أخرى للحصول على مهرها".

ويرى أن الزواج المبكر في العراق يرتبط أيضاً "بالعنف والصراعات والحروب المستمرة، فعدم الاستقرار الأمني يدفع العوائل لتزويج الفتيات بعمر مبكر للتخلص من مسؤوليتهن".

أما في ما يتعلق بالزواج المبكر للذكور، فيشير رحمان إلى وجود "فكرة خاطئة مفادها أن تزويج الذكر بعمر صغير يقيه من الانحراف أو الوقوع في المشاكل عندما يكون مسؤولاً عن زوجة وأطفال بعمر مبكر".

كل هذه التقاليد والأعراف النمطية المتوارثة تشكّل بحسب رحمن "مواطن الخلل في المجتمع، فنحن اليوم بحاجة إلى ثقافة مختلفة تماماً، في زمن تغيرت طبيعة الحياة فيه من ريفية بسيطة إلى مدنية معقدة، غزتها وسائل التواصل وغيرت الكثير من أساليب العيش وسط أزمة اقتصادية خانقة وزيادة مرعبة بأعداد السكان".

جزء من الحل كما ترى المحامية مروة عبد الرضا، يكمن في "تثقيف الشباب من الإناث والذكور عن الحياة الزوجية والمسؤولية المترتبة عن إنشاء أسرة عبر دروس ضمن مناهج وزارة التربية، ومحاضرات من الباحثين الاجتماعيين ضمن المحاكم العراقية قبل عقد القران، لتأهيل وتوعية المقدمين على الزواج".