عدد عمليات الإعدام يرتفع 30 بالمئة خلال العام 2023 (أرشيفية)
عدد عمليات الإعدام يرتفع 30 بالمئة خلال العام 2023

قالت منظمة العفو الدولية، الخميس، إن هناك حاجة ملحة إلى اتخاذ إجراءات دولية قوية لوقف "التصاعد المروّع" في عمليات الإعدام التي حولت السجون الإيرانية إلى "ساحات للقتل الجماعي" في عام 2023. 

وذكر التقرير الذي جاء بعنوان: "لا تتركوهم يقتلوننا": أزمة الإعدام التي لا هوادة فيها في إيران منذ انتفاضة 2022"، أن السلطات الإيرانية "كثفت من وتيرة استخدامها لعقوبة الإعدام لبث الخوف في صفوف الشعب وتشديد قبضتها على السلطة في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت في أعقاب مقتل مهسا أميني في 2022. 

ويدق التقرير الموجز ناقوس الخطر بشأن التأثير غير المتناسب لسياسات مكافحة المخدرات المميتة التي تنتهجها السلطات على المجتمعات الفقيرة والمهمشة. 

"موجة قتل"

وذكرت أمنستي، أن عدد عمليات الإعدام التي نفذت في 2023 بإيران يبلغ  853، وهو الأعلى المسجل منذ 2015 ويمثل زيادة بنسبة 48 بالمئة عن 2022، وبنسبة 172 بالمئة عن 2021. 

وتستمر "موجة القتل" في إيران في عام 2024، مع تسجيل ما لا يقل عن 95 عملية إعدام بحلول 20 مارس من العام الجاري، وفقا لمنظمة العدل الدولية التي أشارت إلى أن الأرقام التي سجلتها تمثل الحد الأدنى، وتعتقد أنَّ العدد الحقيقي هو أعلى من ذلك.

وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "إنَّ عقوبة الإعدام تُعد أمرًا بغيضًا في كافة الظروف، ولكن تطبيقها على نطاق واسع على خلفية جرائم تتعلق بالمخدرات بعد محاكمات فادحة الجور أمام المحاكم الثورية هو إساءة استخدام بشعة للسلطة". 

وأوضحت أن "سياسات الجمهورية الإسلامية المميتة لمكافحة المخدرات تُسهم في حلقة من الفقر والظلم الممنهج، وتزيد من ترسيخ التمييز ضد المجتمعات المهمشة، ولا سيما الأقلية البلوشية المضطهدة في إيران".

وبحسب المصدر ذاته، شهد العام الماضي أيضا موجة من عمليات الإعدام التي استهدفت متظاهرين ومستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي وغيرهم من المعارضين الفعليين أو المتصورين بسبب أعمال محمية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وتنطوي على تهم مثل "إهانة النبي" و"الردة"، فضلًا عن تهم غامضة بـ"محاربة الله" و/أو "الإفساد في الأرض".

وأضافت ديانا الطحاوي: "ومن بين الذين أعدموا محتجون ومعارضون وأفراد من الأقليات العرقية المقموعة، فقد استخدمت السلطات عقوبة الإعدام كسلاح في محاولة منظمة لزرع الخوف بين الجمهور وقمع المعارضة. بدون استجابة عالمية قوية، ستشعر السلطات الإيرانية بالجرأة على إعدام آلاف الأشخاص الإضافيين في السنوات المقبلة مع الإفلات التام من العقاب".

"تحول فتاك ومقلق"

ويُعزى الارتفاع الحاد في عدد عمليات الإعدام في 2023 إلى حد كبير إلى تحول "فتّاك ومقلق" في سياسة إيران لمكافحة المخدرات بعد صعود إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة وتعيين غلام حسين إجئي رئيسًا للسلطة القضائية.

وحللت منظمة العفو الدولية بيانات رسمية صادرة عن سلطات تنفيذية وقضائية عليا تنتقد علنا إصلاحات عام 2017 لقانون مكافحة المخدرات، والتي أدت إلى انخفاض كبير في عدد عمليات الإعدام المتصلة بالمخدرات بين عامي 2018 و2020، وتدعو إلى زيادة استخدام عقوبة الإعدام لمكافحة الاتجار بالمخدرات. 

وتُرجمت هذه المواقف الرسمية إلى "مسار تصاعدي مرعب" منذ 2021، مع تنفيذ 481 عملية إعدام متصلة بالمخدرات في 2023، تُشكل 56 بالمئة من إجمالي عدد عمليات الإعدام. ويمثل هذا زيادة بنسبة 89 بالمئة عن 2022 عندما تم إعدام 255 شخصًا لجرائم متصلة بالمخدرات وزيادة بنسبة 264 بالمئة عن 2021 عندما تم إعدام 132 شخصًا لنفس الجرائم.

وشكلت أفراد الأقلية البلوشية في إيران 29 بالمئة (138) ممن نفذت بحقهم عمليات الإعدام المتصلة بالمخدرات في 2023 في الوقت الذي يشكلون حوالي 5% فقط من سكان إيران، مما يكشف، بحسب التقرير، عن "التأثير التمييزي لاستراتيجية السلطات لمكافحة المخدرات على المجتمعات الأكثر تهميشا وفقرا".

وأوضح المصدر ذاته، أنه كثيرا ما تم إعدام الأفراد الذين أُعدموا بسبب جرائم متصلة بالمخدرات سرا بقسوة دون إخطار مسبق لأسرهم ومحاميهم.

وبدون اتخاذ إجراءات عاجلة من جانب المجتمع الدولي، سيستمر عدد عمليات الإعدام المتصلة بالمخدرات في الارتفاع، وسط الجهود المستمرة التي تبذلها السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية لسن قانون جديد فتاك لمكافحة المخدرات، من شأنه، في حال تم اعتماده، أن يوسع نطاق تُهم المخدرات التي تؤدي إلى عقوبة الإعدام. 

"أداة للقمع السياسي"

وطوال عام 2023، في أعقاب انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية" في الفترة بين سبتمبر وديسمبر 2022، كثّفت السلطات الإيرانية أيضا من وتيرة استخدامها لعقوبة الإعدام كأداة لقمع المعارضة.

ففي نفس السنة، أعدمت السلطات ستة رجال فيما يتعلق بانتفاضة 2022 ورجل واحد فيما يتعلق باحتجاجات نوفمبر 2019 التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد. وحُكم على ما لا يقل عن سبعة أشخاص آخرين بالإعدام، وهم معرضون لخطر الإعدام الوشيك، فيما يتصل بالاحتجاجين.

وقد أدى ارتفاع عدد عمليات الإعدام إلى إضراب بعض السجناء المحكوم عليهم بالإعدام عن الطعام وقيامهم بالمناشدة العلنية للتدخل لوقف إعدامهم، وفقا للمصدر ذاته.

وشهد العام الماضي أيضا "تصعيدا صادما" في استخدام عقوبة الإعدام ضد الأحداث الجانحين، حيث تم إعدام صبي يبلغ من العمر 17 عاما وأربعة شبان أدينوا بجرائم وقعت عندما كانوا دون سن 18 عامًا، بحسب أمنستي.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".