إيرانيون في أحد الشوارع وسط تطبيق مراقبة الحجاب الجديد في طهران
إيران شهدت في عام 2022 احتجاجات حاشدة اعترضت خلالها نساء على فرض الحجاب

بدأ النظام الإيراني يعتمد على الذكاء الاصطناعي أكثر لتعزيز حملته لفرض الحجاب على النساء ومعاقبة المخالِفات لذلك في الفضاء العام.

وينقل تقرير من شبكة "فوكس نيوز" أن استخدام طهران للذكاء الاصطناعي لقمع الإيرانيين له تأثير خاص على حريات المرأة الإيرانية.

ويقول بهنام بن طاليبلو، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، للشبكة إن النظام الإيراني "ينتقل إلى عالم الذكاء الاصطناعي للاستفادة أكثر من التكنولوجيا التي تربط بين العناصر المتباينة للتعرف على الوجه، وتحليل الهواتف المحمولة، وتحديد الموقع الجغرافي لحركة المرور ومراقبة الإنترنت".

ويرى الباحث أن ذلك يعزز "حملته الإلكترونية على المتظاهرين في الشوارع أو النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب بشكل صحيح".

ستكون أدوات الذكاء الاصطناعي المحسنة جانبا رئيسيا من مشروع قانون الحجاب والعفة القادم، الذي وافق عليه البرلمان الإيراني في سبتمبر 2023 وينتظر المصادقة عليه من مجلس صيانة النظام.

وقال طاليبلو إن الذكاء الاصطناعي أصبح ركيزة في القمع الرقمي في إيران من خلال أدوات مثل الدوائر التلفزيونية المغلقة في المتاجر لرصد السلوك الإجرامي المزعوم الذي يضعه النظام لدى أدوات الفرز بالذكاء الاصطناعي.

وتنص المادة 30 من مشروع قانون الحجاب والعفة على أن الشرطة "ستنشئ وتعزز أنظمة ذكية لتحديد مرتكبي السلوك غير القانوني باستخدام أدوات مثل الكاميرات الثابتة والمتنقلة".

وتجبر المادة 60 الشركات الخاصة على تسليم لقطات الفيديو إلى موظفي إنفاذ القانون للتحقق من الامتثال. والشركات التي لا تمتثل قد تخسر "أرباحا من شهرين إلى ستة أشهر".

وتواجه النساء اللواتي لا يغطين شعرهن بشكل صحيح عواقب تتراوح بين الغرامات و "الإقصاء الاجتماعي والنفي وإغلاق صفحات وسائل التواصل الاجتماعي ومصادرة جوازات السفر لمدة تصل إلى عامين" وربما السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.

وأوضح طالبلو أن مشروع قانون الحجاب والعفة يسمح للسلطات باستخدام الذكاء الاصطناعي للاستفادة من "الحرب القانونية والاقتصادية ضد المرأة" من خلال ملاحقة منازل النساء غير الممتثلات وسياراتهن وحساباتهن المصرفية وسبل عيشهن.

ويقول خبراء الأمم المتحدة إن مشروع القانون يسمح لإيران بالحكم "من خلال التمييز المنهجي بقصد قمع النساء والفتيات وإجبارهن على الخضوع التام"، وهو ما يرقى إلى الاضطهاد بين الجنسين، أو الفصل العنصري بين الجنسين.

وقبل وقت طويل من إقرار مشروع القانون، بدأ النظام بالاستعداد لزيادة استخدام الذكاء الاصطناعي، وتركيب كاميرات جديدة في جميع أنحاء إيران في وقت مبكر من أبريل 2023.

وفصل تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية الضغوط المتزايدة على النساء الإيرانيات بين 15 أبريل 2023 و14 يونيو 2023. وخلال هذه الفترة، ادعى متحدث باسم الشرطة الإيرانية أن الشرطة أرسلت "ما يقرب من مليون رسالة تحذير نصية قصيرة إلى النساء اللواتي تم القبض عليهن بدون حجاب في سياراتهن" و 133،174 رسالة حول حجز السيارات. وتمت مصادرة حوالي 2000 سيارة، وأحيلت أكثر من 4000 من "المخالفات المتكررة" إلى القضاء الإيراني.

وتشير الشهادات إلى أن أوامر المصادرة كانت "تستند إلى صور التقطتها كاميرات المراقبة أو تقارير من عملاء يرتدون ملابس مدنية يقومون بدوريات في الشوارع ويستخدمون تطبيقا للشرطة ... للإبلاغ عن لوحات الترخيص". كما ذكرت منظمة العفو الدولية أن بعض النساء حكم عليهن بالسجن أو الجلد، وواجهن غرامات أو أرسلن إلى دروس "الأخلاق".

واقترح طاليبلو طرقا إضافية للسيطرة على التكنولوجيا التي يمكن أن "تعزز جهاز إيران القمعي الرقمي أو السيبراني". ويوصي الولايات المتحدة بالعمل مع الشركات الأوروبية لزيادة ضوابط التصدير وتتبع الشركات الصينية الجديدة التابعة للتكنولوجيا العاملة في إيران عن كثب. من خلال فضح الشركات الجديدة ومعاقبتها باستمرار.

وشهدت إيران في عام 2022 احتجاجات حاشدة اعترضت خلالها نساء على فرض الحجاب، لكن قادة البلاد أصروا على المضي قدما في سياسة معتمدة منذ الثورة الإسلامية عام 1979. 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية
الحرب أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية في قطاع غزة بما في ذلك المراكز التعليمية

مع بدء السنة الدراسية الجديدة في معظم أنحاء الشرق الأوسط، يجد تلاميذ قطاع غزة أنفسهم للعام الثاني على التوالي دون مدارس ينهلون منها العلم والمعرفة، مما حدا برهط من المسؤولين والأهالي إلى إيجاد بعض الحلول الفردية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وكان من المفترض أن يبدأ العام الدراسي الجديد رسميا هذا الأسبوع، في القطاع الذي يشهد حربا شرسة منذ أكثر من أحد 11 شهرا بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، المصنفة "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأدى القصف إلى تدمير جزء كبير من البنية الأساسية الحيوية في القطاع الفلسطيني، بما في ذلك المراكز التعليمية، التي كانت تستوعب نحو مليون تلميذ تحت سن 18 عاماً، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي ظل صعوبة تأمين مساحة آمنة لتدريس الأطفال، قررت وفاء علي، التي كانت تدير مدرسة بمدينة غزة قبل الحرب، فتح فصلين دراسيين في منزلها شمالي القطاع، حيث يتجمع العشرات من الأطفال لتعلم العربية والإنكليزية بالإضافة إلى مادة الرياضيات.

وقالت علي: "أرادت الأسر أن يتعلم أطفالها القراءة والكتابة بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، خاصة أن الحرب لن تنتهي قريبا".

ولا يستطيع المعلمون الوصول إلا إلى نسبة صغيرة من الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب، التي بدأت بعد أن هاجمت حركة حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردًا على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكري أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.

"نبذل قصارى جهدنا"

من جانبها، أوضحت آلاء جنينة، التي تعيش حاليا في خيمة بوسط قطاع غزة، أن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات وابنتها ذات السبع سنوات، يتلقيان دروسًا في خيمة قريبة.

وقالت المراة البالغة من العمر 33 عاما، إنها زارت مؤخرا "مدرسة الخيام"، مضيفة: "لقد أحزنني ذلك. ليس لديهم ملابس أو حقائب أو أحذية. لكننا نبذل قصارى جهدنا".

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدير عشرات المدارس بالقطاع، إن أكثر من ثلثي مدارسها دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب.

ووفقا للوكالة، فقد قُتل "مئات" الفلسطينيين الذين نزحوا إلى مرافق الأونروا، ومعظمها مدارس، بينما تؤكد إسرائيل
أن ضرباتها على المدارس وملاجئ الأونروا "تستهدف المسلحين الذين يستخدمون تلك المرافق"، وهو أمر تنفيه حركة حماس.

ورفضت هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع جماعات الإغاثة، التعليق، كما لم يستجب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي لطلب التعليق من الصحيفة الأميركية.

"بقع لليأس والجوع"

وقالت "الأونروا" إنها أطلقت برنامج العودة إلى التعلم، الذي سيجلب حوالي 28 ألف طفل إلى عشرات المدارس، لافتة إلى أن ذلك البرنامج سيركز على "الدعم النفسي والفنون والرياضة ومخاطر الذخائر المتفجرة، ثم سيتعمق أكثر في مواد القراءة والكتابة والرياضيات".

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي: "الكثير من المدارس لم تعد مكانًا للتعلم. لقد أصبحت بقعا لليأس والجوع والمرض والموت".

وتابع: "كلما طالت فترة بقاء الأطفال خارج المدرسة.. كلما زاد خطر تحولهم إلى جيل ضائع. وهذه وصفة للاستياء والتطرف في المستقبل".

من جانبه، أوضح الباحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني بقطر، معين رباني، أن قطاع غزة "كان لديه معدلات تعليم عالية نسبيًا، على الرغم من نسب الفقر الكبيرة التي تسوده".

وأضاف رباني أن الفلسطينيين "سعوا منذ فترة طويلة إلى التعليم للتقدم وسط ظروف اقتصادية صعبة، حيث وقد وفرت لهم الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية مختلفة فرصًا تعليمية جيدة".

ولفت في حديثه للصحيفة الأميركية، إلى أن العديد من الفلسطينيين في غزة "اعتادوا على فقدان أراضيهم ومنازلهم وممتلكاتهم، وبالتالي اهتموا بالتعليم، لأنه أمر يمكنك أن تأخذه معك أينما ذهبت".

وهناك ثمن نفسي للابتعاد عن المدرسة على الأطفال أيضًا، إذ قالت ليزلي أركامبولت، المديرة الإدارية للسياسة الإنسانية في منظمة إنقاذ الطفولة الأميركية، إن قضاء عام بعيدًا عن المدرسة والأصدقاء والملاعب والمنازل خلال صراع مسلح عنيف، "يمثل إزالة للركائز الأساسية للاستقرار والسلامة للأطفال".

وشددت على أن "عدم اليقين والتوتر وفقدان المجتمع، يمكن أن يؤدي إلى تحفيز أنظمة الاستجابة الطبيعية للتوتر في الجسم، والتي يمكن أن تكون ضارة بمرور الوقت".

واستطردت حديثها بالتأكيد على أن "تكرار هذه الأعراض أو استمرارها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى مجموعة من النتائج السلبية على الصحة العقلية، التي لا يتعافى منها الأطفال بسهولة".

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد كشفت في وقت سابق هذا الشهر، أن الأطفال في قطاع غزة "هم الفئة الأكثر تضررًا" مما يحدث هناك، وهم بحاجة ماسة لدعم نفسي وتعليمي بشكل عاجل.

وقال الناطق باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن الوضع الحالي في غزة "يتطلب استجابة عاجلة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من فقدان التعليم والأضرار النفسية الجسيمة التي يتعرضون لها".

وشدد على أن "جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى دعم نفسي، حيث فقد ما لا يقل عن 625 ألف طفل عامًا دراسيًا منذ بدء الحرب.. وبعض الأطفال تعرضوا لبتر أطرافهم وهم بحاجة إلى الخروج من القطاع لتلقي العلاج، فيما يعاني العديد من الأطفال من الخوف والقلق بسبب الحرب".