جانب من مدينة الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
جانب من مدينة الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

مشاركة من صديق (إرفع صوتك) محمد سالم:

استبشر سكان الموصل المحاصرون من قبل تنظيم داعش خيرا بانطلاق عملية تحرير مدينتهم التي أطلق عليها رئيس الوزراء حيدر العبادي اسم "قادمون يا نينوى".

فقد كان أهالي الموصل يعدون العدة منذ شهور مضت لهذا الحدث المهم من خلال تخزين المؤن والمستلزمات الضرورية خصوصا الطبية منها.

ومع انطلاق العمليات فجر الإثنين، 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016، بدأ أهالي الموصل باتباع إجراءات السلامة التي لم تكن غريبة عليهم خصوصاً وأنهم عاشوا أجواء شبيهة إبان الحرب مع إيران (1980-1988) وعاصفة الصحراء (1991). إلا أن هذه الاستعدادات اختلفت بعض الشيء كون العديد من شباب ورجال الموصل يبحثون عن دور فيها للمشاركة في اقتلاع التنظيم من أرض المدينة.

وكل ما قام به داعش خلال عامين ونصف من قتل وتهجير ودمار، ترك بصمة في كل دار موصلي.

وبعد أن فشل داعش في كسب ثقة أهالي المدينة، وعجز عن إقناعهم بأن قوات التحرير ستنكّل بهم زاد التنظيم من بطشه بحقهم في الآونة الاخيرة. لكن ذلك البطش لم  يقلل من رغبة الأهالي في الخلاص من داعش.

ومع ارتفاع وتيرة التصريحات ودعوات السياسيين والقيادات العسكرية للأهالي بمساعدة قوات التحرير ومساندتها، يستعد أهالي الموصل لفعل جديد ينسجم مع التحديات الكبيرة التي بدأوا في التعامل معها، فمنذ صباح يوم 16 تشرين الأول، استفاق سكان الموصل على دوي انفجارات في محيط المدينة ايذانا ببدء معارك التحرير. وما هي إلا ساعات قلائل حتى عمت الفرحة قلوب الجميع وأصبح الموضوع حديث الساعة بين الناس.

لن نترك مدينتنا

بدأ رجال الموصل وشبابها بالاستعداد للانتفاضة ومساندة قوات التحرير، فالبعض يمتلك سلاحا مخفيا وينوي إشهاره مع دخول القوات إلى الموصل. وآخرون يجهزون لحرق عجلات التنظيم ومقراته ومصالحه. بينما جهز آخرون قوائم وأسماء ومعلومات عن عناصر داعش ومناصريه والموالين له لإبلاغ قوات التحرير بها.

أما بالنسبة لذوي الشهداء الذين أراق داعش وعناصره دماءهم، فهم على أهبة الاستعداد للثأر. ومثلهم منتسبو الاجهزة الأمنية السابقون الذين ينتظرون الفرصة للانقضاض على عناصر داعش في مناطقهم.

بينما ينتظر أهالي منتسبي القوات الأمنية دخول أولادهم إلى المدينة وعودتهم إليهم، حالهم كحال ذوي النازحين والمهجرين الذين طال انتظارهم.

وبحسب مصادر من داخل المدينة فإن الأهالي لا ينوون النزوح مطلقا إلا في حال شهدت مناطقهم قصفا عشوائيا. وهذا ما لا يريده الجميع.

بشائر الخير باتت تلوح في الأفق مع تسارع وتيرة العمليات. فكلما اقتربت القوات من مركز المدينة زاد حجم البسمة المرسومة على وجوه السكان خصوصا وأنهم يرون انكسارات داعش المتتالية وتدني معنويات عناصره وقلتهم.

إن ما يتمناه الأهالي الآن هو ما ينوي عليه غالبية عناصر داعش وهو الانسحاب والهروب.

فقد أكدت المصادر أن العديد من قيادات وعناصر التنظيم انتقلوا ونقلوا عوائلهم إلى قضائي تلعفر والبعاج غربا والقريبين من الحدود السورية استعدادا للهروب إلى هناك.

الأمر الذي زاد من معنويات الأهالي ودفعهم للوثوق أكثر بقدرة القوات الأمنية على تحريرهم وعجز داعش عن الصمود والمقاومة.

*الصورة: جانب من مدينة الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.