متابعة حسن عبّاس:

في إشارة إلى إحساس تنظيم داعش بتضييق معركة تحرير الموصل الخناق عليه، حاول زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الرفع من معنويات مناصريه، من خلال تسجيل صوتي هو الأول له منذ أكثر من عام.

ففي تسجيل صوتي مدّته 32 دقيقة بعنوان "هذا ما وعدنا الله ورسوله" بثته مواقع تابعة للتنظيم فجر الخميس، 3 تشرين الثاني/نوفمبر، دعا البغدادي عناصر تنظيمه إلى مواصلة القتال.

ويأتي ذلك مع وصول القوات العراقية إلى مشارف الموصل، في العملية التي بدأتها مدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، في 17 تشرين الأول/أكتوبر، لاستعادة السيطرة على المدينة.

رفع معنويات

وعبّر البغدادي عن ثقته في النصر على الرغم من المواجهة بين تحالف واسع النطاق يضم القوات العراقية وقوات دولية من جهة وبضعة ألوف من مقاتلي داعش في الموصل.

ودعا أهل الموصل إلى قتال مَن وصفهم بأنهم "أعداء الله" قائلاً "يا أهل نينوى عامة والمجاهدون خاصة... إياكم والضعف عن جهاد عدوّكم ودفعه فإن هذا ينقض عرى الإسلام ويطفئ نور الحق... يا معشر المهاجرين والأنصار امضوا على بصيرتكم واستمرّوا على عزيمتكم".

اقرأ أيضاً:

قوات سوريا الديمقراطية: سنقود عملية تحرير الرقة

لاجئون عراقيون بالمغرب.. شتات يصعب جمعه

وخاطب مَن قد يفكرون في الفرار قائلاً "واعلموا أن ثمن بقاءكم في أرضكم بعزكم أهون بألف مرّة من ثمن انسحابكم عنها بِذُلّكم".

ولم يتضح بدقة مكان تواجد البغدادي. وأفادت تقارير بأنه ربما يكون في الموصل أو في منطقة يسيطر عليها التنظيم إلى الغرب من المدينة بالقرب من الحدود العراقية مع سورية.

تحريض طائفي

ووجّه البغدادي رسالة إلى أهل السنّة في العراق والجوار قائلاً "يا أهل السنّة في العراق، أفي كل مرة لا تعقلون؟"، معتبراً أن الشيعة الذين سمّاهم "الرافضة" يعذّبون السنّة ويفرغون المدن العراقية من أهل السنّة.

وأضاف "أنظروا إلى راياتهم وهم يقاتلونكم، اسمعوا شعاراتهم وهم يحيطون ببلدكم، واسمعوا نداءاتهم وهم يصرخون بالدعوة إلى غزو أراضي السنّة كلها، من عراقكم إلى شامكم، إلى نجدكم، بل إلى يمنكم".

دعوة لمهاجمة السعودية وتركيا

ودعا البغدادي إلى مهاجمة تركيا والسعودية معتبراً أنهما انحازتا إلى العدو في حرب قال إنها تستهدف الإسلام السنّي.

وتابع "يا أهل السنّة، لقد مارس زعماؤكم في المنطقة أحط وأحقر صور الخيانة التي عرفها التاريخ".

وطلب البغدادي من مقاتلي داعش أن يُطلقوا "نار غضبهم" على القوات التركية التي تقاتلهم في سورية ونقل المعركة إلى تركيا.

وقال "أيها الموحدون... لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع جهادكم فاستعينوا بالله واغزوها واجعلوا أمنها فزعاً ورخاءها هلعاً ثم أدرجوها في مناطق صراعكم الملتهبة"، معتبراً أن أنقرة تسعى إلى "تحقيق مصالحها وأطماعها في شمال العراق وأطراف الشام".

وترغب تركيا في إشراكها بالهجوم ضد مدينة الموصل، ويتمركز مئات من الجنود الأتراك في قاعدة بعشيقة في منطقة الموصل رغم معارضة بغداد التي تعتبرهم "قوة احتلال".

ودعا البغدادي أتباعه إلى شن هجمات في السعودية واستهداف قوات الأمن ومسؤولي الحكومة وأعضاء العائلة الحاكمة ووسائل الإعلام لمشاركتهم "أمم الكفر لحرب الإسلام والسنّة في العراق والشام" وقال "أعيدوا عليهم الكرة تلو الكرة."

ويتراجع نفوذ داعش بشكل مطرد منذ العام الماضي، مع وصول القوات العراقية الأسبوع الحالي إلى مشارف آخر أهم معاقل الجهاديين في العراق.

الصورة: القوات العراقية تقترب من القرى المحيطة بمدينة الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.