جندي عراقي يوجه طائرة بدون طيار/وكالة الصحافة الفرنسية
جندي عراقي يوجه طائرة بدون طيار/وكالة الصحافة الفرنسية

متابعة علي قيس:

دفع زخم العمليات العسكرية في مدينة الموصل، شمال العراق، تنظيم داعش إلى ابتكار أسلوب جديد لإعاقة تقدم القوات الأمنية، تمثل بتسليح طائرات من دون طيار يمكن شراؤها بألف دولار، يستخدمها عناصر التنظيم عادة للتجسس.

وفي قرية العربيد على بعد 10 كيلومترات جنوب مدينة الموصل، احتمى عناصر من القوات الأمنية داخل مبنى، حيث حلقت طائرة استطلاع تابعة لتنظيم داعش فوقه، ثم ألقت قنبلة يدوية.

"لم يصب أحد بجروح"، وفق ما أفاد ضابط عراقي برتبة مقدم في الشرطة الاتحادية لوكالة الصحافة الفرنسية، إلا أن تلك الحادثة تمثل تصعيدا آخر في حرب طائرات التجسس التجارية المستخدمة بصورة كثيفة في المعركة ضد التنظيم.

يقول المقدم حسين مؤيد "لقد سجلنا ثلاثة حوادث"، موضحا أن "عناصر التنظيم يستخدمون على الأرجح تقنية يستعملها الصيادون لإلقاء الخطاف لمسافة بعيدة في البحر، من أجل إسقاط حمولة الطائرة عن بعد. فهم يضعون القنبلة داخل كيس ويربطونها بالخطاف بحيث يسحب منها دبوس الأمان بمجرد إسقاطها لتنفجر".

يتابع مؤيد شاشة داخل شاحنة مدرعة تم تحويلها إلى مركز لمراقبة الطائرات من دون طيار. يقول وهو يوجه إحدى تلك الطائرات على مواقع خاضعة لسيطرة داعش على بعد نحو خمسة كيلومترات "أنا أدخل الآن منطقة الخطر، هنا يتواجد داعش".

 مبارزة جوية

وأجرى المقدم حسين مؤيد الحاصل على ماجستير في المعلوماتية، تعديلات على طائرات تم شراؤها من دبي وتركيا لتوسيع مداها وإطالة أمد بطاريتها وجعلها قادرة على التصوير الليلي.

وحين يرصد تحركا معاديا ينسق مع المدفعية والقوات الجوية العراقية، وأحيانا مع التحالف الدولي لقصف تلك المواقع.

ويؤكد مؤيد أن "الطائرات التي تمتلكها القوات العراقية تتفوق على تلك التي يمتلكها التنظيم، لكنه ورغم التفوق قد يتمكنون من الحصول على طائرات مسيرة أكبر، وفي حال تمكنوا من تحميلها بأسلحة كيميائية، فسيكون الأمر مخيفا أكثر، بالطبع".

وفي شرق الموصل، تستخدم قوات مكافحة الإرهاب طائرات مسيرة للغرض نفسه.

يقول قائد "فوج الموصل" في قوات مكافحة الإرهاب، المقدم منتظر سالم، لوكالة الصحافة الفرنسية "مؤخرا كانت هناك ثلاث سيارات مفخخة آتية من حي البكر باتجاهنا، حددنا موقعها من خلال طائراتنا الاستطلاعية واستهدفناها بدباباتنا".

*الصورة: جندي عراقي يوجه طائرة بدون طيار/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.