متابعة حسن عبّاس:
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته الأحد، 13 تشرين الثاني/نوفمبر، إن قوات الأمن في حكومة إقليم كردستان العراق دمّرت بطريقة غير مشروعة أعداداً كبيرة من منازل العرب، وفي بعض الأحيان قرى بأكملها، في مناطق تمّت استعادتها من داعش.
وتناول التقرير المؤلَّف من 78 صفحة بعنوان "الاستهداف بالعلامة "X": تدمير القوات الكردية العراقية لقرى وبيوت أثناء النزاع مع داعش" تدمير المنازل بين أيلول/سبتمبر 2014 وأيار/مايو 2016 في المناطق المتنازع عليها في محافظتي كركوك ونينوى الواقعتين رسمياً ضمن سلطة الحكومة العراقية، ولكن تتحكم فيهما حكومة إقليم كردستان عملياً.
وقال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط "دمّرت قوات الأمن الكردية منازل العرب، قرية تلو الأخرى في كركوك ونينوى، ولكن حافظت على منازل الأكراد، بدون أي هدف عسكري مشروع.
واستند تقرير المنظمة إلى زيارات ميدانية لباحثيها، وإلى أكثر من 120 مقابلة مع شهود عيان ومسؤولين، وتحليل شامل لصور الأقمار الصناعية. وعاينت المنظمة منازل مهدّمة في 17 قرية في محافظة كركوك و4 قرى في محافظة نينوى.
بين نينوى وكركوك
في محافظة نينوى، زارت هيومن رايتس ووتش قرية بردية المختلطة، وبلدة حمد آغا العربية-الكردية، وقرية شيخان العربية المجاورة. في كل مكان، قال السكان الأكراد إن عناصر البيشمركة دمروا منازل العرب دون منازل الأكراد.
في محافظة كركوك، قال عدد من سكان المُرّة للمنظمة إنهم شهدوا تدمير البيشمركة للقرية وتفجير المدرسة المحلية، بعد استعادة السيطرة عليها في معركة قصيرة مع داعش في تموز/يوليو 2015.
وفي جولة هدم وتهجير حديثة وثّقتها المنظمة، طردت السلطات الكردية أكثر من 325 شخصاً من السكان والنازحين العرب في محافظة كركوك وهدمت 100 منزل على الأقل في أعقاب هجوم داعش على كركوك في 21 تشرين الأول/أكتوبر 2016.
وقال ستورك إن "نمط هدم حكومة إقليم كردستان غير القانوني للمنازل والقرى العربية مقلق للغاية بحد ذاته، بل هو وصفة جاهزة لاستمرار الصراع حتى لو طردت حكومة إقليم كردستان والقوات المتحالفة معها داعش من الموصل والأراضي الأخرى التي يسيطر عليها في العراق".
قال عمال إغاثة لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات كردية تشمل البيشمركة والأسايش وشرطة كركوك حاصرت قرية قرّه تبه العربية في محافظة كركوك، على بعد 14 كلم غرب مدينة كركوك، في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2016، ورحّلت قسرا بين 3000 و4000 من السكان.
كما جمعت قوات الأمن السكان في المسجد الرئيسي وأمرتهم عبر مكبّرات الصوت بمغادرة منازلهم. وبعد ساعتين، جالت على منازلهم وأمهلتهم ثلاث ساعات لجمع أغراضهم، ثم نقلتهم إلى مخيم داقوق للنازحين، على بعد حوالي 30 كلم جنوب كركوك.
تبريرات حكومة إقليم كردستان
ويقول مسؤولو حكومة إقليم كردستان إنهم دمّروا هذه المنازل لأن السكان من مناصري داعش. ولكن برأي هيومن رايتس ووتش فإن هدم المنازل يبدو انتهاكاً لقوانين الحرب التي تحظر تدمير الممتلكات المدنية إلا للضرورة العسكرية القصوى.
كما قال مسؤولون في حكومة إقليم كردستان والبيشمركة لهيومن رايتس ووتش إن تدمير بعض الممتلكات ناجم عن قصف التحالف الدولي ضد الإرهاب لداعش ونيران مدفعية البيشمركة.
ولكن هيومن رايتس ووتش تقول إنه في الغالبية العظمى من الحالات، تُظهِر صور الأقمار الصناعية ضرراً سببه استخدام الجرافات والحريق ومواد شديدة الانفجار (طرق غير آمنة لإزالة الألغام والأجهزة المتفجرة) بعد انتهاء القتال وبسط قوات حكومة إقليم كردستان سيطرتها.
كذلك، قال مسؤولو حكومة إقليم كردستان والبيشمركة إن قواتهم دمّرت المنازل في الكثير من الأحيان لأن داعش قد زرع فيها ألغاماً وأجهزة متفجرة. لكن خبراء إزالة الألغام قالوا إن ذلك يتعارض مع الممارسات المعتمدة وإن الانفجارات غير المضبوطة تهدد بنشر المتفجرات بين الركام ما يجعل المنطقة، وتنظيفها لاحقاً، غير آمنين البتة.
وفي الكثير من الحالات، دُمِّرَت المنازل والقرى بعد أسابيع وأشهر من استعادة البيشمركة السيطرة عليها. يعني ذلك، بحسب المنظمة، أن التخلص من العبوات الناسفة التي خلّفها داعش لم يكن من أولويات حكومة إقليم كردستان العسكرية، ولا يندرج ضمن الضرورة القصوى كمبرر يسمح به القانون الدولي الإنساني لشن هجمات على أهداف مدنية.
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنه في حالات أخرى، هدمت قوات البيشمركة المباني في قرى لم يسيطر عليها داعش أبداً. وفي بعض هذه الحالات، قال مسؤولو حكومة إقليم كردستان إن قواتهم دمّرت المنازل لأن أحد السكان أو أكثر كانوا من مناصري داعش.
وفي اجتماع عُقِد في يوليو/تموز 2016، قال رئيس حكومة إقليم كردستان مسعود بارزاني لهيومن رايتس ووتش إن حكومة إقليم كردستان لن تسمح للعرب السنّة بالعودة إلى قراهم التي "عُرِّبَت" في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وقال إن هذه المناطق، في رأيه، من حق الأكراد.
الصورة: منزل مُهدّم باستخدام جرافة في قره تبه، في أيار/مايو 2016/ نقلاً عن موقع هيومن رايتس ووتش
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659