جنود من القوات العراقية الخاصة في احدى مناطق الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
جنود من القوات العراقية الخاصة في احدى مناطق الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

تسارع شباب منطقة حي التحرير شمال شرق الموصل بعد سماعهم اقتراب أصوات آليات جهاز مكافحة الإرهاب نحو عناصر القوات المحررة، للإبلاغ عن منازل عناصر تنظيم داعش.

تدافع الناس في هذا الحي نحو القوات الأمنية العراقية، حسب شهادة أبو شهاب الطائي في حديثه لموقع (إرفع صوتك).

"هذا منزل أمير في داعش"، يصيح أبو محمد العفري وهو ينظر إلى عناصر القوات الأمنية المترجلة بمحيط دبابة أميركية من نوع أبرامز. تسارع العناصر نحو مداهمة المنزل، لكن "الأمير" قد غادر وعائلته المنزل مبكرا. فيما تستمر القوات الأمنية بتفتيش المنازل.

في الزقاق ذاته، يقترب أهالي المنطقة من القوات بفرحة عبروا عنها بالترحيب والزغاريد.

أبو محمد العفري كان يعمل حلاقا قبل سيطرة داعش على المنطقة، يسرع نحو منزله ويخرج ماكنة الحلاقة، ويتسارع الشباب نحوه لحلق لحاهم التي أجبروا عليها.

يحاول أبو شهاب الطائي الحصول على دوره في الحلاقة لكنه يفشل بسبب نفاد شحن ماكنة الحلاقة.

تحدث أبو شهاب الطائفي لموقع (إرفع صوتك) بنبرة طغت عليها السعادة "الحمد لله والشكر فضّت وربي يتممها على خير، كأنه عرس وعيد، الواحد يهنئ الآخر، والضحك والرقص بالشارع، باختصار حالة لا توصف".

لكن الفرحة يشوبها بعض التخوف بحسب الطائي الذي قال "ما زلنا خائفين نوعا ما، لأن حي القاهرة الذي يقع جنبنا لم يحرر بعد، وما زال عناصر التنظيم منتشرين فيها".

ويتابع أبو شهاب وهو في العقد الخامس من عمره "كانوا (عناصر داعش) يخيفون الناس بأن القوات القادمة هم مرتدون وصفويون سيصلبونكم ويغتصبون نساءكم وغيرها من التهديدات، ولذا كانت الناس متخوفة، لكننا والحمد لله رأينا العكس"، مؤكدا "كان تعامل القوات الأمنية جيدا جدا ولم نتوقعه، وإن شاء الله راح داعش بلا رجعة، والفرحة الكبيرة عندما تعود الحياة الطبيعية للموصل، وأهلها المهجرون والمغتربون يرجعون لبيوتهم".

وكانت القوات الأمنية قد تمكنت الأربعاء، 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، من السيطرة على منطقة حي التحرير بعد حصار استمر نحو أربعة أيام.

ميدانيا

في هذه الأثناء، تواصل القوات العراقية تقدمها للضغط على تنظيم داعش الخميس، 17 تشرين الثاني/نوفمبر، بعدما دخلت إلى مطار قضاء تلعفر الواقع غرب المدينة سعيا إلى قطع خطوط إمداد التنظيم من سورية.

وأعلنت فصائل الحشد الشعبي أنها دخلت إلى مطار تلعفر وتخوض مواجهات مع مقاتلي التنظيم وتجري عمليات بحث عن مفخخات زرعها عناصره داخل المطار الذي يقع على بعد ستة كيلومترات جنوبي القضاء.

وتأتي هذه العملية في إطار سعي هذه الفصائل لاستعادة السيطرة على بلدة تلعفر الواقعة على بعد 50 كيلومترا غرب الموصل بهدف عزل التنظيم داخل آخر أكبر معاقله في العراق.

وتواصل قوات مكافحة الإرهاب التقدم أيضا من الجهة الشمالية الشرقية للموصل ودخلت أحياء عدة، فيما يتحرك الجيش باتجاه المحور الجنوبي الشرقي، بينما تواجه القوات في كلا المحورين مقاومة شرسة، ومن المتوقع أن تلتقي خلال الساعات أو الأيام المقبلة.

ضحايا مدنيون

في شرق الموصل، قتل الخميس ثلاثة أطفال وأصيب أكثر من 24 مدنياً بجروح في هجمات بقذائف هاون وعبوات ناسفة، بحسب ما قال المسعف حسام النوري المتواجد في مشفى ميداني عند أطراف الموصل لوكالة الصحافة الفرنسية.

وبحسب الأمم المتحدة، بلغ عدد النازحين منذ بدء عملية الموصل نحو 60 ألف شخص.

وأوضحت منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ليز غراندي "نحن نعمل بأسرع ما يمكننا، وبتنسيق وثيق مع السلطات العراقية لمساعدة بعضا من أكثر الناس المعرضين للخطر في العالم".

وحذرت منظمات إنسانية عدة من نزوح أكثر من مليون شخص بفعل عملية الموصل، ودعت إلى فتح ممرات آمنة لهم.

مقبرة جماعية

في سياق ذي صلة، نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بيانا الخميس تضمن روايات لسكان منطقة حمام العليل، جنوب مدينة الموصل، يشير إلى أن المقبرة الجماعية التي عثر عليها مؤخرا قد تحتوي على مئات الجثث.

وأوضحت المنظمة أن معظم الضحايا هم أعضاء سابقون في القوات الأمنية أعدمهم تنظيم داعش في الأيام الأولى لمعارك الموصل.

وقال نائب مدير منطقة الشرق الأوسط للمنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا جو ستورك إن "هذا دليل آخر على عمليات القتل الجماعي المروعة التي قام بها داعش بحق عناصر أمنيين سابقين داخل الموصل وفي محيطها".

*الصورة: جنود من القوات الخاصة العراقية في أحدى مناطق الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.