بغداد – بقلم دعاء يوسف:
تحني سعاد خليل، 46 عاماً، رأسها على ماكنة الخياطة وهي تتحدّث عن بداية عملها في مهنة الخياطة. كانت لا ترغب في العمل، لكن إصابة زوجها في حادث تفجير إرهابي بسيارة ملغمة في بغداد عام 2009 وفقدانه أطرافه السفلى تركها بمفردها تتحمل مسؤولية إعالة زوجها وأطفالها الثلاثة.
تدفع الثمن مضاعفاً
تنحني المرأة على سلة ممتلئة بالأقمشة السوداء، ثم تقول لموقع (إرفع صوتك) “أعمل على خياطة الجلابيب لنساء الحي منذ سنوات. وأنا الآن أساعد أسرتي في توفير لقمة العيش”.
سعاد، التي تعيش في حي شعبي بالعاصمة بغداد، واحدة من آلاف النساء اللّواتي حرصن على إعالة وتربية أطفالهن بعد فقدان المعيل.
تؤكد أنّه من الصعب على امرأة انقطعت عن الدراسة وهي صغيرة، مثل حالها، أن تتحمل مسؤولة إعالة أسرتها في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد.
وتقول إن المرأة الأمية أو التي لم تتح لها الحياة فرصة إكمال تعليمها، ويفقد زوجها قدرته على العمل بسبب حادث إرهابي، تدفع الثمن مضاعفاً لأنها لا تمتلك ما يؤهلها على تحمل المسؤولية.
لكنّ السيّدة تؤكّد بإصرار “هذا لا يعني أن أقف من دون أن أجد حلاً. عندما كنت صغيرة، كانت أمي تعمل خياطة، لذا تعلمت منها حياكة الملابس لأنني كنت أساعدها، ولكني لم أتوقع أن أعمل أنا أيضاً في هذه المهنة يوماً ما”.
أجور الخياطة بالتقسيط أو بنظام الآجل
وتشير سعاد إلى أن الناس يعتقدون أنّ العمل بخياطة الملابس بالنسبة للمرأة أفضل المهن وأقلها مشاكل، لأن الخياطة تعمل في البيت “لكن هذا ليس صحيحاً. فالخياطة تواجه الكثير من التحديات والمشاكل وأشياء أخرى”.
وتسرد لموقع (إرفع صوتك) كيف أنها كانت في البداية متحمسة للعمل. لكن تدريجياً، بدأت تشعر بتأثيره السلبي على حالتها الصحية، إذ تعاني اليوم من آلام حادة في عنقها وكتفها، وكذلك عدم قدرتها على الرؤية بوضوح. كما وتشعر بالتعب نتيجة العمل المتواصل لأن الأجور التي تحصل عليها متدنية جدا، إذ تستغرق عملية خياطة جلابية واحدة ليوم كامل وبثمن لا يتجاوز الــ”5000″ دينار أو ما يعادل ثلاثة دولارات أميركية. هذا فضلا عن مزاج الزبونة الذي دائما ما يجعلها تتحمله وتصبر عليه خوفاً من أن تتركها وتلجأ لخياطة أخرى.
وتضيف “أضطر في كثير من الأحيان إلى خياطة ثياب النساء مقابل دفعهن لأجور الخياطة بالتقسيط أو بنظام الآجل، لأن كثيرات منهن حالتهن المعيشية صعبة أو دخل أزواجهن لا يكفي”.
الحكومة لا تمنحنا الاستقرار الذي نستحقه
ويضاف إلى ذلك أسعار صيانة الماكنة حيث استغرقت عملية تصليحها في إحدى المرات التي تعرضت فيها للعطل كونها قديمة ومستهلكة، حوالي 10 أيام، حيث لم تستطع سعاد توفير تكاليف تصليحها إلا بعد أن لجأت لاستدانة المبلغ.
وبدأت بتسديده من خلال الاشتراك بجمعية أو – سلفة – أسبوعية مع بعض النساء.
“ينقصني الكثير وكل شيء يتعلق بعملي يثير قلقي بما في ذلك عطل ماكنة الخياطة، لأنني بالكاد استطيع توفير ما تحتاجه عائلتي ليوم واحد”، تقول سعاد.
وتتابع “حتى وقت قريب كنت أشعر بأن الظروف سوف تتحسن. لكن ما يحدث في البلاد جعل حياتي متعبة والمسؤولية كبيرة على عاتقي. الحكومة لا تمنحنا الاستقرار الذي نستحقه”.
*الصورة: “ينقصني الكثير وكل شيء يتعلق بعملي يثير قلقي بما في ذلك عطل ماكينة الخياطة”/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659