قوات من الحشد الشعبي خلال مشاركتها في عملية تحرير الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
قوات من الحشد الشعبي خلال مشاركتها في عملية تحرير الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

متابعة حسن عبّاس:

أنهت القوات العراقية الأربعاء، 23 تشرين الثاني/نوفمبر، قطع خطوط الإمداد عن الإرهابيين غرب مدينة الموصل، محقّقة بذلك عملية عزل المدينة عن باقي المحافظات العراقية.

وأوضح مسؤولون أن فصائل الحشد الشعبي وصلت إلى الطريق الذي يربط بين تلعفر الخاضعة لسيطرة الإرهابيين وسنجار غرب الموصل، حيث التقت مع القوات الكردية، وفصلت بين المنطقتين.

وقال القيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في فيديو نُشر على صفحة الفصائل على تويتر إنه "تم قطع طريق تلعفر - سنجار"، في إشارة إلى البلدتين الواقعتين على الطريق الواصل بين الموصل وسورية.

من جهة أخرى، قال مسؤول أمني كردي لوكالة الصحافة الفرنسية إن قوات الحشد الشعبي التقت مع قوات أخرى بينها مقاتلون من حزب العمال الكردستاني التركي في ثلاث بلدات في المنطقة.

وكانت القوات العراقية قد توغّلت داخل الموصل من الجهة الشرقية، فيما تقدمت قوات البيشمركة الكردية مع قوات أخرى باتجاه الحدود الشمالية والجنوبية للمدينة.

تقدّم نحو تلعفر

ومع تقدّم قوات الحشد الشعبي نحو تلعفر التي يسيطر عليها داعش والواقعة على الطريق بين الموصل والرقة، فرّ عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين.

وقال مسؤولون إقليميون إن الرحيل الجماعي من تلعفر الواقعة على بعد 60 كيلومتراً غربي الموصل يثير قلق منظمات الإغاثة الإنسانية إذ أن بعضهم يتوجّه إلى مناطق أبعد واقعة تحت سيطرة داعش، مما يجعل من الصعب إيصال المساعدات لهم.

وتحاول وحدات الحشد الشعبي، وهي ائتلاف من مقاتلين معظمهم تلقى تدريباً ودعماً من إيران، تطويق تلعفر التي تقطنها أغلبية تركمانية ضمن الهجوم الدائر لاستعادة الموصل.

وقال نور الدين قبلان، نائب رئيس مجلس محافظة نينوى عن تلعفر والمتمركز الآن في العاصمة الكردية أربيل، إن نحو ثلاثة آلاف أسرة فرّت من تلعفر وتوجه نصفها تقريباً صوب الجنوب الغربي في اتجاه سورية والنصف الآخر تحرّك شمالاً إلى أراضٍ واقعة تحت سيطرة الأكراد.

وقال قبلان "الناس تهرب بسبب تقدّم الحشد. هناك مخاوف كبيرة بين المدنيين."

وأضاف "طلبنا من السلطات الكردية أن تفتح معبراً آمناً للمدنيين."

والفارون من تلعفر هم من السنّة الذين يمثّلون أغلب السكان في محافظة نينوى. وكان في البلدة أيضاً شيعة فرّوا عام 2014 عندما داهم داعش المنطقة.

وكانت تركيا قد هدّدت بالتدخل لمنع حدوث أعمال قتل انتقامية في حال اجتياح قوات الحشد الشعبي البلدة، متحدثةً عن علاقاتها الوثيقة مع السكان التركمان في تلعفر.

وحاول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تهدئة المخاوف من وقوع أعمال قتل عرقية وطائفية في تلعفر قائلاً إن أي قوة ترسَل لاستعادة البلدة ستعكس التنوّع في المدينة.

تكثيف القصف على الموصل

ميدانياً، في ما خصّ معركة الموصل، قال أحد سكان المدينة إن الضربات الجوية كُثفت على الجزء الغربي من المدينة التي يقسمها نهر دجلة المارّ عبر وسطها.

وأضاف أن الضربات استهدفت منطقة صناعية يُعتقد بأن داعش يصنع فيها الشراك ومنها السيارات المفخخة.

وينتشر المسلحون بين أكثر من مليون مدني في خطة دفاعية تهدف إلى إعاقة الضربات الجوية. وهم يتحركون في المدينة عبر أنفاق ويقودون سيارات ملغومة في مواجهة القوات التي تتقدم صوب المدينة، كما يستهدفونها برصاص القناصات وقذائف مورتر.

ولم تُصدر السلطات العراقية تقديراً إجماليا لعدد القتلى والجرحى لكن الأمم المتحدة حذّرت يوم السبت من أن العدد المتصاعد للمصابين المدنيين والعسكريين يفوق قدرة الحكومة ومنظمات الإغاثة الدولية على تقديم الرعاية لهم.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة تم تسجيل أكثر من 68 ألف نازح بسبب القتال بعد أن تركوا قراهم وبلداتهم المحيطة بالموصل وانتقلوا إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.