حين يوزع بعض الرجال مشاعر الحب والإعجاب بالمجان/Shutterstock
حين يوزع بعض الرجال مشاعر الحب والإعجاب بالمجان/Shutterstock

بقلم علي عبد الأمير:

ما الدوافع إلى الابتزاز والتحرش الجنسي في مواقع التواصل الإجتماعي، ما شواهدهما ودلالاتهما؟ هل تبدو النساء هنّ المستهدفات والأكثر عرضة لمثل هذه الأفعال، أم أنّها ظاهرة قد تشمل رجالا وقعوا ضحية “ابتزاز نسائي”؟ هل جعلت مواقع التواصل الاجتماعي أمر التحرش هينا ومتاحا أكثر من قبل؟ ما الاجراءات القانونية الرادعة، وقبلها الأخلاقية؟ أين احترام الخصوصية؟ كيف يمكن أن يسيء رجال لنساء قد يكون بعضهن أكبر من أمهات المتحرشين؟

هذه الأسئلة شكلت مدخلا لنقاش اقترحه موقعنا، واستجابت له سيدات عراقيات وعربيات كريمات، فكانت هناك رؤى وأفكار ومقترحات بل وحتى سخرية ناقدة.

شاشة لا نحسن استخدامها رغم صغرها!

وتقدم  فرات ناصر، وهي تربوية من النجف الأشرف بالعراق، ما يبدو الفخ التقليدي الذي تقع فيه النساء دائما “الرجل لا يعرف تقديم نفسه في مجتمعاتنا إلا بطريقة الوعد الكاذب بالزواج، وهذه الطريقة التي عفا عليها الزمن تتكرر منذ قرون وتصدقها المرأة للأسف. الشابات من طالباتي يروين لي الكثير: صديق أخيها وعدها بالزواج وائتمنته على صورها وحال ما اختلف مع أخيها حول أمور العمل هدّدها بأن تدفع له سبعة ملايين دينار (حوالي 5900 دولار) وإلا فسيقوم بنشر الصور”.

وتحرّض السيدة ناصر، على ما تعتبره ردعا للمتحرشين “لو أن كل امرأة صوّرت محادثة كل متحرش ونشرتها، لتقلص عددهم كثيرا”، مستدركة “ما يحدث مخزٍ جداً، مخزٍ أن يتحرش كاتب وأديب كبير، يسلك سلوك المتحرشين الصغار، يعني لا ثقافته صقلته ولا شهادته، ولا خبرته بالحياة”.

وتلفت السيدة دانيا أحمد إلى أن المتحرشين عادة ما يفضلون الرسائل الشخصية وهم كما في تجربتها “لا أعرفهم أبدا ولم أدخل معهم في أي نقاش، مما يدّل على أن البعض يلجأ لإرسال رسائل الإعجاب لأي كان وكأنه يسير في الشارع ويرمي الكلام لكل من تعجبه”.

“هلّو حب”

بينما تقول ندى الوكيل، وهي عراقية مقيمة في المملكة المتحدة، إن “اللايك (علامة الإعجاب) تجرّ الرجل إلى طلب الصداقة مباشرة وبعد مسجين (رسالتين) فقط يأتي الاعتراف بالحب وطلب الصور. أغرب صداقة حدثت معي هي طلب صداقتي شاب بعمر ابني وبعد الكلام معه على الماسنجر قبل الإضافة أوضحت له بأنني متزوجة وعندي أولاد وهو بعمر ابني واحترم صراحتي وطلب أن نكون أصدقاء. بعد أن أضفته بدأ يسلّم علي ’هلو حب‘. اشمأزت نفسي ونبهته بأني لا أسمح إلا بالاحترام وكان الطلب الثاني بأنه يحبني ويريد الزواج مني”، تضحك وتضيف “مهزلة بمعنى الكلمة”.

الانفتاح ليس انحلالا

وتقول السيدة اللبنانية جوزفين طنوس “الكل بيعرف لبنان بلد منفتح فكان عندهم فكرة أنه اللبنانيات نساء سهلات يقدر يحصلوا على مرادهم معها بسهولة. وطبعاً الآن فهموا أن الانفتاح لا يعني بالضرورة الانحلال”.

وتشير إلى أنها كانت تتعامل  بجفاف وجدية وصرامة ولا ترد على الرسائل إلا ضمن الأصدقاء”، متسائلة “لا أعرف لم يظنون المرأة كائن ضعيف تغره الكلمات المعسولة والمجاملات”.

وعن ندرة الحب وعواقب ذلك تقول المهندسة العراقية السيدة سامرة بقلي، “بسبب النقص العاطفي تكون الفتاة ضحية سهلة للكثير من أشباه الرجال الذين تعج بهم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص والمجتمع بشكل عام”، لافتة إلى أن أغلب مواقع التواصل الاجتماعي توفر خاصية الحظر و”هذا ما أفعله شخصيا عندما أواجه حالة تحرش إلكتروني ويبقى الأمر منوطا وبشكل كبير بمستوى الوعي الفكري للسيدة ومدى ثقتها بنفسها واعتدادها بأنوثتها”.

للحديث في هذا الشأن الإجتماعي والثقافي، صلة وبجوانب قانونية وتربوية.

*الصورة: حين يوزع بعض الرجال مشاعر الحب والإعجاب بالمجان/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.