آثار الدمار بقلعة في تدمر القديمة
آثار الدمار بقلعة في تدمر القديمة

متابعة حسن عبّاس:

دمّرت الجماعات الإرهابية الكثير من المواقع الأثرية والحضارية في سورية والعراق مروراً بمالي وأفغانستان. فما هي أبرز هذه المواقع؟

الكارثة السورية

تقول جمعية حماية الآثار السورية إن أكثر من 900 نصب أو موقع أثري دُمّرت بأيدي النظام السوري أو المعارضين المسلحين أو الإرهابيين منذ عام 2011.

ومنذ بروزه، عام 2014، دمر داعش مواقع عدة بينها ما هو مدرج على قائمة اليونسكو للتراث البشري.

وفجّر التنظيم المتطرف في مدينة تدمر معبدي بل وبعلشمين قبل أن يهدم أبراجاً وقوس النصر في المدينة. كذلك قام بتخريب تل عجاجة الآشوري، شرق سورية، وماري ودورا أوروبوس وأفاميا وغيرها.

لكن داعش ليس الجهة الوحيدة المسؤولة عن الدمار الذي لحق بالتراث السوري، إذ أن المعارك بالمدفعية الثقيلة خلّفت دماراً كبيراً. وتقول اليونسكو إن "ثلثي الحي القديم في حلب تعرّض للقصف أو الحريق". وقد انهارت المئذنة السلجوقية في جامع حلب الكبير فيما التهمت النيران جزءاً من السوق التي تضم متاجر تعود إلى مئات السنين.

أما قلعة الحصن التي بناها الصليبيون قرب حمص في وسط سورية فقد تعرّضت للقصف، فيما لحقت أضرار جسيمة بمتحف الفيسفساء في معرة النعمان (شمال غرب).

نزيف حضاري عراقي

قام داعش في العراق بعملية "تطهير ثقافي" بعدما أزال آثار حضارات بلاد الرافدين القديمة كما تقول الأمم المتحدة، أو عبر بيع القطع الأثرية في السوق السوداء.

وقد جرف التنظيم موقع نمرود الأثري بالقرب من الموصل، جوهرة الحضارة الآشورية الذي استعادته القوات العراقية قبل أسابيع قليلة.

وأظهرت تسجيلات فيديو بُثّت عام 2015 مقاتلين يقومون بنهب كنوز تعود إلى ما قبل الاسلام في متحف الموصل في الشمال.

كذلك هاجم التنظيم مدينة حترا التي تعود إلى الحقبة الرومانية وعمرها أكثر من ألفي سنة في محافظة نينوى.

الفوضى الليبية

دُمّر عدد من الأضرحة في ليبيا بواسطة حفّارات ومتفجرات منذ الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي عام 2011.

وفي آب/أغسطس 2012، خرّب إسلاميون وانتهكوا حرمة ضريح الشعاب الدهماني في طرابلس. وتعرّض للتدمير أيضا ضريح الشيخ عبد السلام الأسمر، فقيه صوفي من القرن السادس عشر، في زليتن التي تبعد 160 كيلومتراً شرق العاصمة. كما تعرّضت مكتبة وجامعة تحملان الاسم نفسه لأعمال تخريب ونهب.

وفي 2013، استهدفت عملية تفجير ضريحاً يعود إلى القرن السادس عشر في تاجوراء في طرابلس. وكان من أقدم الأضرحة في ليبيا.

التراث الأفغاني

في آذار/مارس 2001، أمر القائد الأعلى لحركة طالبان الملا عمر بتدمير تمثالي بوذا العملاقين في باميان (وسط-شرق) وعمرهما أكثر من 1500 عام. وقد اعتبرتهما الحركة "مخالفين لتعاليم الإسلام" التي تحرّم نحت تماثيل على شكل إنسان.

وعلى مدى 25 يوماً، شارك مئات من عناصر حركة طالبان أتوا من كل أنحاء البلاد في تدمير التماثيل بالصواريخ والديناميت.

نهب مالي

عام 2012، تعرّض 14 ضريحاً للهدم أو النهب في تمبكتو الواقعة في شمال غرب مالي وتوصف بأنها "مدينة الـ333 ولياً".

ظلت المدينة من نيسان/أبريل 2012 إلى كانون الثاني/يناير 2013 تحت سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة التي شوّهت صورتها. واستعادت عملية عسكرية دولية أُطلقت في مطلع العام 2013 بمبادرة فرنسية المدينة منها.

وقد أُدرجت المدينة في العام 2012 في قائمة التراث العالمي المهدَّد بالخطر.

وقام متطرّفو تنظيم القاعدة بهدم أضرحة صوفيين وأكبر مساجد المدينة بزعم أن تكريم الأولياء "عبادة للأصنام".

وفي مطلع عام 2013، تعرّض مركز أحمد بابا للتوثيق والبحوث التاريخية للنهب والتخريب، لكن نجا القسم الأكبر من المخطوطات الإسلامية والكتب النفيسة المحفوظة فيه.

ومن آذار/مارس 2014 إلى تموز/يوليو 2015، أُنجزت أعمال ترميم في إطار برنامج طبقته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) وموّلته دول ومؤسسات عدة.

وفي شباط/فبراير 2016، تسلّمت المدينة الآثار التي أُعيد بناؤها. وفي 19 أيلول/سبتمبر أُعيد تركيب بوابة أحد مساجد المدينة بعد ترميمها.

وفي 27 أيلول/سبتمبر قضت المحكمة الجنائية الدولية بسجن متطرّف مالي تسع سنوات بعد إدانته بتهمة هدم أضرحة تمبكتو.

الجزائر البداية

دمّرت الجماعات الإسلامية المسلحة في تسعينيات القرن الماضي أضرحة عدد من شيوخ الطرق الصوفية.

(بتصرّف عن وكالة الصحافة الفرنسية)

الصورة: آثار الدمار بقلعة في تدمر القديمة/ وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.