أحد أزقة حي المحاربين في الجانب الأيسر من مدينة الموصل وتظهر فيه آثار الدمار الذي خلفه تنظيم داعش/بعدسة مراسل إرفع صوتك
أحد أزقة حي المحاربين في الجانب الأيسر من مدينة الموصل وتظهر فيه آثار الدمار الذي خلفه تنظيم داعش/بعدسة مراسل إرفع صوتك

أربيل – بقلم متين أمين:

رافق مراسل موقع (إرفع صوتك) قوات الجيش العراقي ومكافحة الإرهاب وقوات البيشمركة والحشد الشعبي في غالبية عملياتها العسكرية لتحرير مناطق مدينة الموصل من إرهابيي داعش. وشهد مراسلنا كيف استقبل المواطنون الموصليون القوات الأمنية بالهلاهيل والتصفيق. فهم يصفون القوات الأمنية العراقية بـ “المنقذ” لهم من سجن التنظيم الذين كان يقتل أبناءهم ويعاقبهم على كل صغيرة وكبيرة وحوّل حياتهم إلى جحيم كبير. لكنهم بدوا بحاجة ماسة إلى الغذاء والدواء والمياه والخدمات لأن داعش مارس سياسة التجويع معهم.

ويتحدث مواطنون من داخل المدينة عن معاناتهم في ظل داعش وفرحتهم بالتحرير والتحديات التي واجهتهم.

العيش في جحيم داعش

يقول المواطن خليل جمعة من حي الزهراء لموقع (إرفع صوتك) إنّ مسلحي داعش مع بدء العمليات العسكرية فرّوا من منطقته، وبقي منهم عدد قليل، وهم القناصة والانتحاريون.

“كانوا يعتلون منازلنا ويهاجمون منها القوات الأمنية“، يقول جمعة. “لكن القوات الأمنية لم ترد عليهم حفاظا على حياتنا نحن المدنيين، وعالجوا المسألة بطريقة بحيث لم نتعرض نحن للأذى. وقُضي على كافة المسلحين في المنطقة بشكل نهائي”.

يصف جمعة، الذي لم يغادر الموصل بعد احتلال المدينة من قبل داعش في منتصف عام 2014، الحياة في ظل التنظيم بـ”الجحيم”. ويشير إلى أن كل شيء كان ممنوعاً على المواطنين، “الشباب كانوا يُمنعون من حلاقة ذقونهم وحلاقة الرأس ومن التدخين. والمخالفون يعاقبون بأشد العقوبات كانت تصل إلى الجلد والسجن والتغريم والقتل”.

مداهمات

ويروي المواطن باسم الموصلي من حي السماح لموقع (إرفع صوتك) ما واجهه من متاعب خلال الفترة التي سيطر فيها التنظيم على منطقته.

ويقول إن مسلحي داعش دخلوا إلى بيته فجأة في أحد الأيام، وكانوا عراقيين من أهل المنطقة. طلبوا منه أن يسلمهم زوجته ليجلدوها بعد أن لفقوا لها تهمة الزنا. “كنا في حالة لا نحسد عليها. رجوتهم كثيراً وأفهمتهم أن زوجتي لا يمكن أن تقوم بأمر كهذا، فأمهلوني يومين للتحقيق في الموضوع”.

خلال هذين اليومين، أخذ الرجل زوجته بالسر إلى أهلها في الجانب الأيمن من الموصل. وعندما عادوا بعد أسبوع إلى منزله ليسألوا عن الزوجة، أخبرهم أنه انفصل عنها. وأبلغوه أن التهمة أسقطت وأنه ليس الشخص المطلوب.

وبعد مرور أسابيع، هاجم عناصر التنظيم منزل الرجل مرة أخرى. لكن هذه المرة جاؤوا لاعتقال ابنه البالغ من العمر 22 عاما. “لكن لحسن الحظ لم يكن موجودا. لذا أخرجوني من البيت بملابسي فقط واستحوذوا على المنزل الذي حولوه مقرا لهم. فاستهدفتهم طائرات التحالف الدولي فيما بعد ولم يظل منه سوى الركام”.

مشاهد مروعة

المناطق المحررة من الموصل تحمل في أزقتها وحاراتها الكثير من القصص التي تروي مشاهد مروعة لفترة كانت أحداثها تقتصر على القتل والتعذيب ونهب الأموال وسبي النساء وتجنيد الشباب والأطفال وتفجير البنى التحية والقضاء على الخدمات الرئيسية تحت مظلة تأسيس دولة الخلافة، التي روج لها مسلحو تنظيم داعش على مدى أكثر من عامين ونصف في العراق.

من جهتها توضح المواطنة خيرية يونس، من حي المحاربين في الموصل، لموقع (إرفع صوتك) أن أوضاع النساء في الموصل كانت صعبة جدا. الخروج من المنزل كان ممنوعا عليهن إلا برفقة رجل، وكان مسلحو التنظيم يقفون في كل مكان يراقبونهن.

“كانوا يتحرشون بنا في غالب الأحيان. وكان يجب علينا أن نرتدي الخمار عدة طبقات. والمخالفة كانت تعاقب بالضرب على رأسها بعصا رفيعة والتغريم، وكانوا يسجنون زوجها ويجلدونه لأن زوجته خالفت قوانين داعش”.

*الصورة: أحد أزقة حي المحاربين في الجانب الأيسر من مدينة الموصل وتظهر فيه آثار الدمار الذي خلفه تنظيم داعش/بعدسة مراسل إرفع صوتك

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.