عائلات عراقية نازحة بسبب المعارك في الموصل شوهدت قرب القيارة جنوب الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية
عائلات عراقية نازحة بسبب المعارك في الموصل شوهدت قرب القيارة جنوب الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

متابعة إلسي مِلكونيان:

كان أهالي بلدة القيارة، في محافظة نينوى شمال العراق، مجبرين على قطع مسافات طويلة عبر حواجز تفتيش تابعة لتنظيم داعش للحصول على معاينة طبية أو علاج. لكن المستشفى الذي افتتحته منظمة “أطباء بلا حدود” غير الحكومية الأسبوع الماضي في القيارة، بطاقمه المؤلف من 100 شخص (بينهم 80 عراقياً)، مثّل حلاً لإسعاف الكثير من المرضى.

وتشير تغريدة للمنظمة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر إلى أن عدد الحالات التي استقبلها المستشفى في أسبوعه الأول وحتى مساء أمس الأربعاء، 14 كانون الأول/ديسمبر، قد بلغ قرابة 250 مريضاً.

 

وتؤكد منسقة مشروع المستشفى كلير نيكولت “لم يرَ بعض المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة أي مستشفى منذ عامين ونصف”، لأنه “لا يوجد أي خدمات للطوارىء حتى مسافة 250 كيلومتراً”، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتشير كلير إلى تنوع حالات الطوارىء التي تم تقديم العلاج لها بين طبية وجراحية بقولها “كان لدينا كسور، وكان لدينا التهاب الزائدة الدودية ونوبة قلبية”.

وكانت القيارة جزءاً من الأراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش عام 2014، لكن القوات العراقية تمكنت من استعادتها في آب/أغسطس الماضي.

من داخل المستشفى

ونقل محمود (35 عاما) ابنه محمد إلى المستشفى الذي أنشأته المنظمة لتلقي العلاج بعد إصابته في انفجار عبوة ناسفة عثر عليها أثناء اللعب.

ويضيف الرجل الذي جلس بجوار ابنه الذي احترق جزء من أنفه جراء الانفجار “قبل أسبوع فقط، كان هذا أمرا مستحيلاً”، في إشارة إلى علاج ابنه.

ويشرح محمود، وهو عامل بناء من القيارة، أنه أثناء سيطرة تنظيم داعش على المنطقة، “كان من الصعب إيجاد الأدوية، والطريق الوحيد للعلاج كان عبر السفر إلى أربيل”، عاصمة إقليم كردستان التي تبعد مسافة ساعتين بالسيارة عن القيارة، أو إلى تكريت أو الموصل اللتين تبعدان مسافة ساعة بالسيارة.

من جهة أخرى، تقول زهراء كاظم، وهي طبيبة طوارىء قدمت من بغداد، أنه يجب الاستعداد لاستقبال حالات الطوارىء على اختلافها على مدى 24 ساعة وسبعة أيام في الأسبوع. كما تشير الطبيبة إلى مشاهدتها لحالات كسور وحوادث طرق وحروق.

ودفعت أعمال العنف الطائفي وتدهور الأوضاع الأمنية في البلاد عدداً كبيراً من الأطباء العراقيين إلى ترك البلاد.

وأكد مسؤول طبي في شمال العراق رفض الكشف عن اسمه أن الأطباء الذين ما زالوا في البلاد “يفكرون جدياً بالرحيل، حال الكثيرين من الخريجين الذين تلقوا تعليمهم في الخارج”.

وحذرت منظمة الصحة العالمية في تقرير العام الماضي من أنه يوجد في العراق ستة أطباء فقط لكل 100 ألف شخص.

*الصورة: عائلات عراقية نازحة بسبب المعارك في الموصل شوهدت قرب القيارة جنوب الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.