بقلم علي عبد الأمير:
يكاد يجمع عراقيون على أنّ معركة تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش، قد تحمل فرصة ممكنة لإعادة بلادهم إلى مسار واعد ضمن أفق من العمل الوطني المشترك بعد سنوات من الخلافات العميقة التي وصلت حد المواجهات الطائفية والعرقية الدموية.
لكن هناك من الباحثين وصنّاع الرأي العام الأميركي من لا يعتقد بالفكرة الواسعة حول معركة الموصل بين العراقيين، فالباحثان مايكل آيزنشتات ومايكل نايتس يكتبان تقريرا مشتركا نشره موقع "معهد واشنطن" للبحوث في العاصمة الأميركية، يحذر من أن نتائج معركة الموصل قد تكون لصالح إيران.
وحسب التقرير، "كانت إيران المستفيد الخارجي الأول من قيام الولايات المتحدة بالإطاحة بنظام طالبان في عام 2001 وبنظام صدام حسين عام 2003، وهما أهم عدوين إقليميين لإيران في ذلك الوقت. واليوم أيضاً، إذا لم تتخذ الولايات المتحدة الإجراءات الوقائية المناسبة، ستكون إيران المستفيد الأول من تدمير قوات تنظيم «الدولة الإسلامية» وتفكيك ما يُدعى بالخلافة في العراق".
لكن منظور التقرير الأميركي هذا هو غير منظور عراقي، وإن انطلق من مؤسسة أميركية. فكبير الباحثين في "الصندوق الوطني للديمقراطية" عبد الرحمن الجبوري يرى أن معركة تحرير الموصل توفر فرصة لمراجعة العملية السياسية التي شهدتها بلاده الأصلية منذ العام 2003، مشددا في تصريح لموقع (إرفع صوتك) على أن "هذه الفرصة واجبة وضرورية، على الرغم مما لحق بمن دعا إليها سابقا ويدعو إليها الآن من أوصاف وانتقادات وصلت حد التشهير بكل من يدعو الى مراجعة سياسية بأنه مؤيد للإرهاب والبعث. وتلك المراجعة يجب أن تطال كل المراحل والخطوات والمشاريع السياسية والأمنية والفكرية التي أوصلت البلاد إلى طريق مسدود مثلة سقوط ثلث البلاد تحت سيطرة داعش".
ويعتقد الجبوري أن التسميات ليست مهمة في هذه المراجعة. "قد نسميها التسوية التاريخية، أو تصفير الأزمات، لكن المهم هو شروط تلك المراجعة وما الهدف منها، وألا تتوقف عند مدى معين، بل علينا أن نسأل جميع من تصدى للمسؤولية في العراق بعد العام 2003: أين مضيتم بالبلاد؟ ولماذا؟ وكيف؟ وما الأثمان المترتبة على ذلك".
وحذّر الجبوري من تجاهل مثل هذه الأسئلة "والاستمرار في سياسة متعجرفة تقول إننا نحقق الإنتصارات وعلى الجميع الإذعان للمنتصرين".
خسارة داعش لحاضنته الإجتماعية
وعلى طريقة "رب ضارة نافعة" يقول الملحق العسكري العراقي السابق في واشنطن، اسماعيل السوداني، "لقد نجح تنظيم داعش في توحيد العراقيين حول هدف واحد هو محاربته و طرده و تحرير المدن التي احتلها، فيما فشلت الحكومات المتعاقبة للسنوات الـ13 الماضية في وضع أهداف وطنية مشتركة و العمل من أجل تحقيقها".
وتبدو معركة الموصل "لحظة تعني الكثير للقيادات السياسية والاجتماعية والشعبية".
ويشير في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أنه "مهما كانت الدول الإقليمية حريصة على التدخل بالشأن العراقي، فإن هذا التدخل يأتي لخدمة مصالحها أولا و قبل كل شيء ومصلحة العراق لا تعنيها بشيء"، يوضح السوداني في حديث إلى موقع (إرفع صوتك).
إضافة إلى التأييد والإسناد الشعبي للقوات الأمنية العراقية، فإن عاملا مهما يراه السوداني في "خسارة داعش لحاضنته الاجتماعية"، في إشارة إلى السنة الذين باتوا من أكثر المكونات العراقية المتضررة من النفوذ الداعشي. وهذا "يوفر فرصة على القيادة و النخب السياسية العمل على الاستثمار الأمثل" ويحدد المسؤول العراقي السابق أبرز ملامحها من خلال:
*بناء قوات مسلحة وطنية مهنية و مستقلة مع محاربة الفساد و إبعاد العناصر الفاسدة التي كانت إحدى أسباب نكسة حزيران 2014.
*توثيق العلاقة مع المواطنين وتقديم كل التسهيلات والخدمات الضرورية التي يحتاجها أبناء المناطق المحررة و تعزيز مفهوم الأمن الجماعي والمشترك بحيث يكون المواطن جزءا من المنظومة الأمنية وتحصين الجبهة الداخلية ضد أي اختراق في المستقبل.
*تأكيد حاجة العراق إلى دعم إيجابي من كل القوى الدولية والإقليمية في دحر الإرهاب.
*لا مصالحة وطنية إلا من خلال إصلاح العملية السياسية، محاربة الفساد، قيام دولة المؤسسات عبر تحقيق مبدأ المساواة للجميع، تحقيق العدالة الاجتماعية وفرض القانون على الجميع دون حصانات.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659