شارع في أربيل - كردستان/Shutterstock
شارع في أربيل - كردستان/Shutterstock

أربيل – بقلم متين أمين:

رغم سعادتها بالانتصارات التي حققتها قوات الجيش العراقي وقوات البيشمركة، بدعم من قوات التحالف الدولي، على تنظيم داعش في مدينة الموصل وإبعاد خطر التنظيم إلى حد ما عن حدود محافظات إقليم كردستان، إلا أن المواطنة جوان محمود من مدينة أربيل لا تخفي خوفها من ظهور جماعات إرهابية جديدة مشابهة لداعش والقاعدة وتهديدها لإقليم كردستان مثلما حدث من قبل مع الجماعات الإرهابية الأخرى.

اقتلاع الفكر المتشدد

تقول جوان محمود، 30 عاما وهي مدرّسة، لموقع (إرفع صوتك) "نحن في العراق بشكل عام بحاجة إلى اقتلاع الفكر المتشدد الذي يصنع هكذا تنظيمات إرهابية من الجذور لكي لا نرى أنفسنا مرة أخرى بعد القضاء على داعش أمام تنظيم إرهابي آخر مثله أو أسوأ منه".

وشهد إقليم كردستان العراق منذ تأسيسه في بداية تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن ظهور العديد من الجماعات الإسلامية المتشددة التي نفذت عمليات إرهابية ضد مواطني الإقليم والمؤسسات الحكومية فيه. ورغم نجاح القوات الأمنية الكردية خلال السنوات الماضية في التصدي لهذه الجماعات الإرهابية، إلا أن الإقليم وجد نفسه مرة أخرى أمام تهديدات وخطر تنظيم داعش خاصّةً بعد احتلاله للموصل في حزيران/ يونيو 2014.

وتوضح جوان "نشهد انهيار تنظيم داعش، لكن ليست هناك ضمانة بأن منطقتنا لن تواجه غدا تنظيما أخطر منه"، مؤكدة أن على إقليم كردستان العراق أن يولي اهتماما أكبر بالتعليم والثقافة خاصة في المناطق الريفية النائية "التي تجد الجماعات الإرهابية فيها حاضنة مناسبة لتنشر أفكارها".

المجتمعات الفقيرة

رغم تأييد المواطن كاروان سمير (32 عاما)، وهو صاحب محل تجاري، لرأي جوان، إلا أنه يضيف لموقع (إرفع صوتك) أن التنظيمات الإرهابية "تعتاش على المجتمعات الفقيرة وتستفاد من الفقر والجوع لترفد صفوفها بمسلحين جدد".

لذا بحسب رأيه، أهم خطوة لتجنب ظهور جماعات إرهابية مستقبلا في العراق بشكل عام هو القضاء على الفقر وإيجاد فرص عمل مناسبة للشباب.

وقد شهد الإقليم خلال الأشهر القليلة الماضية في مدن حلبجة وجمجمال ودربنديخان في محافظتي السليمانية وحلبجة تحركات لمجموعات إرهابية. ففي جمجمال التي تربط بين محافظتي السليمانية وكركوك وبالتحديد في منطقة سنكاو وبعد أن شوهد مسلحون مجهولون في تلك المنطقة، نصبت قوات الأمن الكردي (الآسايش) في آب/ أغسطس كمينا لهذه المجموعة، وتمكنت بعد إشتباكات عنيفة أن تقتل ثلاثة من هؤلاء بينما فجر المسلح الرابع نفسه.

أما في حلبجة فقد ذكرت مصادر أمنية مطلعة في المدينة أن القوات الأمنية وبالاعتماد على معلومات استخباراتية دقيقة حاصرت، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، مجموعة إرهابية في كريانة (20 كيلومتر جنوب شرق حلبجة). ولم ترد أي معلومات حول عدد عناصر المجموعة الإرهابية التي قضت عليها القوات الأمنية.

وكانت آخر هذه الاشتباكات التي شهدتها مدن الإقليم بين قوات الأمن ومسلحي داعش في قرية بونكلة التابعة لقضاء دربنديخان، في 4 كانون الأول/ديسمبر، حيث تمكنت الآسايش من قتل أربعة من الإرهابيين وقضت على المجموعة الإرهابية التي قتلت في وقت سابق مواطنين إثنين قرب دربنديخان.

فرض الأمن

ويرى المواطن دانيال حيدر (22 عاماً)، طالب جامعي، أنه من الضروري أن تهتم الحكومة الاتحادية في بغداد بتسليح قوات البيشمركة على أكمل وجه. ويضيف لموقع (إرفع صوتك) "يجب أن تصرف لها ميزانية كي تتمكن حكومة الإقليم من القيام بمهامها في حفظ أمن كردستان".

لكن المواطن شادان محمد (37 عاماً)، وهو موظف في إحدى الدوائر الحكومية، يؤكد أن ضبط الأمن في الموصل سينهي تهديدات الإرهاب لإقليم كردستان.

ويشرح لموقع (إرفع صوتك) أن الموصل لها حدود طويلة مع مدن كردستان، ولطالما أثرت على أمن الإقليم "لذا من أهم الخطوات المستقبلية لحماية هذه المنطقة من الإرهاب هو فرض الأمن والاستقرار في الموصل وضبط الحدود العراقية السورية".

فكل هذا، من وجهة نظره، سيساهم في القضاء على الجماعات الإرهابية وتجفيف منابعها.

ويشير شادان إلى أن تنظيم داعش الآن وبعد تكبده المستمر للخسائر الفادحة أمام القوات العراقية بكافة أنواعها، ومقتل الآلاف من مسلحيه في معارك الموصل، "يلجأ إلى تنشيط خلاياه النائمة هنا وهناك لكي يخفف عن نفسه الضغط. لذا يجب أن تكون القوات الأمنية في إقليم كردستان اليوم أكثر حذرا وتأهبا للقضاء على هذه الخلايا الإرهابية".

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.