أربيل - بقلم متين أمين:
رغم قسوة المناخ وهطول الأمطار الغزيرة، إلا أن سلمى محمد البالغة من العمر 38 عاما تمسك بصعوبة بإحدى الخيم كي تشدها بالوتد بقوة، تجنبا لوقوعها بسبب الرياح التي أوقعت أكثر من 50 خيمة في مخيم حسن شام الأول الواقع على بعد نحو 45 كيلومترا شرق مدينة الموصل.
لكن سقوط الخيمة ليس همّ سلمى الوحيد، فالوضع المعيشي لعائلتها والمشاكل الأسرية والتفكير بالمستقبل بات الشغل الشاغل لسلمى ولآلاف النساء العراقيات اللواتي نزحن من منازلهن في مدينة الموصل مؤخرا خوفا من القصف والهجمات الانتحارية التي ينفذها تنظيم داعش على الأحياء المحررة من الجانب الأيسر من المدينة.
وتشكّل نسبة النساء النازحات من الموصل إلى المخيمات الجديدة نحو 51 في المئة من العدد الكلي للنازحين، حسب ما أفادت به مصادر خاصّة لموقع (إرفع صوتك).
مشاكل زوجية
تشير سلمى إلى أن العلاقات الأسرية بين الزوج وزوجته أصبحت صعبة جدا وأكثر توترا بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي تشهدها العائلات.
وتقول لموقع (إرفع صوتك) إن زوجها ومنذ أكثر من عامين ونصف عاطل عن العمل. "والآن تركنا منطقتنا بسبب الحرب وأصبحنا داخل خيمة لا تصمد أمام الرياح والأمطار ولا تأوينا من البرد القارص... كل هذا جعل حياتنا الخاصة أكثر توتراً".
وتشير سلمى إلى العنف والشجار الذي أصبح جزءا من حياة عدد من العائلات النازحة. وتقول إن بعض العلاقات الزوجية وسط النازحين تعدّت حدود التوتر، فأصبحت تشهد العنف والضرب والشجار المستمر. "زوجي مضغوط وأنا أيضا أتحمل أوضاعا أكبر من طاقتي كامرأة... لذا لم نعد نتحمل بعض".
انتحار النساء
سلمى ليست الوحيدة التي تعاني من مشاكل عائلية بسبب النزوح وما سبقه من أوضاع صعبة في ظل سيطرة داعش على الموصل. تصف سحر محمد (48 عاما) النازحة من حي السماح في مدينة الموصل لموقع (إرفع صوتك) حياة عائلتها تحت حكم داعش على مدى أكثر من عامين ونصف بالجحيم. "حياتنا كانت مأساة حقيقية بسبب الفقر والعوز وفقدان العمل والتقييد لحركتنا".
وتروي سحر قصص انتحار الكثير من النساء أثناء سيطرة داعش على الموصل بسبب الجوع والفقر وتدهور العلاقات الزوجية. وتقول إن جارتها انتحرت عبر قطع وريدها، لأن أوضاع عائلتها المعيشية كانت صعبة، وفقدت هي وزوجها العمل ولم يستلما الرواتب بسبب التنظيم.
"كذلك أعرف نساء أخريات منهن من أحرقن أنفسهن بسبب الأوضاع الصعبة التي شهدتها الموصل خلال العامين الماضيين".
وتمضي سحر بالقول إنها فقدت صديقاتها ولم تعد تراهن مثل قبل، مضيفة أن العلاقات الاجتماعية أصبحت بسبب هذه الظروف ضعيفة أو منعدمة في غالب الأحيان.
"قبل داعش، كنا نذهب مع جيراننا والأصدقاء إلى السوق وكنا نتبادل الزيارات العائلية ونذهب معا إلى الأعراس والحفلات العائلية"، تقول سحر قبل أن تضيف بحسرة "نحن النساء أصبحنا سجينات داعش وكذلك الهموم والمشاكل الأسرية".
انتقل مراسل (إرفع صوتك) من خيمة عائلة سحر إلى خيمة أخرى، حيث التقى بفاطمة كمال التي كانت تحمل طفلها الصغير بين أحضانها محاولة حمايته من البرد.
ازدادت مشاكل فاطمة الزوجية مع دخول المخيم منذ شهر تقريبا بسبب صعوبة الحياة هناك، على حد قولها. "المياه قليلة ولدينا مشاكل في الكهرباء، إضافة إلى أن والدة زوجي وأخواته يعيشون معنا فتحدث حالات شجار بشكل مستمر لكنها لم تصل حتى الآن إلى الضرب".
هاجس المستقبل
وعند سؤالها عن المستقبل، لا تبدو فاطمة متفائلة وسط مصيرها المجهول. "المستقبل لن يكون أفضل مما نشهده اليوم، أنا متشائمة تماما، وأتمنى أن تصلح الأوضاع وأن نعود إلى بيوتنا، لكن لا أعرف متى".
التخوف من المستقبل وما يحمله من أحداث أصبح هاجس لدى المرأة في المخيم، تقول نعمة عبد الكريم (28 عاما).
وتشير في حديثها لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّه رغم نزع النساء الخمار الذي فرضه داعش عليهن بالقوة والعقوبات، "ما زلنا نخشى العودة إلى الموصل مستقبلا ويُفرض علينا النقاب والخمار مرة أخرى وأن نحتجز في البيوت وتتدهور الأوضاع ونعود إلى المربع الأول الذي كانت مدينتنا فيه مركزا للأحداث الساخنة".
حنين عبد المحسن فتاة موصلية (24 عاما) اضطرت إلى ترك الدراسة من معهد الحاسبات مع احتلال الموصل من قبل مسلحي داعش، لكنها الآن تتشوق لاستكمال دراستها من جديد والالتقاء بصديقاتها.
وتقول لموقع (إرفع صوتك) إن الانقطاع عن الدراسة جعلها تشعر أنها أصبحت جاهلة. وكانت قد فقدت الأمل بالعودة مرة أخرى إلى المعهد، لكن الآن عادت متفائلة بإمكانية متابعة الدراسة بعد تحرير منطقتها. "هذا ما أتوقعه قريبا. وكلّي أمل كذلك أن ألتقي صديقاتي اللواتي افترقت عنهن بسبب داعش".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659