أربيل - بقلم متين أمين:
رغم حرمانه من إكمال الدراسة منذ سيطرة تنظيم داعش على الموصل في حزيران/يونيو من عام 2014، إلا أن يونس (21 عاما) الذي نزح منذ نحو شهر من الآن مع عائلته من حي السماح في الجانب الأيسر من الموصل إلى مخيم الخازر (شرق الموصل) لم يتخلَ عن حلمه بأن يصبح في يوم من الأيام طبيبا ويعمل لمساعدة والده، العامل الذي فقد عمله هو الآخر بسبب داعش.
"داعش أجهض حلمي"
كان الشاب يحرز المرتبة الأولى على أصدقائه في الدراسة. ولما وصل السادس الإعدادي، كان مستعدا للحصول على درجة عالية كي يدخل كلية الطب "لكن داعش أجهض حلمي"، حسب ما يقول لموقع (إرفع صوتك).
ويصف يونس الدراسة في مناهج داعش بالمهزلة، مشيراً إلى أنّه اختار المكوث في البيت بدل التعليم كي لا يحاول داعش تجنيده.
والدة يونس تدخل في الحديث لتقول إن ولدها أصيب بمرض نفسي وجسدي وظل طريح الفراش لعدة أشهر لأنه لم يستطع استكمال الدراسة. "حاولنا إخراجه من الموصل عدة مرات لكننا فشلنا لأن الشخص الذي يعتقله التنظيم أثناء محاولته الهرب من المدينة كان يُعدم فورا من قبل مسلحيه"، قال لموقع (إرفع صوتك).
وطالب يونس وزارة التربية بإرسال لجنة إلى المخيمات وإلى المناطق المحررة من الموصل لحل مشاكل الطلبة وإعادتهم إلى الدراسة في أربيل أو دهوك أو في محافظات العراق الأخرى، لأنه يرى أن الرجوع إلى الدراسة في الموصل حاليا بات أمرا صعبا.
أحمد فارس، طالب موصلي آخر (15 عاما) كان في الصف الأول المتوسط عندما سيطر التنظيم على مدينته، فاضطر إلى ترك الدراسة لأكثر من عامين ونصف لحين تحرير حي الزهراء، الذي يعيش فيه، من قبل القوات الأمنية العراقية.
ينتظر أحمد الآن افتتاح المدرسة في مخيم حسن شام الذي يعيش فيه مع عائلته بعد نزوحهم من الموصل. ويقول لموقع (إرفع صوتك) "أحب العودة إلى المدرسة وبدء الدراسة، لكننا نسينا مادرسناه خلال السنوات الماضية بسبب الخوف والرعب الذي كنا نعيشه في ظل داعش".
تغيير المناهج
غيّر التنظيم بعد احتلاله الموصل المناهج الدراسية الصادرة عن وزارة التربية العراقية بمناهجه التي تحتوي على العنف والفكر المتشدد. وأجبر العوائل على إدخال أطفالهم إلى المدارس ودفع مبالغ مالية تبدأ من 25 ألف دينار عراقي (200 دولار أميركي تقريبا) للمراحل الأولى سنويا وتصل مع تقدم المرحلة إلى نحو 100 ألف دينار (حوالي ألف دولار أميركي).
وكان التنظيم يغسل أدمغة الأطفال بمنشوراته المرئية والمقروءة ويُعدهم ليكون مسلحين متشددين مستقبلا. يقول الطفل فرحان حامد التلميذ في الخامس إبتدائي (11 عاما) لموقع (إرفع صوتك) "كنا نذهب بعد المدرسة إلى المركز الإعلامي لداعش في منطقتنا، هناك كنا نشاهد أفلام حربية لمسلحي التنظيم وعمليات عسكرية وتفجيرات وعمليات إعدام بالذبح والرمي بالرصاص".
ويضيف أنّه عند الانتهاء من مشاهدة الأفلام، كان عناصر داعش يوزعون عليهم كتبا صغيرة (كتيبات) لابن تيمية وكتب ابن قيم وكتب ابن عثيمين وابن عبد الوهاب، ويقولون لنا "هذه الكتب ستجعلكم مسلحين مثلنا".
ويتابع فرحان "الكثير من الأطفال انضموا إليهم ولم يعودوا ولم نعد نراهم في المدرسة".
مراكز ترفيه
أما حلا عبد الستار التلميذة في الرابع الإبتدائي (10 أعوام)، فتقول لموقع (إرفع صوتك) إن بعض المنظمات الأجنبية افتتحت للأطفال مراكز ترفيهية في المخيم. "نذهب أيام الأحد والثلاثاء من كل أسبوع إلى هذه المراكز ونبقى فيها نحو ثلاثة ساعات، نلعب وندرس الموسيقى والرياضيات. وقد سجلوا أسماءنا نحن الأطفال لإعادتنا إلى المدارس التي قالوا إنها ستفتتح قريبا في مخيمنا".
أعداد الطلبة الذين حرموا من الدراسة من كافة الفئات العمرية خلال السنوات الماضية بسبب تنظيم داعش في الموصل وأطرافها وصلت إلى مئات الآلاف في ظل انعدام الخطط لكيفية إعادتهم إلى الدراسة ودمجهم من جديد في العملية التربوية.
يشير نقيب معلمي محافظة نينوى، رعد رمضان، لموقع (إرفع صوتك) إلى غياب خطة واضحة لوزارة التربية بخصوص الطلبة والتلاميذ الذين كانوا يعيشون تحت سيطرة تنظيم داعش في الموصل. "مصير هؤلاء الطلبة الذين فاتهم عام دراسي ثالث ضبابي وغير واضح"، يقول رمضان مشيرا إلى أن أعدادهم تجاوزت 500 ألف طالب من كلا الجنسين ومن مختلف الأعمار.
ويضيف رمضان أن هناك طلبة وتلاميذ تجاوزوا بسبب هذه الظروف السن القانوني، لأن هناك تعليمات خاصة بالسقف العمري للدراسة، وعملية دمج هؤلاء بحاجة إلى تشريع قانون في مجلس النواب. "لكننا لم نلاحظ أي خطوة لتشريع قوانين لشمل هؤلاء الطلبة بالدراسة".
بدورها أعلنت وزارة التربية العراقية في بيان لها تلقى موقع (إرفع صوتك) نسخة منه، في 12 كانون الأول/ديسمبر، أن كوادرها استأنفت تسجيل مباشراتها بالدوام في المناطق المحررة داخل الموصل.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659